الدول العربية

الجزائر تدعو لحوار سوري بإشراف أممي

 دعت الجزائر، على لسان وزير خارجيتها أحمد عطاف، لإشراف أممي على الحوار بين الفرقاء السوريين، في ظل حرمة ووحدة التراب السوري، مؤكدة أنها تنطلق في مقاربتها من مبدأ الاعتراف بالدول وليس الحكومات.

وأوضح عطاف، في ندوة صحفية استعرض فيها حصيلة النشاط الدبلوماسي لسنة 2024، أن مواقف الجزائر بالنسبة لسوريا واضحة، وترتكز على ثلاثة أسس “أولها، أن سوريا تتسع للجميع ويشترك في صنع مستقبلها جميع السوريين”.

عطاف: هناك تخوفات ليس فقط من تحويل العتاد من أماكن لأخرى، والبحث عن قواعد جديدة، لكن تخوفات من نقل العناصر الإرهابية التي كانت في سوريا إلى بلدان أخرى

وذكر أن الركيزة الثانية تكمن في “الحرمة الترابية لسوريا ووحدة أراضيها”، كما “جاء بتوجيه” من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال خطابه الموجه للأمة أمام البرلمان بغرفتيه.

أما الركيزة الثالثة- وفق الوزير- فهي أن “الأمم المتحدة هي الإطار الأفضل للإشراف على حوار بين الفرقاء السوريين”.

وفي سياق حديثه عن الواقع الجديد في سوريا، أكد عطاف أن “السفارة الجزائرية في دمشق تواصل عملها بشكل طبيعي، والجزائر تعترف بالدول وليس بالحكومات، وهو نهج يعزز مرونة الموقف الدبلوماسي الجزائري عبر التاريخ”.

وذكر الوزير، حول توقعه لتطورات الوضع، أنه “من السابق لأوانه الجزم بأي تحليل، أو التنبؤ بتطور الأوضاع في سوريا، فالجميع في حالة ترقب من يتصل أو من لم يتصل بالسلطات الجديدة في سوريا”، مبرزاً، في الوقت ذاته، أن “هناك تخوفات ليس فقط من تحويل العتاد من أماكن لأخرى، والبحث عن قواعد جديدة، لكن تخوفات من نقل العناصر الإرهابية التي كانت في سوريا إلى بلدان أخرى”.

وأضاف قائلاً: “نحن في اتصالات عديدة مع المعنيين بالشأن السوري، ونطرح أسئلة على بعضنا، ما يهمنا هو بناء إجماع دولي لمساعدة السوريين لإخراج بلدهم من محنتهم، وهو ما دفعنا لخيار الأمم المتحدة كمظلة للبحث والنقاش في ما يخص سوريا، وهذا هو التوجه العام”.

نزاعات أفريقية
وفي الملف الأفريقي، جدد عطاف رفض الجزائر للتدخل العسكري في منطقة الساحل والصحراء، مؤكداً أن الحلول السياسية هي أساس تسوية النزاعات. وأوضح أن “الحل السياسي والدبلوماسي هو الأساس لتسوية النزاعات في القارة الإفريقية، وفق ما أثبتته التجارب التاريخية”، مشيراً إلى أن “ما يحدث في الساحل و الصحراء من توترات ليس الأول من نوعه في تاريخ المنطقة التي تعيش استقطابات”.

وفي الشأن الليبي، قال عطاف إنه، منذ البداية، كان هناك إجماع حول فكرة تنظيم الانتخابات على كل المستويات، للفصل في كل النزاعات القائمة، لكن مباشرة بعد الاتفاق حدثت خلافات حول من ينظم الانتخابات، ومن يملك الصلاحيات اللازمة لتنظيم الاستحقاقات، مشيراً إلى أن آخر المحادثات التي كانت بين الجزائر والمبعوثة الأممية بالنيابة إلى ليبيا كانت بهذا الخصوص.

وتطرق الوزير إلى مشكل التدخلات الأجنبية في ليبيا، مضيفاً أن “تداخل عوامل محلية وخارجية إلى جانب العناصر السياسية والجيوسياسية والسياسة الداخلية هي التي أوصلت ليبيا إلى هذا المأزق، الذي جعل من هذه الأزمة تستعصي على الحلول وكل المقاربات”.

واعتبر عطاف أن “كل الأفارقة بحاجة الى مفوضية قوية بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجه القارة، وهذا من أجل تقديم تصورات ومواقف وأجوبة دقيقة على ما يطرح علينا من أسئلة على غرار ما حدث مؤخراً مع مجموعة 20 التي شاركنا في لقائها بريو دي جانيرو بالبرازيل لأول مرة”.

وقال في هذا الإطار: “شاركت أفريقيا كعضو كامل العضوية في مجموعة 20 وكان منتظراً منا أن نقدم ملفات تتضمن طلبات واضحة، وهذا لم يتم بالصفة المنتظرة، حيث تم الاتصال بالجزائر من طرف أعضاء من المجموعة، لطلب توضيحات حول ماذا نريد من عضويتنا في هذه المجموعة”.

عطاف: الحل السياسي والدبلوماسي هو الأساس لتسوية النزاعات في القارة الإفريقية، وفق ما أثبتته التجارب التاريخية

وهو الشيء نفسه – يضيف – “بالنسبة لمجلس الأمن الدولي، حيث هناك موافقة مبدئية على منح أفريقيا مقعدين دائمين، وإضافة مقعدين غير دائمين لإفريقيا”، إلى جانب تقديم تصورات أيضاً في ما يتعلق بالعضوية في مؤسسة النقد الدولي والبنك العالمي، مؤكداً أن” تطوير التواجد الأفريقي داخل هاتين الهيئتين يتطلب منا التحديد والدقة”.

وفي تقييمه للسنة الأولى التي أمضتها الجزائر في عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، قال عطاف: “يحسب للدبلوماسية الجزائرية أنها كانت، منذ انضمامها لمجلس الأمن، وراء جميع المبادرات الهادفة لإبقاء الضوء مسلطاً على القضية الفلسطينية في كل وقت وحين (…) وأنها تقدمت بالعديد من مشاريع القرارات والبيانات لكبح جماح العدوان الإسرائيلي على غزة، كما أنها أعادت طرح ملف العضوية الكاملة لدولة فلسطين بمنظمة الأمم المتحدة على أسسه الحقة، كجزء لا يتجزأ من مقتضيات حل الدولتين الذي كرسته الشرعية الدولية لإحلال سلام عادل ودائم ونهائي في منطقة الشرق الأوسط”.

وحول قضية الصحراء الغربية، أكد الوزير أن “الموقف الجزائري، داخل مجلس الأمن وخارجه، يستمد قوته من ثوابت تاريخية لا تقبل الدحض أو التدليس، وهي الحقائق التي ترتبط تمام الارتباط، بكون القضية الصحراوية قضية تصفية استعمار لم يكتمل مسارها وبكون الشعب الصحراوي مؤهلاً لممارسة حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير المصير، وبكون التواجد المغربي على الأراضي الصحراوية احتلالاً دخيلاً مكتمل الأركان لا يمكن شرعنته ولا يمكن فرضه ولا يمكن القبول به كأمر محتوم”.

وشدد، من هذا المنظور، على أن “أي صيغة للحل تتنافى مع هذه الحقائق الثابتة، على شاكلة خرافة الحكم الذاتي، لا تعدو أن تكون تسويفاً ومماطلة ومناورة مفضوحة النوايا والمآرب”، مشيراً إلى أن “الشعب الصحراوي هو صاحب قضية وصاحب حق وهو مالك أرض”.

وذكر، في نقده لخطة الحكم الذاتي المغربية، أن “الأولى، ثم الأولى، هو التوجه صوب هذا الشعب واستشارة ممثليه، عوض استجداء الدعم في كل أرجاء المعمورة لخطة لم تعرض يوماً على تقدير من هو أول المعنيين بها، الشعب الصحراوي، وهو الشعب الذي، وبعد قرابة نصف قرن من معاناة الاحتلال، لم تضعف عزيمته، ولم تخبُ إرادته، ولم يتزعزع إصراره على استرجاع حقوقه كاملة غير منقوصة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى