” الانتاج الفني المدفوع سمة الاعلام الحالي ” بقلم : حسام الطائي
دفع الاجور لمشاهدة الانتاج الفني كالمسلسلات والبرامج والوثائقيات اسلوب جديد للاعلام ظهر في الدول الغربية وانتقل الى عالمنا العربي مؤخرا لكنه بدا بالانتشار نظرا لجدواه في دعم الانتاج الفني على مستويات متعددة بالاضافة لخصائصه المهمة لمنتجي المادة الفنية.
منصات الدفع لمشاهدة المواد الفنية سمة الاعلام المعاصر
في السابق كان الاعلام محلي ارضي، فعند بيع مادة فنية “مسلسلات او برامج او وثائقيات” لا يخرج عن نطاق الدولة الى دول اخرى، بالتالي يضمن حقوق المنتجين بعدم نشر المادة ويوفر امكانية بيع المادة الفنية الى تلفزيونات محلية ارضية اخرى مايعني استمرار حفظ الحقوق وامكانية الربح من البيع المتعدد.
بعد تحول البث الارضي للقنوات الى الفضائي واجه المنتجون خسارة اولى وهي انهم يبيعون المواد الفنية الى القنوات المحلية بسعر محلي لكن المادة الفنية تبث الى خارج الدولة ليشاهدها جمهور خارجي بالاضافة الى المحلي، فاصبح مشاهدو المادة الفنية اكبر وصارت تصل الى دول وجماهير اخرى لكن سعرها ظل محلي، وكمثال يستطيع اي شخص ان يشاهد مسلسلات مصرية او سورية او مغربية وهو جالس في العراق او الاردن.
كما هي خسارة للتلفزيون المنتج ايضا لانه يستهدف الجمهور الداخلي للمادة الفنية لكنه يبثها خارجيا وهذه الخسارة يستطيع التلفزيون تحملها لان لديه مصادر دخل مادي اخرى.
دخول شبكات التواصل الاجماعي “الفيس بك و يوتيوب واكس وسناب وغيرها” و برامج التواصل “الواتس اب والفايبر والماسنجر وغيرها” يعتبر خسارة مادية ثانية لمنتجي المادة الفنية لان موادهم بدات بالانتشار اكثر بين الافراد ليس في الدولة فقط بل بكل انحاء العالم، كما يتم اعادة نشرها على كل وسائل وبرامج التواصل الاجتماعي وهنا تفقد المادة تاثيرها وتضيع حقوقها الانتاجية والفكرية.
ورغم ان وسائل وبرامج التواصل الاجتماعي حققت للمنتجين مشاهدات واسعة وشهرة كبيرة وجمهور متابع لكن هذه الارقام لم تتحول الى دخل مادي الا في بعض الاحيان كالاعلانات ورغبة القنوات بشراء المادة الفنية وبعض الرعايات لكن هذه المدخولات قد لاتعتبر اساسية لدى البعض.
لماذا دفع الاجور لمشاهدة انتاج فني
ان دفع الاجور مقابل مشاهدة الانتاج الفني له خصائص كثيرة ومهمة لكلا الطرفين المشاهد و المنتج وهي:
خصائص دفع الاجور لمنتج المادة الفنية
الدخل المادي السريع والمستمر للانتاج الفني وهو امر مهم لاستمرارية الانتاج الفني وتغطية المصاريف والاجور باسرع وقت ممكن دون تراكمها وتحولها الى ديون قد تسبب ايقاف العمل.
مؤشر مهم لكادر الانتاج الفني والممثلين وغيرهم بان انتاجهم يحقق نجاح جماهيري وان هناك اجور تدفع لكي يستمر هذا الانتاج، على العكس من الانتاج المجاني الذي لايمكن تقييمه “عمل فاشل او ناجح” بشكل دقيق وهو عبء ثقيل على المؤسسات الانتاجية حيث تسعى لبيعه وقد لا يباع الا بعد سنوات لذلك يعتبر خسارة كبيرة.
استمرار دفع الاجور يسهم في “رفع جودة العمل” بكل مستوياته ( اجور الكادر، ادوات التصوير، الديكورات ومواقع التصوير وغيرها).
كما يولد استمرار النجاح والدخل المالي “شعور بالمسؤولية” من قبل الكادر تجاه جودة العمل والاداء لانهم يشتركون جميعا بنجاح العمل واستمرار دخله المادي لهم، فيصبحون كالموظفين حاملي الاسهم في الشركة الجميع يسعى لزيادة الارباح والجودة بالعمل.
الوفرة المالية تسهم في توليد افكار ابداعية جديدة غير نمطية لمنتجي المواد الفنية تسهم في تجديد جوهر البرنامج ومحتواه وطريقة تقديمه، وهذا الاسلوب يولد جمهور جديد واسع على العكس من الانتاج الفني المجاني الذي يسير بحسب رغبة جمهور محدد مستهلك لهذه المادة الفنية، لذلك نلاحظ تشابه الانتاج الفني للمسلسلات والبرامج المجانية لسنوات طويلة لان المنتجين لا يخاطرون بإنتاج افكار جديدة للانتاج الفني قد لا تباع.
خصائص دفع الاجور للمشاهد للمادة الفنية
مشاهدة مادة فنية ابداعية جديدة متميزة بكل محتواها الفني والاخراجي والحواري وغيره، وهذا يشمل المسلسلات والبرامج والوثائقيات.
تحقيق اثر ايجابي بعد مشاهدة المادة الفنية، بمعنى ان المادة الفنية الكوميدية تجعل المشاهد في حالة ترفيه وضحك واستمتاع حقيقي، مشاهدة برنامج علمي تعود بفائدة علمية حقيقية من مصادر موثوقة للمشاهد، اما الانتاج المجاني ففي كثير من الاحيان يكون حشو ومادة كوميدية تهريجية ومعلومات غير موثوقة او محدثة بالتالي هي مضيعة للوقت وعدم وجود اثر ايجابي من مشاهدتها.
يمثل دفع الاجور رأي المشاهد تجاه المادة الفنية، فهو حقه في الطلب من المنتج الفني بتقديم افضل الافكار والانتاج والمحتوى، فكلما ظهر تقصير من المنتج الفني توقف المشاهد عن دفع الاجور والمشاهدة.
الخلاصة
ان الاعلام الحديث الذي يعتمد على البث الفضائي وعبر وسائل وبرامج التواصل الاجتماعي يُفضل ان يعتمد على منصات المشاهدة مدفوعة الاجر لكي يحافظ على حقوقه من النشر العشوائي، ويضمن دخل مادي مستمر، ويتعرف على الراي العام حول المادة المنتجة هل تلبي رغبات المشاهدين ام لا والاستمرار برفع مستوى الانتاج وابتكار الافكار الجديدة.