“الاقتصاد المتين يحتاج إلى تخطيط استراتيجي سليم” بقلم : م. سعيد بن علي العبري نائب رئيس مجلس إدارة فرع غرفة التجارة والصناعة بمحافظة شمال الباطنة
تسعى جميع الدول إلى تقوية اقتصادياتها في المقام الأول من أجل عدة أسباب أبرزها توفير الوظائف و زيادة مستوى دخل الفرد والمحافظة على قوة واستقلال وسيادة الدولة وأيضًا لمواكبة التطور والمتغيرات الكبيرة التي تحدث بالعالم، لذا يعتبر الاقتصاد هو عصب الحياة والركيزة التي ترتكز عليها العديد من الجوانب المهمة لأي كيان وبلا شك هناك تنافس قوي بين الدول وصراعات علنية وسرية من أجل السيطرة والتحكم على أسعار النفط والصناعات البتروكيميائية أو التجارة أو خطوط النقل البرية والبحرية والجوية أو الصناعة او السياحة وجوانب اقتصادية أخرى عديدة ، وهناك عدة معايير تقاس بها قوة أي اقتصاد ومنها التنوع الاقتصادي بالدولة و الناتج المحلي الإجمالي وحجم الصادرات مقارنة بالواردات.
السلطنة وضعت رؤية طموحة واضحة المعالم وجعلت الاقتصاد على قمة الأولويات من خلال رؤية عمان ٢٠٤٠ وبلا شك تمكين القطاع الخاص يعتبر ضرورة قصوى في ظل الاستمرار في المشاريع التنموية ، لذا يجب على جميع الجهات الحكومية والخاصة أن تعيد تقييم فعالية أدائها وطريقة عملها وقوانينها وإجراءاتها ويجب أن تضع خطط محكمة مرتبطة بمؤشرات أداة لتنمية كل قطاع بحد أدنى ٥٪ ويزيد ليصل لبعض القطاعات الواعدة ١٠٪ وأكثر ، وبلا شك عُمان تتمتع بالعديد من المقومات التي تؤهلها لتحقيق الرؤية ومن أبرزها الاستقرار السياسي والاجتماعي والموقع الإستراتيجي والشواطئ الممتدة الطويلة وتنوع وجمال تضاريسها الجبلية والسهلية والبحرية والمسطحات الخضراء وأيضًا وفرة وتنوع المعادن الموجودة بباطنها وفي جبالها وغيرها الكثير.
هنا سأسلط الضوء على ضرورة تنظيم الأسواق التجارية بجميع أنشطتها وضرورة تنظيم الأنشطة الصناعية بما يسمى بالمناطق الصناعية بكل ولاية، للأسف سوء التنظيم للأسواق أفقدهم قوتهم التنافسية فحين تتجول في ما يسمى بمراكز الولايات والتي يجب أن تجد سوق يتميز عن باقي المناطق التجارية الخدمية المنتشرة بباقي مناطق الولاية فإنك لا تشعر أنك في مركز الولاية حيث السوق المركزي الذي يحتوي على مختلف البضائع بترتيب واضح ومنظم ، هذا الأمر أدى إلى عزوف المواطنين والمقيمين بالسلطنة عن إرتياد هذه الأسواق وبالتالي البحث عن أسواق أخرى بدول مجاورة لتلبية متطلباتهم وبالأخص الولايات الحدودية ، وبالتالي أصبح أصحاب المحلات التجارية يستوردوا بضائعهم من دول أخرى غير بلد المنشأ بسبب قلة الطلب مما يؤدي إلى زيادة سعر السلعة والتي تشكل تحدي آخر لدى المستهلك والتاجر .
موانئنا أصبحت منتشرة على العديد من الولايات وتعمل بكفاءة طيبة وشوارعنا مهيئة لنقل البضائع فيجب استغلال هذه الجوانب من أجل أولاً المحافظة على القوة الشرائية لدى سكان السلطنة وأيضًا استهداف استهلاك سكان الدول المجاورة ، وهذا لن يأتي إلا برؤية واضحة من المجلس الأعلى للتخطيط ووزارة البلديات الإقليمية وبلدية مسقط لعمل مخططات لأسواق مركزية حقيقية لكل ولاية حيث يتوفر سوق الأسماك والخضار والمحلات التجارية والخدمية في نطاق واحد أو قريبين من بعض بتنظيم واضح وبنظام القطاعات وفي المقابل الأنشطة الصناعية ومحلات مواد البناء يتم تنظيمهن بحيث تكون الأنشطة المتماثلة بجنب بعض ، وهذا ينطبق على جميع الولايات وبلا شك مراكز المحافظات تعطى خصوصية معينة كمراكز لهذه الأسواق .
هناك العديد من الفوائد من تنظيم الأسواق ومن أبرزها تشجيع تجارة الجملة وتعاون صغار التجار لاستيراد بضائعهم من دول المنشأ مباشرة وإيجاد فرص عمل أكثر وبالتالي تدني الأسعار وأيضًا المساعدة في زيادة حركة موانئ السلطنة وتشغيل أكثر لعمليات النقل والأهم هو المساهمة بشكل أكبر في زيادة الناتج الإجمالي المحلي للدولة والذي ذكرناه أنه يقوي اقتصاد البلد.
نحتاج إلى تخطيط سليم ورؤية واضحة لمستقبل أسواقنا وتجارتنا بمختلف أنواعها من أجل تصحيح المسار واستغلال مقومات البلد الاستغلال الأمثل.