مقالات

“الإنسانية في وداع أميرها” بقلم : د. حميد بن فاضل الشبلي

تودع دولة الكويت الشقيقة مساء اليوم أمير الإنسانية ، المرحوم بإذن الله صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح رحمه الله ، هذه الشخصية التي عرفها العالم بحب الخير ونشر المحبة والوئام والسلام ، كان رحمه الله دائمًا بشوش الوجه لذلك لم تفارق الإبتسامة وجهه رغم بلوغه سن التسعين عامًا ، أحب شعبه فأحبه الشعب وفي ذلك ضرب أروع مثال في اهتمامه بسلامة أبناءه من كل شر ومكروه ، عندما كان أول الواصلين إلى موقع التفجير الإرهابي الذي طال مسجد الإمام الصادق شرق العاصمة الكويتية ، حين حاول رجال الأمن إبعاده عن الموقع لخطورة الوضع إلا أنه رد عليهم بمقولته الشهيرة ( هذولا..عيالي ) ، ليثبت للعالم أنه لا يوجد تمييز في الكويت بين أفراد مجتمعه وكلهم أبناءه.
أمير الإنسانية لم يمنعه كبر سنه ولا وضعه الصحي من التخلف عن أي اجتماع عربي وإسلامي يساهم في توحيد الأمة ، وبذل قصارى جهده من أجل غلق ملف الخلاف الذي طرأ على العلاقات الأخوية بين الأشقاء لبعض دول مجلس التعاون إلا أنّ الله لم يكتب له التوفيق في حل هذه الأزمة حتى فاضت روحه إلى بارئها ، حمل بو ناصر أروع الصفات الكريمة من التواضع والبساطة وحب الفقراء والتواجد في الحياة العامة ، كذلك عرف عنه العمل في صمت وخصوصًا في أعمال الخير وإصلاح ذات البين ، وأشهر ما تميز به رحمه الله دبلوماسية التوازن والوسطية التي انتهجها في حُكمه وحياته ، لذلك لم يخلق له خصومًا ولا أعداءً حيث كان محبوبًا ومعشوقًا من الجميع ، وكان رجل السلام الأول بلا منازع حيث سخر طائرته للتواجد في كل مكان يسمع فيه بوجود خلاف أو نزاع ليساهم في إطفاء نار ذلك الشقاق .
ليلة البارحة خيم الحزن والألم في حياة جميع المجتمعات العالمية فور إعلان خبر وفاة سموه رحمه الله ، وتوحدت صور بروفايلات الهواتف والحسابات بصورة أمير الإنسانية داعية الله تعالى له بالرحمة والمغفرة ، حزن على وفاته الصغير والكبير الذكر والأنثى ، ولكن هكذا كانت إرادة الله أن يغادر هذا الفارس والأمير هذه الدنيا ، ليضرب أروع مثال لشخصية إنسانية كرست حياتها لخدمة البشرية ونشر مبادئ المحبة والسلام ودرء الفتن والدعوة إلى التسامح والحياة الكريمة والبعد عن الإرهاب والتطرف واحترام حقوق الإنسان.
وحول العلاقة بين الكويت وسلطنة عُمان كان للأمير الصباح والسلطان قابوس رحمهما الله وأدخلهما فسيح جناته ، أبلغ الأثر في التعاون والمحبة بين الشعبين الشقييقين ، لذلك الطبيعة العمانية أخذت حيزًا كبيرًا من إعجاب وحب الأمير بو ناصر رحمه الله ، فأصبحت سلطنة عُمان لديه هي الكويت والكويت هي سلطنة عُمان ، حتى أصبح سموه رحمه الله معشوق الشعب العُماني ، ولما وصلت البارحة أخبار وفاة الأمير في أمريكا خيم الحزن على جميع الشعب العُماني وخصوصًا كبار السن الذين عاصروا هذه الشخصية الإنسانية الجميلة بجمال روحها وكرم أخلاقها ، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا ، إنا على فراقك يا بو ناصر لمحزونون ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وعظم الله لكم الأجر يا شعب الكويت الشقيق في رحيل الفقيد الغالي ..

[email protected]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى