مقالات

“الأبناء يتعاملون حسبما يتعلمون” بقلم: أميمة عبد العزيز زاهد

قالت: أنا فتاة أحيا مع عائلتي التي انعم الله عليها بالمال والمكانة الاجتماعية المرموقة جميع طلباتي أوامر ولا أتمنى شيء إلا ويتحقق ولا تظني أني سعيدة فالنظرة للسعادة من هذا الجانب تظل نظرة قاصرة وفيها الكثير من الخلل فأنا بكل بساطة أتعس مخلوقة على وجه الأرض، نعم أنا أملك المال، أركب أفخم السيارات، أجوب أفخم الأسواق وألبس أحدث الموديلات لكني أعيش وفي داخلي رعب دائم يلازمني الهم والقلق واتجرع مرارة الألم ومع كل يوم تغيب شمسه أفتقد إلى الإحساس بالأمان ومحرومة من شيء اسمه الحنان,هل تصدقي أنني أعيش أسوأ وضع أمني داخل منزلي، نعم والله أعيش القلق فوالدي لا أراه بالأسابيع لأنه مشغول بعمله وله عالمه الخاص به وإذا بحثت عن أمي صدر الحنان والشاطئ الذي أغسل فيه أحزاني وجدت رجع الصدى فهي أيضا لها عالمها الذي تحيا فيه ما بين عملها وصديقاتها وسهراتها وأنا ضائعه مازلت أبحث عن قارب النجاة داخل منزلي
وتقول أخرى لا أريد أن أصارح أمي وأبي مما اعانيه وأشعر بأني وحيده ومخنوقة فأنا أخاف منهما ولم أتعود يوماً أن اجلس بجانبهما ولو صدف أن أخبرتهما شيئاً مما اعانيه لا اسمع منهما سوى الاستهزاء ويقوما بعقابي وحبسي وحبس حتى كلماتي وفكرت ماذا أفعل وبمن أستعين وأخرى تقول الجميع مشغول عني والكل يعاملني بقسوة ويحدثني بحدة اشعر في بيتي بأن لا احد يفهمني أمي تعطيني أوامر يومية وليس لديها وقت لتسمع إحتياجاتي ومتطلباتي أو تعرف مخاوفي لتساعدني في حل مشاكلي وأبي لا يهتم بي بل يهتم بأخي الأصغر فيأخذه معه كلما خرج ويتحدث ويحاوره أما أنا فلا احد يحس بي فكلما رأتني أمي تنهرني وتطلب مني أن أذاكر وأبي لا يريدني أن أجلس معهم وفي المدرسة المعلمات لا يفهموني ووصلت للمرحلة الثانوية ولم   يشعرني أحد بالتقدير والاحترام فأبي مازال يتهكم على أقوالي وتصرفاتي .. وأخي الصغير يسعد بذلك ويهزأ بي ولم أجد من يبادلني الحديث والحوار والاهتمام لقد سئمت هذه الحياة
وتقول أخرى أمي علمتني معنى الخضوع والإستسلام
وزرعت بداخلي النفور لشكها في كل شيء فلا تعترف بمبدأ الخصوصية فتقوم بالتفتيش في متعلقاتي الخاصة بحثا عن أي إدانة وكان من المفترض أن تفهمني وتثق في وتمنحني الاحترام والتقدير وتتواصل معي وتشاركني اهتماماتي وتتقبل أفكاري كما هي ومن ثم تقومني وترشدني وتنصحني وتوجهني عليها وأن تمنحني الثقة لأفتح لها قلبي وتتحدث معي في كل ما يخصني ويهمني
أعود وأقول : مشاكلنا لن نجد لها حلول إلا بالحوار الحقيقي بدل التنافر والصراع ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلاً لا شكلاً بحيث يشعر المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وتفرده حتى لو لم يوافق الأهل على آرائه فالمراهق له حق مشروع في أن يصرح بآرائه وأن يجد لدى الأهل آذان صاغية وقلوب متفتحة ولا بد أن نفسح له المجال ليشق طريقه بنفسه حتى لو أخطأ، فالأخطاء طريق للتعلم.
الوالدين يعتبران قدورة للأطفال وهو يقلدونهم بشكل دائم فإن كانا بعيدين عن لغة الحوار، سيكون الأولاد أبعد من الوالدين عنها و يحتفظون بهذه الطباع حتى عندما يكبرون فالأبناء يتعاملون حسبما يتعلمون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى