“موهبة بدأت عملية الحصاد” بقلم: د. طلال بن سليمان الحربي
الحديث عن موهبة ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع حديث الوطن، فالمهمات التي يقومون بها، من حيث تسهيل عملية اكتشاف المواهب، ومن ثم تنميتها وصقلها وتوجيهها، وبعد ذلك تمكينها تسخيرًا لخدمة الوطن والمواطن والإنسانية جمعاء، نتحدث عن العديد من الإنجازات التي تحققت والجوائز والمؤتمرات التي نُفذت وتم المشاركة بها، سواءً في المملكة أو خارجها، وحديثنا اليوم، عن خطة العمل والإستراتيجية الجديدة التي بدأت المؤسسة بتنفيذها منذ تولي معالي الدكتور سعود المتحمي مهام الأمين العام لموهبة، والتي تزامنت مع انطلاقة رؤية المملكة 2030، وتماشيًا مع قواعد وأسس برنامج التحول الوطني، فإن هذه الخطة الجديدة قد بدأنا نلمس نتائجها، ونستعد لقطف ثمارها، وكأننا بتشبيه حقيقي قد زرعنا وآن أوان الحصاد.
موهبة تطلق البرنامج الوطني للكشف عن الموهبين، ولكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها من البرامج والحملات، لأن مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، بإدارتها العملية العلمية، قد بدأت بربط خيوط عملية تمكين المواهب وأصحاب الإبداع والابتكارات، بحيث يتم الربط بين الموهبة نفسها، وبين الجهات سواءً الداعمة لهذه الموهبة أو المستفيدة منها، والأمر سيشمل القطاعين العام والخاص، وإن كانت مسيرة التعاون بدأت منذ العام 2011 ميلادي، خاصة مع وزارة التعليم ومركز القياس الوطني، إلا أن هذا البرنامج الأحدث، سيتوسع حتى يتم إنشاء منظومة دعم المواهب والابتكارات وتنميتها والإستفادة منها، من هيئات ووزارات، ومؤسسات عامة وخاصة.
الأمر الآن أصبح ليس مجرد تحقيق أهداف برنامج موهبة وحسب، بل عملية تشجيع وتحفيز لكي يبحث المواطن سواءً كان فردًا أو جماعة، عن مكنونات العقل والتدبير الإنساني، مع استغلال ما يتوافر من إمكانيات تقدمها الدولة، وهذا يعني توسيع قاعدة المواهب التي يمكن اكتشافها، إضافة إلى توسيع قاعدة نوعية المواهب التي تحتاج إلى تنمية وصقل وتبني، وتبدأ العقول السعودية خاصة الشباب منها، بعملية التخصص في الموهبة، والانضباط ضمن قواعد عامة سواءً سلوكية أو قواعد السوق والاقتصاد، أو المنظومة المجتمعية الوطنية، لأن الموهبة ليست فقط لغة يمكن التحدث بها، بل يجب أن تكون مصفوفات هذه اللغة متناسقة ومرتبطة، وتحقق الفائدة المرجوّة منها.
لعل حدود المواهب سابقًا كانت محدودة، لكن اليوم فإن مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، جعلت فكرة الموهبة أعم وأشمل، لتغطي كافة مناحي الحياة، من اقتصادية وترفيهية ورياضية وتنافسية وتجارية، وترسخ المؤسسة مفهوم أنه متى ما وجدت التربة الصالحة لتربية الموهبة، فإن الموهبة ستنمو، وتنمو معها مواهب أخرى، وحتى تكتمل حلقة الرعاية بالموهبة فإن مرحلة الحصاد حتمًا ستأتي بالخير على الوطن كله بكل مكوناته.
مؤخرًا حضرت حفل إطلاق برنامج الموهبة للسنة الثانية عشر على التوالي، وكوني من المتابعين له كل عام، فلقد لمسنا التطور والمهنية والإيجابية في الإطلاق لهذا العام، خاصة أن مفاهيم المنح الدراسية، والمواهب ذات الأثر الإنتاجي الذي يعود بالخير على أصحاب هذه المواهب، قد بدأت تتكون وتنضج وتصبح جاهزة لتتحقق على أرض الواقع، وبكل تأكيد فإن خلال فترة زمنية بسيطة، سنشهد جيلاً سعوديًا يخطو بثبات نحو المستقبل، ويحقق الإنجاز تلو الإنجاز، وأهم ما يجمعهم أنه من خريجي برامج الموهبة ونتائج أعمالها، ليكونوا خير مثال يُحتذى به ونموذجًا يُتبّع من الأجيال القادمة، ولكي تستمر عملية التطور ومواكبة التطورات التكنولوجية الإنسانية العالمية.