مقالات

“فتبينوا” بقلم: د. أحمد بن صالح البرواني أستاذ القانون الجنائي المساعد بكلية البريمي

هو أمر رباني خالد ليس لأحد أن يخالفه، وتظهر أهمية هذا الأمر الرباني في زماننا هذا خاصة مع إنتشار الأخبار والشائعات قبل أن يرتد للإنسان طرفه.

ما يحصل الآن أن الواحد منا عندما يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الأخرى يجد الكثير والكثير من المعلومات والأخبار المكتوبة والموّثقة في فيديوهات وصور وتعليقات وغيرها، والأمر الهام هنا ليس تلك المنشورات وإنما مدى صحتها من عدمه.

وللأسف الشديد نجد البعض ممن يتحاور بخصوصها مع الآخر سواءً أكان يعرفه أو لا يعرفه، وتصل تلك المحاورات إلى تبادل الشتائم والسّباب وربما تتجاوزها إلى سب دول وشعوب والأسوأ من ذلك فهناك من يسب دين الآخر وذاك يلعن دينه.

إن على الواحد منا أن يحاول أن يتلقى الخبر من مصدره الصحيح وهذا يوجب على المصادر الرسمية النشر بكل شفافية ومصداقية لتجنب فقدان الثقة فيما تنشره لاحقًا ولأن الله مُطّلع على السر وما أخفى.

وما أود أن أنبه نفسي عليه وأرجو أن تفعلوا ذلك أن تضييع الوقت فيما لا ينفع مضيعة للنفس وللوقت وللجهد وللمال وللأسرة وللكثير من الأمور، ولعل المعتبر منا يجد أن من أشغل نفسه بتطوير نفسه والرقي بعلاقته مع الله قد نال حظًا وافرًا من الراحة من عناء الأخبار والمُهاترات وحفظ نفسه عن الدخول بها في تلك المواضع وسّلم من قيل وقال وشتم وسِباب فأراح نفسه وسَّلِم هو وسَّلَم غيره من ذلك وبالتالي كسب وقته في راحة وصفاء ذهنه وتفرع لعلمه وعمله وعبادته وأسرته.

لقد أنتج الدخول في نقاش غير مجدي مشاكل بين الأصدقاء والأهل وبين الأسر وبين قاطني مناطق داخل الدولة نفسها وبين دول وشعوب، و المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي يجد أنها بالرغم من تسهيلها للتواصل الاجتماعي إلا أنها أفرزت العديد من الممارسات الضارة بالجوانب الاجتماعية وفي مقدمتها ضياع الوقت في مناقشات غير مُجدية ليتحول الأمر بعدها للشخصنة ليترتب عليه انقطاع العلاقات أو الوصول لمرحلة أقل ما يقال عنها فقدان البراءة وهي مرحلة يتوجس فيها كل طرف من الآخر.

إننا أمام أمر يجب أن نتناصح جميعًا بخصوصه فأوطاننا بحاجة لكل فكر وجهد منا لنرتقي بها، وتلك المُهاترات هي من باب القيل والقال وهي مكروهه بطبيعة الحال، وبالتالي يتضح أنها نوع من الإلهاء عن تطوير أنفسنا وأوطاننا وإبعادٌ لنا عن إدراك ما نحن فيه وما يجب أن نعمله.

خلاصة الأمر، يجب علينا أن نتأكد من مصادر أي معلومة قبل أن نجعلها معلومة يقينية في أذهاننا ويجب على الجهات المعنية التعامل بالقدر الكافي من الشفافية والمصداقية وتلقي أي اقتراح أو نقد بصدر رحب، كما يجب علينا أن نبتعد عن الدخول في المُهاترات وأن نبعد أوطاننا عن تلك المَّواطِن فحُب الأوطان يفرض على الإنسان أن ينأى بها عن موطن المُهاترات، وأن لا نّسب دين أحد حتى لا يُسَب ديننا جهلاً وعدوًا.

إن حرية التعبير محفوظة ومصانة بموجب الدساتير والقوانين وبأمر من رب العالمين، ولكن يجب أن تمارس في ضوء الضوابط المقررة والتي أهمها العلم بالقدر الكافي بالحدود الشرعية والقانونية لممارستها والإلتزام بذلك.

أدام الله علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار والتقدم والازدهار وحفظ عُماننا الغالية وسلطاننا الهيثم وغفر لوالدنا السلطان قابوس وجمعنا به وسائر موتانا وموتى المسلمين في الفردوس الأعلى من الجنة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى