“مختصرات نظرية دوائر المعارف ( الموسوعية)” اعداد: بلقيس محمد عطية – طالبة دكتوراه في جامعة أم القرى
تستمد النظرية التربوية مقوماتها في أي مجتمع من العقيدة أو الفلسفة السائدة فيه سواء أكانت عقيدة دينينة أو فلسفة مثالية أو مادية أو طبيعية، وتتأثر هذه النظرية بعوامل عديدة منها الحضارة السائدة، وطبيعة العصر، والأهداف السياسية والاجتماعية والنظام الاجتماعي والمستوى الاقتصادي.
وتستند النظرية الموسوعية إلى فكرة الحكمة الشاملة وإلى العقلانية العميقة اعتبر أصحاب هذه النظرية أن نشر المعرفة وتطوير العقل البشري عاملان ضروريان لتقدم الجنس البشري حيث يرى أصحاب هذه النظرية أن كل معارف العالم الحقيقي مفيدة وينبغي أن يتضمنها المنهج، لذلك كان من الطبيعي أن تتحول التربية إلى نشاط ذهني من جانب كل من المتعلم والمعلم لأن المعرفة هي الخير الأسمى، فأصبحت الكتب المدرسية على شكل قواميس ودوائر معارف, حيث يتم اكتساب المعرفة لأجل المعرفة نفسها والانتفاع بها, واعتبار العقل مخزناً يجب أن يملأ بالحقائق، حيث أنها تركز على العقل وتهمل بقية الجوانب في النمو الأساسية. أي أن التربية المثلى هي التربية المدرسية التي تركز على تنمية العقل وقدراته.
من أشهر رواد دوائر المعارف:
1- جون آموس كومنيوس (1592-1670):
ازدهرت بفضله مقترحات اصحب دوائر المعرفة في الفلسفة التربوية الفرنسية حيث كان ينادي بها في محيط ثلاث دوائر أساسية هي الاله والطبيعة والفن ويرى ان الأولى متضمنة في الأثنين الأخرين وأن الطبية هي المرأة البسيطة والسلبية للخالق بينما الفن الذي ابتدعه الانسان هو المحاكاة الايجابية له.
2- رينيه ديكارت (1596-1650):
سار على نهج كومنيوس حيث أضاف نقطة العقلانية العميقة إلى النقاط السابقة لدى كومنيوس, صاحب كتاب(تأملات في الفلسفة الأولى) وصاحب المقولة والحكمة الشهيرة: أنا أفكر إذاً أنا موجود. وقد قام بدور فعال في تطور الفكر التعليمي الموسوعي, طور وسيلة لتجاوب العقل لأمور ما وراء الطبيعة سميت بالديكارتيه عبر عنها بقوله للوصول إلى الحقيقة لابد من تفريغ العقل من كل الآراء والأفكار التي تلقاها وإعادة بناء نظام جديد قائم على أساس النظام المعرفي للإنسان نفسه.
وخصائص نظرية دوائر المعارف (الموسوعية):
هذه النظرية متحيزة للعقل من دون الجوانب الأخرى، وقد قدمته على الدين كرد فعل لتسلط الكنيسة في تلك الحقبة من الزمن فاكتساب المعرفة من أجل المعرفة ذاتها والانتفاع بها واعتبار العقل مخزناً يجب أن يُملأ بالحقائق وإن كل إنسان يجب أن يتعلم تعلماً كاملاً ويبنى بناءً متكاملاً في جميع الوجوه لكي تكتمل طبيعته الإنسانية وأن يربى بجميع الأساليب والوسائل لكي يستنير بالمعرفة والحكمة والحقيقة، لأن العقل الإنساني قادر بقوته الذاتية وبدون تدخل من قوى ومصادر أخرى على استيعاب نظام العالم ومهمة التربية الوصول إلى معرفة الحقيقة ويتم ذلك عن طريق التدريب العقلي والتفكير المنطقي والاستنتاج وتنمية قوى الفهم عن طريق المعارف والمعلومات بانتقاء الخبرات التعليمية التي تؤدي إلى نضج العقل، والتحكم بالنفس واحترام الآخرين والعلاقات الاجتماعية.
إيجابيات نظرية دوائر المعارف :
– استمرارية التربية طوال الحياة وهذا يتفق مع التوجه الإسلامي .
– أوضحت النظرية ضرورة النظرة الكلية الشاملة للمعرفة وفي ذلك نوع من الربط الثقافي اللازم لتكوين المواطن الصالح على المستوى الإنساني والعالمي.
– نادت النظرية بتحرير العقل الإنساني , وفكرة التحرير لازمة لتكوين المواطن القادر على التفكير والتجديد.
– سهولة تخطيط المنهج في ضوء هذه النظرية وتنفيذه , وتقويم آثاره , وبأقل مبذول من المال والجهد والوقت , وهذا سبب التزام المسئولين التربويين بهذه النظرية وتفضيلهم لها.
– تخدم التسلسل المعرفي والمنطقي للمعرفة من البسيط للمعقد ومن الجزء للكل .
– تنظر إلى جميع العلوم المختلفة نظرة متساوية حيث تأخذ بالمعرفة التراكمية والكمية .
سلبيات نظرية دائرة المعارف :
– لم يتوافق توجه هذه النظرية مع الانفجار المعرفي بالإضافة إلى الحاجة الماسة لإجراء البحوث المتخصصة .
– عدم وجود توازن بين الاتساع الرأسي في المواد والاتساع الأفقي ،حيث جل التركيز على العديد من المواد الدراسية .
– ركزت على الجانب المعرفي فقط ، وأغفلت باقي جوانب النمو الأخرى مثل الجانب الروحي , والانفعالي ,والوجداني , والاجتماعي والمهارى ,فكل تلك الجوانب تحتاج إلى تربية لكي تكتمل شخصية الإنسان( لتحقيق النمو الشامل ) .
– اعتمادها على المواد النظرية دون المواد التطبيقية ( العملية ) .
– أثارت الصراع بين الدين والعقل بالنسبة للأديان المحرفة الأخرى .
– إن المنهج الذي ينبع من الالتزام بهذه النظرية يعاب عليه أنه لا يهتم بحاجات التلاميذ واهتماماتهم وخبراتهم ومشكلاتهم ,عدم مراعاة حاجات المجتمع .
– لا يراعي مبدأ الفروق الفردية بين التلاميذ رغم وجودها بصفة ملموسة بينهم.
– لا تساعد على اكتساب مهارات التعليم الذاتي ، رغم أهميته في مواجهة الانفجار المعرفي الحاصل في هذا العصر .