مجلس التعاون الخليجي: إعادة إعمار سوريا واستقرارها ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

أكد السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن إعادة إعمار سوريا واستقرارها هو ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها، مشددا على أن مجلس التعاون سيظل داعما لكل المبادرات التي تضع سوريا على مسار التعافي، مسار بعيد عن النزاعات، مبني على أسس العدالة والتنمية والاستقرار.
وقال البديوي خلال كلمة له اليوم، في مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا: “نجتمع اليوم لإرسال رسالة أمل إلى الشعب السوري بأن العالم لم ينسه، وبأننا نقف إلى جانبهم في هذه اللحظة الفاصلة، لحظة تتطلب منا جميعا العمل من أجل تنسيق جهود الدعم الدولي للمرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا والسبل الأمثل لتقديمه، وتحديد أولويات الدعم المطلوبة، لأن ما يحدث في سوريا تحد إنساني وسياسي وأمني يمسنا جميعا”.
وأشار إلى أن سوريا شهدت تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة، ما يستوجب منا جميعا موقفا موحدا يضمن الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، وأن دول مجلس التعاون وقفت إلى جانب الشعب السوري، انطلاقا من قناعة راسخة، بأن سوريا القوية والآمنة والمستقرة، ليست فقط لمصلحة سوريا، بل هي مصلحة خليجية وعربية ودولية، وأن المجلس الوزاري لمجلس التعاون عقد دورته الاستثنائية (46) في 26 ديسمبر 2024، في الكويت في هذا الإطار، حيث أكد على دعم كافة الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية شاملة، مرحبا بالخطوات التي تم اتخاذها لضمان سلامة المدنيين، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها، والتأكيد على أن حصر السلاح بيد الدولة هو الأساس لاستعادة الاستقرار، كما أيد المجلس دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء بعثة أممية لدعم العملية الانتقالية في سوريا، فنحن نؤمن بأن المجتمع الدولي يجب أن يكون شريكا في إعادة بناء سوريا، لا مجرد مراقب للأحداث.
كما تطرق خلال كلمته، إلى التحركات الدبلوماسية المكثفة لدول مجلس التعاون، ذاكرا زيارته إلى سوريا للالتقاء بالقيادة السورية الجديدة في دمشق، والتي أتت استجابة لما تم التوافق عليه في اجتماع المجلس الوزاري التشاوري، الذي سبق انعقاد اجتماع الدورة الاستثنائية الـ46 للمجلس الوزاري الموقر، والتي عقدت بتاريخ 26 ديسمبر 2024 في الكويت، والذي شدد فيه أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء خارجية دول المجلس، على أهمية إرسال رسالة خليجية موحدة، لدعم وتضامن المجلس مع سوريا، وتأكيدا على التزام مجلس التعاون بدعم الشعب السوري في هذه المرحلة المصيرية.
كما ذكر أن هذا المؤتمر هو استمرار لجهودنا المشتركة، حيث شاركت دول مجلس التعاون والأمانة العامة في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى بشأن سوريا، الذي استضافته فرنسا في 13 فبراير 2025، وتم التركيز على دعم عملية انتقالية شاملة، وتحديد الاحتياجات الأساسية لإعادة الاستقرار في سوريا، كما سبق ذلك اجتماعات موسعة استضافتها المملكة العربية السعودية في 12 يناير 2025، لبحث سبل دعم سوريا، والسعي لرفع العقوبات عنها، والبدء بتقديم كافة أشكال الدعم الإنساني والاقتصادي، وبناء القدرات اللازمة لإعادة الإعمار، ولإيماننا بأن تعافي سوريا يتطلب دعما اقتصاديا قويا، فقد أكد المجلس الوزاري في دورته الأخيرة 163 التي عقدت في مكة المكرمة في 6 مارس 2025، إلى رفع العقوبات، لتمكين الاقتصاد السوري من الوقوف على قدميه مجددا، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم بكرامة وأمان، وأن مجلس التعاون يحث كافة الشركاء والدول والمنظمات المعنية على تقديم كافة وسائل الدعم للشعب السوري، مؤكدا في هذا السياق على استمرار دوله في تقديم المساعدات الإنسانية، كما رحب بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا بتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، وأن المجلس الوزاري عقد اجتماعا مشتركا مع وزير خارجية سوريا، خلال أعمال الدورة المشار إليها، لبحث سبل دعم الشعب السوري وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة المهمة.
وقال إن دول مجلس التعاون لم تألو جهدا في تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب السوري، وإدراكا لحجم المعاناة التي مازالوا يواجهونها، فقد أرسلت دول المجلس مئات الأطنان من المساعدات الطبية والغذائية عبر الجسور الجوية والبرية، كما نفذت عشرات البرامج التطوعية في المجال الصحي، استفاد منها أكثر من عشرات الآلاف من الأشخاص، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل للمتخصصين في المجالات الطبية، بهدف دعم القطاع الصحي في سوريا.
وفي ختام كلمته شدد السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، على أن مجلس التعاون يدعم أمن سوريا واستقرارها، ويدين هجمات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة على الأراضي السورية، ويرفض الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة العازلة، كما يطالب بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي السورية المحتلة، مؤكدا على أن الجولان سيظل أرضا سورية عربية لا يغير الاحتلال من هويتها شيئا، كما يرفض مجلس التعاون أي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية في سوريا، لأن مستقبل سوريا يجب أن يكون ملكا لشعبها، وليس نتيجة لمخططات خارجية أو حسابات إقليمية.