مقالات

” نشر اخبار الجرائم” بقلم الدكتور أحمد البرواني

اعزائي المتابعين اعتذر لكم عن الانقطاع خلال الفترة الماضية وذلك لبعض الظروف واتشرف باللقاء معكم من خلال هذا المقال والذي سأتحدث فيه عن نشر اخبار الجرائم وصور المجرمين.
في أول الحديث أود التأكيد على أن سلطنة عمان وفقا للنظام الأساسي للدوله هي دولة عربية إسلامية، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأول للتشريع، ولذا علينا دائما وابدا ان نرجع لأحكام الشريعة الإسلامية لمعرفة ما ينبغي علينا اعتقاد من افكار والقيام به من أفعال وما يجب قوله باللسان، وهذا النهج الرباني هو المخرج لما يلم بنا من ملمات فالله وحده اعلم بما يصلح خلقه في جميع الأمكنة والازمنة.
لقد ظهرت الجريمه من بداية خلق بني آدم فها هو قابيل قد قتل هابيل ولعل من قبله حسد ابليس وغوايته لسيدنا آدم ليخرجه من الجنه، ولا تزال الجريمة إلى أن يشاء الله، ولو كان هناك من مجتمع خاليا من الجرائم لكان عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن بعده عهد الخلفاء الراشدين، ولكن مع وجود أمة مؤمنة عفيفة تقية نقيه وجدت الجريمه بشكل أو بآخر، ولذا فلم يصف القرآن الكريم عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه عهد المعصومين من ارتكاب الخطايا والذنوب بل نجد ان الله حذر المؤمنين من الشيطان وشركه ومن اتباعه إلى يوم الدين، وحذرنا من شياطين الإنس والجن.
لقد وضع الإسلام خطة للتعامل مع الجريمه ولعل اهم هذه الخطوات ان الله كرم بني آدم وأمر بالحفاظ على كرامته وأن كان عاصيا، فالهدف هو الإبقاء على كرامة بني آدم فلعل في ذلك علاجا له أو على أقل تقدير ان لا تكون المعاملة الإحاطة بكرامته سببا في استمراره في الإنحراف، أو سببا في جذب غيره للانحراف حتى لا يكون هو وحده في مستنقع الانحراف، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِـيّ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ».

كما أن الاسلام أمر بالستر حتى لا تشيع الفاحشة في المجتمع، ولكن من يجترئ على الحقوق فيندب كشف حاله للناس حتى يتوقوه ويتجنبوا شره.

ولقد كان منهاج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم محفزا لأصحابه على فعل الخير واجتناب الشرور والمعاصي بل كان يبعد عن ذكرها، وكان النَّـبِيّ صلى الله عليه وسلم عندما يغضب من فعل شخص أو لا يعجبه قوله، ويخاف أن ينتشر هذا القول أو الفعل فى المجتمع المسلم كان صلى الله عليه وسلم يقول في المنبر: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَفْعَلُونَ كَذَا…».
ومن باب النصح لنفسي ولكم اقول انه يجب البعد عن قراءة ومتابعة أخبار الجرائم لما لها من تأثير سلبى هدام للأخلاق، ويجب علينا البحث عن أخبار الخير والمودة والتراحم فى المجتمع لِأن لها تأثير إيجابى على المسلم وعلى المجتمع.

إن الشريعة الإسلامية وهي في سبيل محاربتها للجريمة لم تبدأ بالمجرم، ولكنها بدأت بعلاج الأسباب التي قد تدفع الإنسان إلى ارتكاب الحرام، فأوجبت على ولي الأمر ضرورة توفير مستلزمات الحياة من مسكن ومأكل ومشرب وملبس، وتوفير الأمن، ولقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لأحد ولاته الجدد : ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ فأجاب: أقطع يده. فقال عمر: إذن .. إن جاءني منهم جائع أو عاطل فسوف يقطع عمر يدك.
ثم أكد سيدنا عمر رضي الله عنه على ذلك بقوله : “إن الله استخلفنا على عباده لنسد جوعتهم ، ونستر عورتهم ، ونوفر لهم حرفتهم ، فإذا أعطيناهم هذه النعمة تقاضيناهم شكرها . يا هذا إن الله خلق الأيدي لتعمل ، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً ، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية”.

ولقد وضعت الشريعه الاسلاميه عقوبات رادعه لكل من تسول له نفسه ارتكاب معصية، وتلك العقوبات فيه مراعاة لحقوق المعتدي والمعتدي عليه، لتكون الحياة آمنة هادئة.
ووضعت التشريعات الوضعيه عقوبات الا انها لم تحقق الهدف المنشود مما استدعى لاستبدالها بعقوبات أشد وربما أضيفت لها عقوبات تبعيه وتكميلية أخرى، إلا أنها لم تؤتي ثمارها، فالواقع يقرر فشل عقوبات القوانين الوضعية في ردع المجرمين، وفشلها في منع الجريمة والقضاء عليها ، ومن ثم فإنه يجب علينا العودة إلى شرع الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن تخشع قلوبنا لذكر الله، فالله تعالى يوجه لنا هذا السؤال:
“أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقَّ”، فهل سيكون الرد من قبلنا بنعم ونتبع القول بالفعل، ام سنظل في شغل بالبحث عن عقوبات وتدابير ثبت فشلها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى