“كيفية التعامل مع جيل التكنولوجيا” بقلم : خالد عمر حشوان
جيل التكنولوجيا هم الأطفال والمراهقين الذين نشؤوا في فترة ثورة التكنولوجيا الحديثة والتي انتشرت فيها الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بكافة مسمياتها والاتصال بالشبكة العنكبوتية “الإنترنت” ووسائل التواصل الاجتماعي فأصبح ذلك جزء لا يتجزأ من حياتهم وتعاملاتهم اليومية، ونحن لا ننكر أن التكنولوجيا قدمت خدمات تعليمية متنوعة ومعلومات ثرية، وطورت عدة مهارات لدى الأطفال مثل البرمجة والتفكير النقدي وحل المشكلات، وخدمات ترفيهية كبيرة ومفيدة، وتواصل جيد لهم مع العالم الخارجي وأهمها الوصول إلى التعليم عن بُعد في بعض الظروف الطارئة والاحتياجات المهمة والمتطلبات العصرية الجديدة، إلا أن الخوف كان من تأثيرها السلبي على التطور الاجتماعي والنفسي والصحي لهذا الجيل، والدليل على ذلك هو الإفراط الواضح في استخدام الأجهزة وزيادة معدلات التشخيص بالتوحد في الفترة الأخيرة.
يعتمد التعامل مع جيل التكنولوجيا على الوصول إلى نقطة التوازن بين الإيجابيات والسلبيات المحتملة للتكنولوجيا من خلال عدة أسئلة مهمة من أهمها: مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقين على الأجهزة؟ والتفريق بين العادات الرقمية الصحية والإدمان على الأجهزة؟، حيث ينصح الدكتور تيموثي فونج الطبيب النفسي بجامعة كاليفورنيا في حالة الإدمان بعدم الذُعر والتهور في التعامل مع الأطفال لعدم تفاقم المشكلة وفهم تأثير التكنولوجيا الذي يُعتبر سلاح ذو حدين، حيث يؤكد الدكتور فونج في هذه الحالة، لابد من الحفاظ على الهدوء وتعزيز التواصل الجيد مع الأطفال وتشجيعهم على مشاركة تجاربهم ومخاوفهم ومشاعرهم حول استخدام التكنولوجيا وفهم وجهة نظرهم، والأهم من ذلك هو مراقبة سلوكهم خاصة حُب الاعتزال أو فرط الحركة أو الاكتئاب أو الشرود الذهني، وطلب المساعدة من المختصين عند ظهور مثل هذه السلوكيات غير الطبيعية لديهم وذلك للحصول على مشورة طبية وتوجيه صحي، وحَثَّ الدكتور فونج على تنمية وتشجيع السلوكيات الصحية لديهم والتي سمَّاها بـ “قائمة الدوبامين الصحية”، والدوبامين هو هرمون في جسم الإنسان يعزز من الشعور بالسعادة بالإضافة إلى أنه ناقلاً عصبياً للإشارات بين الجسم والدماغ.
ولتحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا والرفاهية لهم، يرى الدكتور أن التركيز على أسلوب حياة متوازن وتوفير بدائل ثرية للأطفال بعيدا عن المجال الرقمي مثل النشاط البدني اليومي والنوم المبكر والكافي للأطفال وتعزيز العلاقات الاجتماعية وقضاء وقت ممتع مع العائلة والحوارات المفيدة وتطوير المهارات التي تجلب السعادة كل ذلك من شأنه أن يُقلِّل من المخاوف وإدمان الأجهزة.
أما نحن كمسلمين ومن واقع حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي قال فيه ” كُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” (صحيح البخاري) لابد من توجيه الأطفال لاستخدام التقنية بما يعود عليهم بالنفع والفائدة في الدنيا والآخرة وتحذيرهم من إضاعة الأوقات على الأجهزة دون فائدة لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام “لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ” (رواه الترمذي)، كما أن الرقابة على استخدام الأجهزة والتربية بالقدوة مهمة جداً لعدم خلق تناقض في التربية وتحذيرهم من المواقع المشبوهة التي تُقدم معلومات غير صحيحة ولها أهداف معادية للإسلام والمسلمين، وحثهم على مراقبة الله والخوف منه عند استخدام الأجهزة ومحبته وإتباع سنة نبيه عليه الصلاة والسلام في القول والعمل، وزرع المراقبة الذاتية في نفوسهم مع الحُريَّة المنضبطة لا التضييق المُتعسف أو السيطرة والانغلاق، مع بناء جسور متينة من التواصل الجيد والحوار البنَّاء معهم والتقرب منهم والإجابة على استفساراتهم لتقديم البدائل المباحة والمفيدة لهم ووسائل الترفيه المعقولة التي تناسبهم سناً وديناً وخلقاً وتقلل من التصاقهم بالأجهزة وحبهم لها، وحبذا أن يتم تخصيص وقت محدد لاستخدام التكنولوجيا وشروط للاستخدام مع تفعيل تطبيقات الحماية من الآثار السلبية للتكنولوجيا على الأطفال، كي يشعر الأطفال بالتنظيم اليومي لهم والأنشطة المفيدة والمختلفة والالتزام بها وأن التكنولوجيا ليست هي محور الحياة وإنما هي جزء منها.
طرح جميل ومفيد شكرا لك استاذ خالد