المقالاترياضة

صناعة كرة القدم بقلم : خالد الحشوان

كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم حيث يلعبها أكثر من 240 مليون لاعب في أكثر من مائتي دولة في العالم ولا يُعْرَف لها تاريخ بداية مُحدَّد أو كيف بدأت وأين، لأن الصينين في السابق كانت لديهم لعبة تُسمَّى “كوجو” لتمرينات أفراد الجيش، وكان لليابانيين رياضة تُسمى “كيماري” وللرومان رياضة تُسمى “هارباستوم” وجميعها كانت شبيهه بكرة القدم إلى حد ما، وتَمَيَّز الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بأنه هو من طَوَّرَ ووضع قوانين لعبة كرة القدم عام 1863م والتي يترأسها حالياً الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي هو مسؤول عن تحديث قوانين اللعبة وتطويرها وتنظيم العديد من بطولات كأس العالم وأهمها بطولة منتخبات العالم لكرة القدم كل أربع سنوات وهي اللعبة الأهم على مستوى العالم والتي يتابعها الملايين بشغف كبير لأنها الحدث الرياضي الأكثر مشاهدة في العالم وتُدِرُّ مليارات الدولارات من الدعاية والرعاية ومبيعات التذاكر وأقمصة اللاعبين والمنتخبات وحقوق البث وغيرها من الإيرادات المالية، حيث أنه قد تفوق القيمة السوقية لفريق كرة قدم في أحد الأندية الكبرى عالمياً ميزانية دولة من الدول الصغرى أو الفقيرة لذلك تجد كثير من الدول تتنافس بشدة للحصول على تنظيم بطولة من بطولات كرة القدم التابعة للفيفا والتي سُميَّت بمعشوقة الجماهير ليس فقط من الشباب والرجال بل النساء أيضا، لأنها قاعدة مؤثرة لتوحيد شعوب العالم المختلفة وغرس الحب والتفاهم والتقارب بينهم، وهي أيضا سبب لدخول غير المسلمين في الإسلام كما شاهدنا في مونديال كأس العالم 2022م بقطر، ووسيلة من وسائل تنمية العمل الخيري والترفيه عن الشعوب من ضغوطات الحياة والتعريف بالدول وثقافات الشعوب والعادات والتقاليد، هذا بالإضافة إلى فوائدها الصحية والنفسية والاجتماعية على أفراد المجتمع.

لذلك تعتبر صناعة كرة القدم أحد أهم ركائز النمو والرخاء الاقتصادي للدول إذا تم توظيفها التوظيف الأمثل، فهي أصبحت وسيلة هامة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية المستقبلية وتحقيق الإيرادات والأرباح وزيادة معدلات النمو والناتج المحلي الإجمالي وجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط الاقتصاد والسياحة والحركة التجارية في بلد معين وخلق فرص عمل جديدة وتحسين قيمة العملة المحلية وتنفيذ برامج التنمية المستدامة على المدى الطويل ولعل أخر تنظيم لمونديال كأس العالم في دولة قطر 2022 خير دليل على ذلك حيث أكد الرئيس التنفيذي للبطولة الأستاذ ناصر الخاطر أن العوائد المادية لقطر ستصل إلى 17 مليار دولار وهو ما يمثل ضعف المصروفات على المونديال التي قُدِّرَتْ بحوالي 8 مليار دولار وأن هناك عائدات أثناء البطولة وعائدات بعد البطولة مثل السياحة لقطر بعد المونديال، أما عن ما قِيلَ بخصوص تكلفة المونديال بأنها تجاوزت الـ 200 مليار دولار، أفادت المديرة التنفيذية لإدارة الاتصال والإعلام في اللجنة العليا للمشاريع والإرث فاطمة النعيمي أن كأس العالم جزء من رؤية قطر 2030 لتعزيز التنمية المكثفة للمناطق الحضارية والعالمية وأن الـ 200 مليار دولار جزء من هذه الاستراتيجية الطموحة للتنمية الوطنية وأن بطولة كأس العالم ساهمت في الإسراع في تنفيذ هذه التطورات ومشاريع البنية التحتية الضخمة لدولة قطر.      

لماذا الاستثمار في سوق كرة القدم الأوروبية؟:- يُعد الاستثمار في سوق كرة القدم الأوروبية استثمارا جيدا حسب الأرقام والإحصاءات المالية للأندية الأوروبية وحجم القوة الاقتصادية التي تتميز بها، فقد زادت قيمة 32 نادياً أوروبياً بنسبة 9% في عام 2019م، هذا بالإضافة إلى أن أغنى 20 ناديا على مستوى العالم من الدول الأوروبية منها 11 نادياً من إنجلترا التي تحظى بالدوري الأقوى والأكثر انتشاراً على مستوى العالم “البريميرليج”، كما ارتفعت عائدات التشغيل في سوق كرة القدم الأوروبية بنسبة 65% في ثمان سنوات فقط، بينما يواصل السوق في نمو تصاعدي وبسرعة جعلت كثيرا من الدول المقتدرة وخاصة دول الخليج التوجه للاستثمار في هذا السوق لتحقيق نجاحات اقتصادية كبيرة وعائدات مالية وخاصة في الأندية الأكثر ربحية في العالم.    أغنى 20 نادياً على مستوى العالم:- قامت شركة “ديلويت” الخاصة بأرقام وإحصائيات كرة القدم المالية بتصنيف الأندية الأكثر ربحية على مستوى العالم في تقرير بعنوان “دوري الأموال لكرة القدم لعام 2022/2021” والذي يُحلل الموارد المالية للأندية الأعلى تحقيقاً للإيرادات في 2022م وكانت جميعها من قارة أوروبا بمتوسط إيرادات قدره 409 مليون يورو رغم أنها خسرت أكثر من ملياري يورو (1.7مليار جنيه أسترليني) بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19) وغياب المشجعين عن الملاعب لموسمين متتاليين، وكان نادي برشلونه قد اختير كأغنى نادٍ لعام 2021م ولكن مانشستر سيتي الإنجليزي تربَّع على القمة في عام 2022م بعد ارتفاع إيراداته إلى 644.9 مليون يورو وتراجع برشلونه إلى المركز الرابع بسبب الصعوبات المالية التي واجهها في الفترة الأخيرة، وكانت القائمة حسب التقارير كالتالي

إحصائيات الأستاذ خالد الحشون

وأختم بتوقعات شركة موردر إنتيليجنس على المستوى الاقتصادي (من أكبر الشركات لأبحاث السوق في العالم) والتي تتوقع أن يُسجل سوق كرة القدم معدل نمو سنوي مركب قدره 3.8% خلال فترة التوقعات من 2022 إلى 2027 لأن حجم سوق كرة القدم العالمي في 2021 قد بلغ 3.02 مليار دولار وتتوقع الشركة وصوله إلى 3.87 مليار دولار بحلول عام 2027 وهذا النمو يوازيه تطور في المنافسات الرياضية والاستضافات (كمونديال قطر 2022) والإيرادات المالية والتكنولوجيا (ككرة الرحلة المُطَوَّرَة و تقنية التسلل شبه الآلية في قطر) والتجهيزات وأسواق اللاعبين وحقوق البث التلفزيوني مما يطور عجلة الدورة الاقتصادية المرتبطة بصناعة كرة القدم في العالم ويثبت أن حُسْن الاستثمار فيها يضمن استمرارية الأرباح ونموها بسبب تزايد الشغف العالمي وزيادة المتابعين لها في كل أنحاء العالم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى