مقالات

“قيمة النجاح” بقلم: صالحه المالكي – باحثة دكتوراه في الأصول الإسلامية للتربية – جامعة أم القرى

كلمة النجاح من الكلمات التي تبعث السرور والبهجة في قلب كل من يبحث عن السعادة ، وهي كلمة لا تأتي إلا بعد سعي حثيث وجهد جهيد وصعوبات وعراقيل لا حصر لها ، وعليه فإنه ينبغي على الباحث عن قيمة النجاح والسعادة التي تقف خلف هذه القيمة ؛ أن لا يألوا جهداً في سبيل الوصول إلى تلك اللذة الممتعة، سواءً كان ذلك البحث عن نجاح الدنيا أو نجاح الآخرة ، فقد قال الله تعالى : {وَٱبۡتَغِ فِیمَاۤ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡـَٔاخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِیبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡیَاۖ وَأَحۡسِن كَمَاۤ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِی ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ}[القصص ٧٧]

فقد اتفق المفسرون لهذه الآية على أن التوازن مطلوب بين مطالب الآخرة ومطالب الدنيا وما يقتضيها كل منهما من أفعال وأقوال ترقى بالإنسان المؤمن لأعالي القمم .كذلك قال تعالى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [الملك:15]  ذكر عدد من المفسرين أن الله تعالى خلق لنا الأرض وذلل لنا صعابها وأمرنا بالمشي في جوانبها والبحث عمّا يقربنا من القمة من طلب رزق ومكاسب على الصعيد الشخصي والاجتماعي بل وكافة الأصعدة ، وهذا كله من نعمه عز وجل علينا والذي ينبغي منّا حمده وشكره خير الحمد وخير الشكر ، عن طريق استخدام هذه النعم فيما يرضيه سبحانه ، ثم ما يرضينا ونصبو إليه من نجاحات. واتساقاً مع ما ورد سابقاً؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بدعاء مشهور وهو : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَسْأَلَةِ، وَخَيْرَ الدُّعَاءِ، وَخَيْرَ النَّجَاحِ، وَخَيْرَ الْعَمَلِ، وَخَيْرَ الثَّوَابِ، وَخَيْرَ الْحَيَاةِ،…إلخ) أخرجه الحاكم عن أم سلمه مرفوعاً وصححه و وافقه الذهبي.

ومعنى خير النجاح في الحديث الشريف هو الوصول للأعالي في جميع الأمور والحصول على المطلوب فيما يصبو إليه الإنسان المؤمن من أمور دنياه كالنجاح الشخصي في دراسته ، أو عمله ، أو زواجه ، وحتى علاقاته الاجتماعية مع من حوله من أقاربه و زملاءه وغيرهم ، والأهم هو نهاية نجاحه وأين يريد أن يصل ، فإما إلى القمة الشاهقة أو في القاع المزدحم ، وبصفة عامة فإن الوصول للنجاح محفوف بالعقبات إن لم يكن الباحث عنه على أهبة الاستعداد لما سيواجه وعلى رأس هذا الاستعداد هو إخلاص النية لخالقه جل في علاه ، فهو الظلال السليم الذي يلقي على الإنسان كثير من الاطمئنان أثناء رحلة بحثه عن النجاح مهما واجه من الصعاب ، كذلك على الإنسان الذي يريد الاستعداد المتكامل في رحلة بحثه عن النجاح هو وجود دافع قوي يمده بالطاقة التي تعينه بعد الله تعالى على الاستمرار ، أيضاً لابد أن يصاحب أقواله أفعال وعمل دؤوب  ، فكل قول لا يتعدى سطور الكتب لا يُعتد به ولا نفع منه ، وحتى لا تبقى خططه مرسومة على الورق دون إخراجها إلى العلن ؛ عليه أن يكون أكثر مرونة أثناء إعداده لخطة النجاح المرجوه ، حتى لا يساوره إحباط ، ولا يخالجه ملل أثناء التنفيذ ، كل ذلك لابد أن يغلفه بالصبر والاستعانة بالله جل في علاه في كل الأحوال ، لأن الذي لا يملك الصبر سيتوقف عند أول سقوط ،ويكتفي بالبكاء على الأطلال ،ويؤثر التوقف على المضي قدماً ، وكثير من القصص حولنا تثبت لنا مدى تأثير الصبر على أصحابها ، وكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه بواسطة عدم استسلامهم للظروف القاهرة ، وكيف قضوا أياماً وشهوراً وسنوات في تحقيق قيمة النجاح في حياتهم ، حتى كتبت أسماؤهم بحبر من ذهب في سطور الكتب ، وتداولت أخبارهم كثير من الصحف والمجلات المقروءة والمسموعة ، بعد هذا كله قيّم نفسك أيها القارئ واعمل بجد ومثابرة حتى يكتب اسمك من ذهب في كتب خاصة بالناجحين ، والناجحين فقط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى