إن العمل في مجال الرعاية الصحية قد يكون مرهقاً جداً، ولقد أظهرت الدراسات أن العاملين في مجال الرعاية الصحية أكثر عرضة للإصابة بإضطرابات نفسية إذا ما قارناهم بالعاملين في المجالات الأخرى، حيث ما يقارب من 50% من العاملين الصحيين يعانون بالفعل من الإحتراق الذاتي وخصوصاً العاملين في مجال العناية المركزة.
ومع كل هذا قد تهدد جائحة الفيروس المستجد – كوفيد-19 – بتفاقم الإجهاد المرتبط بالعمل لدى بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية وتضخيم معاناتهم النفسية، ومما يثير القلق أن الأبحاث حول الآثار النفسية للأوبئة السابقة على العاملين في المجال الطبي أظهرت أن التأثير لا يقتصر على فترة تفشي المرض فحسب، بل يستمر أثرها لفترة طويلة حتى بعد إنتهاء الوباء.
يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية ضغوطات غير متوقعة تؤثر على استقرار الصحة النفسية لديهم كما ظهر ذلك من خلال المقابلات التي أجريت معهم، ونشير إلي البعض منها:
-أولاً: خطر العدوى ، حيث يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية يومياً الواقع المقلق المتمثل في أنهم هم أنفسهم معرضون للإصابة بالفيروس الذي يحتمل أن يكون قاتلاً ، بل ومعرضين لخطر نشر الفيروس إلى ذويهم وزملائهم.
-ثانياً: الشعور بالعجز نتيجة لزيادة الحالات المصابة مع محدودية الموارد البشرية ، ثم اللجوء للإستعانة بأطقم طبية غير متخصصة مما يرفع من مستوى الضغط النفسي لديهم.
كذلك يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية تحدي توفير الأَسِرّة أو المعدات اللازمة لتقديم الرعاية المثلى للمرضى خصوصاً مع تزايد أعداد المصابين.
-ثالثاً: الحاجة إلى ارتداء معدات الحماية الشخصية (PPE) بصفة متواصلة قد تسبب انزعاجاً جسدياً وصعوبة في التنفس والرؤية.
-رابعاً: الإصابة المعنوية حيث لا يقتصر العاملون في مجال الرعاية الصحية على معالجة سيل من المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة خلال الجائحة، بل يجب على البعض تقديم رعاية صحية تفوق خبراتهم في مجال عملهم ومواجهة حالات الوفاة المتكررة.
-خامساً: عدم وجود الدعم الاجتماعي اللازم ،ففي حين أن الإجهاد أعلى من أي وقت مضى بالنسبة للعاملين في الخطوط الأمامية، فإن آليات التكيف التي تنطوي على الدعم الاجتماعي غير متوفرة إلى حد كبير نتيجة للتباعد الاجتماعي المفروض، بالإضافة إلى الإستعانة بأطقم طبية من المستشفيات المرجعية خارج محافظة مسقط ؛ مما يفرض عليهم تغيير نمط حياتهم وتضييق شبكة الدعم الاجتماعي الخاصة بهم.
كل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى مستويات مختلفة من الضغط النفسي، قد تولد مشاعر الوحدة والعجز، أو سلسلة من الأعراض الأخرى مثل الإجهاد، والتعب البدني والعقلي، واليأس. ويجعل العمل الزائد والأعراض المرتبطة بالإجهاد العاملون الصحيون عرضة بشكل خاص للمعاناة النفسية ، مما يزيد من فرصة الإصابة بالاضطرابات النفسية لديهم.
التدابير التي اتخذتها المستشفى السلطاني لتوفير البيئة الآمنة والتخفيف من التأثير النفسي السلبي لفيروس كوفيد- 19،
إن الحفاظ على الصحة النفسية للعاملين في خط الدفاع الأول كانت من أولويات المستشفى السلطاني، فقامت باتخاذ عدة تدابير لتقديم الدعم النفسي المطلوب. ومن ضمن الإجراءات المتخَذة:
ــ قام فريق رعاية الموظفين في المستشفى بمراجعة الإحتياجات الأساسية للعاملين الصحيين وتوفير اللوازم الضرورية لهم. كما تجري بعض الورش الدورية لمساعدة الموظفين في التعامل مع الضغوطات الحياتية الناتجة مع الإغلاق والتباعد الاجتماعي المصاحب للجائحه.
كما ينظم الفريق زيارات ميدانية دورية للفريق الإداري برئاسة المدير العام لتفقد أوضاع العاملين في خطوط الدفاع الأول للتواصل معهم وتلبية احتياجاتهم مباشرة، مما يساعد على تعزيز أصر التواصل ضمن أفراد فرق الرعاية الصحية، ويسمح بالتعبير عن المشاعر والأعراض مثل الإرهاق البدني والعاطفي.
تم تجهيز جناح لتقديم الخدمات الضرورية للموظفين ومساعدتهم على الإسترخاء في أوقات الإستراحة لتجديد نشاطهم ومساعدتهم في العودة لتلبية نداء الوطن.
ــ إنشاء فريق الدعم النفسي والاجتماعي والذي يهدف إلى تقديم إستراتيجيات التكيف للتعامل مع الأفكار التدخلية والقلق الاستباقي أو الظرفي وذلك عبر إجراء لقاءات جماعية مع العاملين الصحيين. ويتم كذلك مناقشة أساليب التعامل مع الكم الهائل من الضغوطات والعواطف وكيفية مساندة الزملاء الأكثر عرضة. كما يقوم الفريق بالتواصل الفردي مع بعض العاملين الأكثر تأثراً لتقديم الإسعافات النفسية الأولية.
ــ فتح قنوات مباشرة مع فريق الدعم النفسي في المستشفى المكون من أطباء وأخصائيين نفسيين لتقديم المساعدات النفسية للعاملين الراغبين في الحصول على التدخلات النفسية السريرية اللازمة لمنع الإصابة بالصدمات النفسية طويلة المدى.
إن العاملين في مجال الرعاية الصحية في وضع فريد لمعالجة بعض القضايا الأكثر إلحاحاً المتعلقة بجائحة “كوفيد-19”. ومع ذلك، فإن قدرتهم على توفير الرعاية السريرية لا تعطيهم المناعة ضد الخسائر النفسية المصاحبة لها. واستناداً إلى الملاحظات حول كيفية تأثير الأوبئة الأخرى في نهاية المطاف على الصحة النفسية للعاملين في الخطوط الأمامية، فمن المرجح أننا لا نفهم تماماً بعد الأثر النفسي طويل الأمد لـ كوفيد-19، في حين أن العاملين في مجال الرعاية الصحية غالباً ما يكونون مرنين إلا أنهم بشر ويحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي.
تأثير جائحة #كوفيد_19 على الصحة النفسية للعاملين في الخطوط الأمامية” بقلم : د. سعاد بنت سالم الإسماعيلي استشارية أولى عناية مركزة-أطفال
إن العمل في مجال الرعاية الصحية قد يكون مرهقاً جداً، ولقد أظهرت الدراسات أن العاملين في مجال الرعاية الصحية أكثر عرضة للإصابة بإضطرابات نفسية إذا ما قارناهم بالعاملين في المجالات الأخرى، حيث ما يقارب من 50% من العاملين الصحيين يعانون بالفعل من الإحتراق الذاتي وخصوصاً العاملين في مجال العناية المركزة.
ومع كل هذا قد تهدد جائحة الفيروس المستجد – كوفيد-19 – بتفاقم الإجهاد المرتبط بالعمل لدى بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية وتضخيم معاناتهم النفسية، ومما يثير القلق أن الأبحاث حول الآثار النفسية للأوبئة السابقة على العاملين في المجال الطبي أظهرت أن التأثير لا يقتصر على فترة تفشي المرض فحسب، بل يستمر أثرها لفترة طويلة حتى بعد إنتهاء الوباء.
يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية ضغوطات غير متوقعة تؤثر على استقرار الصحة النفسية لديهم كما ظهر ذلك من خلال المقابلات التي أجريت معهم، ونشير إلي البعض منها:
-أولاً: خطر العدوى ، حيث يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية يومياً الواقع المقلق المتمثل في أنهم هم أنفسهم معرضون للإصابة بالفيروس الذي يحتمل أن يكون قاتلاً ، بل ومعرضين لخطر نشر الفيروس إلى ذويهم وزملائهم.
-ثانياً: الشعور بالعجز نتيجة لزيادة الحالات المصابة مع محدودية الموارد البشرية ، ثم اللجوء للإستعانة بأطقم طبية غير متخصصة مما يرفع من مستوى الضغط النفسي لديهم.
كذلك يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية تحدي توفير الأَسِرّة أو المعدات اللازمة لتقديم الرعاية المثلى للمرضى خصوصاً مع تزايد أعداد المصابين.
-ثالثاً: الحاجة إلى ارتداء معدات الحماية الشخصية (PPE) بصفة متواصلة قد تسبب انزعاجاً جسدياً وصعوبة في التنفس والرؤية.
-رابعاً: الإصابة المعنوية حيث لا يقتصر العاملون في مجال الرعاية الصحية على معالجة سيل من المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة خلال الجائحة، بل يجب على البعض تقديم رعاية صحية تفوق خبراتهم في مجال عملهم ومواجهة حالات الوفاة المتكررة.
-خامساً: عدم وجود الدعم الاجتماعي اللازم ،ففي حين أن الإجهاد أعلى من أي وقت مضى بالنسبة للعاملين في الخطوط الأمامية، فإن آليات التكيف التي تنطوي على الدعم الاجتماعي غير متوفرة إلى حد كبير نتيجة للتباعد الاجتماعي المفروض، بالإضافة إلى الإستعانة بأطقم طبية من المستشفيات المرجعية خارج محافظة مسقط ؛ مما يفرض عليهم تغيير نمط حياتهم وتضييق شبكة الدعم الاجتماعي الخاصة بهم.
كل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى مستويات مختلفة من الضغط النفسي، قد تولد مشاعر الوحدة والعجز، أو سلسلة من الأعراض الأخرى مثل الإجهاد، والتعب البدني والعقلي، واليأس. ويجعل العمل الزائد والأعراض المرتبطة بالإجهاد العاملون الصحيون عرضة بشكل خاص للمعاناة النفسية ، مما يزيد من فرصة الإصابة بالاضطرابات النفسية لديهم.
التدابير التي اتخذتها المستشفى السلطاني لتوفير البيئة الآمنة والتخفيف من التأثير النفسي السلبي لفيروس كوفيد- 19، إن الحفاظ على الصحة النفسية للعاملين في خط الدفاع الأول كانت من أولويات المستشفى السلطاني، فقامت باتخاذ عدة تدابير لتقديم الدعم النفسي المطلوب. ومن ضمن الإجراءات المتخَذة:
ــ قام فريق رعاية الموظفين في المستشفى بمراجعة الإحتياجات الأساسية للعاملين الصحيين وتوفير اللوازم الضرورية لهم. كما تجري بعض الورش الدورية لمساعدة الموظفين في التعامل مع الضغوطات الحياتية الناتجة مع الإغلاق والتباعد الاجتماعي المصاحب للجائحه.
كما ينظم الفريق زيارات ميدانية دورية للفريق الإداري برئاسة المدير العام لتفقد أوضاع العاملين في خطوط الدفاع الأول للتواصل معهم وتلبية احتياجاتهم مباشرة، مما يساعد على تعزيز أصر التواصل ضمن أفراد فرق الرعاية الصحية، ويسمح بالتعبير عن المشاعر والأعراض مثل الإرهاق البدني والعاطفي. تم تجهيز جناح لتقديم الخدمات الضرورية للموظفين ومساعدتهم على الإسترخاء في أوقات الإستراحة لتجديد نشاطهم ومساعدتهم في العودة لتلبية نداء الوطن.
ــ إنشاء فريق الدعم النفسي والاجتماعي والذي يهدف إلى تقديم إستراتيجيات التكيف للتعامل مع الأفكار التدخلية والقلق الاستباقي أو الظرفي وذلك عبر إجراء لقاءات جماعية مع العاملين الصحيين. ويتم كذلك مناقشة أساليب التعامل مع الكم الهائل من الضغوطات والعواطف وكيفية مساندة الزملاء الأكثر عرضة. كما يقوم الفريق بالتواصل الفردي مع بعض العاملين الأكثر تأثراً لتقديم الإسعافات النفسية الأولية.
ــ فتح قنوات مباشرة مع فريق الدعم النفسي في المستشفى المكون من أطباء وأخصائيين نفسيين لتقديم المساعدات النفسية للعاملين الراغبين في الحصول على التدخلات النفسية السريرية اللازمة لمنع الإصابة بالصدمات النفسية طويلة المدى.
إن العاملين في مجال الرعاية الصحية في وضع فريد لمعالجة بعض القضايا الأكثر إلحاحاً المتعلقة بجائحة “كوفيد-19”. ومع ذلك، فإن قدرتهم على توفير الرعاية السريرية لا تعطيهم المناعة ضد الخسائر النفسية المصاحبة لها. واستناداً إلى الملاحظات حول كيفية تأثير الأوبئة الأخرى في نهاية المطاف على الصحة النفسية للعاملين في الخطوط الأمامية، فمن المرجح أننا لا نفهم تماماً بعد الأثر النفسي طويل الأمد لـ كوفيد-19، في حين أن العاملين في مجال الرعاية الصحية غالباً ما يكونون مرنين إلا أنهم بشر ويحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي.