مقالات

“طبيعة النظرية البوليتكنيكية (التطبيقية) في العملية التعليمية” اعداد الباحثة: مشاعل بنت رجاء عامر الحيان – محاضر في كلية التربية جامعة الجوف

تعود جذور النظرية البوليتكنيكية أو التطبيقية في المنهج إلى الفكر الماركسي الذي ينسب إلى كل من الفيلسوفين الألمانيين كارل ماركس (1818-1883) وفريدريك إنفلس (1820-1895) والذي تبنته روسيا على يد الزعيم السياسي فلاديمير أوليانوف (1875-1924) المعروف باسم لينين، وفي ضوء ذلك فقد أثرت طبيعة النظرية في المنهج على طبيعة المدارس والمناهج الدراسية في الاتحاد السوفيتي السابق وبعض الدول التي تبنت هذه النظرية وأقامت نظمها التعليمية وفقاً لها.

والنظرية البوليتكنيكية للمنهج أو التطبيقية أو نظرية (Polytechnic Curriculum Theory) الفنون المتعددة وكلها ذات المضمون الواحد، والمسميات المتعددة؛ والفنون المتعددة مسمى يستوجب النظر إلى كل جانب من جوانب المدرسة في ضوء علاقتها بالحياة الإنتاجية. وتقوم فكرة هذه النظرية على أن جميع المواد الدراسية التي تغطي مجالات العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والدراسات العملية معاً، من أجل إعطاء المتعلمين معلومات وإكسابهم مهارات عملية والعمل على غرس وتكوين عادات لديهم، وإكسابهم مهارات تتعلق بعمليات الإنتاج المختلفة من جانب آخر.

فبصورة عامة تهدف هذه النظرية إلى الربط بين المدرسة والعمل المنتج النافع للمجتمع من خلال الربط بين المعرفة النظرية والمعرفة العملية التطبيقية، الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب الأفراد مهارات العمل المنتج من خلال تطبيق ما تعلمه نظرياً داخل المدرسة، ومن ثم انخراطهم كل في مجال عمله لخدمة المجتمع وتقدمه ورفعته.

فهي تقوم على عملية تحويل محتوى التربية إلى اتجاه الفنون المتعددة، وذلك من منطلق وجوب النظر إلى كل جانب من جوانب المدرسة في ضوء علاقته بالحياة الإنتاجية، وتتمثل أهداف التربية وفقاً لهذه النظرية في تزويد التلاميذ بالمعرفة في الفروع الرئيسية للإنتاج، وكذلك المبادئ العملية التي تعتمد عليها وإكسابهم عادة التعامل مع آلات العمل ومساهمتهم في تنمية القدرات الفنية المنتجة وإكسابهم حب العمل اليدوي وتقديره وإمدادهم بخلفية تقنية أو فنية واسعة وإعطاء الشباب فرصة اختيار العمل المناسب والإبداع في نوعية من الأعمال التي يتطلبها الإنتاج.

ومن ناحية أخرى مكملة للمنهج فالمحتوى يزود الطلاب بالنظرية والتطبيق لكل فروع عمليات الإنتاج الرئيسية، وكذلك فهو يقدم على أساس أن الدراسات المهنية هي محور الاهتمام، وموحد لجميع الطلاب، ويقوم على إعداده خبراء، كما أن الأنشطة والوسائل التعليمية تقوم على ربط العمل بالعقل وربط العمل باليد، وتدعم بأن يعمل الطلاب بأيديهم ساعات متعددة وتزيد تدريجياً كلما تقدم الطالب في مراحل التعليم، وتتضمن الزيارات، وكذا العمل للحقول والمزارع والمصانع داخل المدرسة، وكذلك العمل في المحلات والورش والمعامل، ومن جهة أخرى لا تغفل هذه النظرية المعارف والمعلومات النظرية بل تؤكد على حفظها وتسميعها واكتسابها بطريقة أكبر من خلال العمل، وتستخدم لكل ذلك جميع أنواع الاختبارات في تقدير أعمال الطلاب، وهناك مكانة عالية للواجبات المنزلية في عمليات تقويم تعلم الطلاب، وفق نظام موحد للمدارس في الاختبارات يطبق بصورة إلزامية.

وتطبيقياً فما زالت بعض الأنظمة التعليمية الاشتراكية مفعلة لهذه النظرية ففي الصين على سبيل المثال يعتمد التعليم على الإنتاج وترتبط النظرية بالتطبيق، هذا بالإضافة إلى عدم اقتصار التعليم على المدرسة فقط بل يتعداه إلى المصانع، والمزارع ووحدات الجيش في المناطق المجاورة إلى جانب ذلك تم تأسيس مصانع صغيرة في المدارس الأساسية والثانوية، ويدعى العمال والفلاحون والجنود للتدريس فيها على أساس جزء من الوقت.

ويمكن الإستفادة وتفعيل الجانب العملي من هذه النظرية في مملكتنا الحبيبة (المملكة العربية السعودية) انطلاقاً من رؤية 2030 التي أتاحت للنظام التربوي والتعليمي مواكبة التطور والنهوض بمستواها الفعلي؛ وذلك من خلال إعطاء الممارسات والمهارات العملية الجانب الأكبر من التعليم، ووضع مساقات ميدانية من خلال مؤسسات المملكة كافة، وإعطاء الفرصة للصناعات اليدوية والإبداع والانخراط في المجتمع المحلي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى