مقالات

“إيجابيات الألعاب الإلكترونية ومضار الإدمان عليها”بقلم: د.حمود محمد حمد الحسني

بادئ ذي بدء يُعد ظهور الحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف النقالة من الأمور التي أحدثت طفرة كبيرة في عالمنا المليء بالعقول الخبيرة والمتمكّنة في البرمجيات والابتكارات الرقمية والشركات المنافسة في تصنيع الأجهزة والبرامج، فأوجدوا بذلك تطبيقات مختلفة ومتعددة ومن بينها موضوع قضيتنا الحالية.ساقنا حديثنا السابق المتعلّق بقضية “التكنولوجيا والإدمان” إلى قضية أخرى متعلقة بها وقد تكون أحد مسبباتها إنها قضيّة “الألعاب الإلكترونية” وجدير بالذكر شَكلت الألعاب التقليدية وخاصة الموروثة طابعها الخاص من نمط حياة طفولي بعالمه الواقعي، إلى أن جاءت الحواسيب والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية التي أحدثت طفرة نوعية في عالم التكنولوجيا، فغيرت أسلوب الحياة التقليدية إلى أسلوب حياة العالم الافتراضي. يبقى التساؤلات المطروحة : ما الألعاب الإلكترونية؟ أتنمّي الألعاب الإلكترونية قدرات أبنائنا أم أن كثرة ممارستها تجعل منها أداة سلبية؟بدايةً نستهل الحديث بتعريف الألعاب الإلكترونية فهي ألعاب تفاعلية يتم اللعب بها من خلال إلكترونيات مختلفة أو بأجهزةٍ خاصةٍ بها أو باستخدام الحواسيب، وهي تطبيقات ترفيهية متعددة ومختلفة الميادين تستهدف ميولات مستخدميها، ويمكن تعريفها أيضا بأنها نشاطٌ له قواعدَ مضبوطة ومعينة، غالباً ما يرتبط فيها النشاط العقلي بالنشاط الحركي من خلال المزامنة وسرعة البديهة في جل الألعاب الإلكترونية، كما يشتركُ  لاعبو الألعاب الإلكترونية في مغامرة مصطنعة  يكون لها نتائج نسبية، وتطلق على الألعاب بأنّها إلكترونية لتواجدها بهيئة رقمية، ويمكن أن تُشغَل من خلال شبكة الإنترنت على أجهزة إلكترونية مثل الحاسوب والآيباد والتلفاز وغيرها من الأدوات التقنية الأخرى.وتنطوي وجهة النظر في تصنيف الألعاب الإلكترونية إلى ثلاث أصناف إذ نجد الألعاب الإلكترونية التعليمية التي تستهدف الفئة العمرية الصغرى من الأطفال والنوع الثاني وهي الألعاب الإلكترونية الترفيهية أو ألعاب المتعة والتي تستهدف فئة عمرية أكبر، إذ نجد من هواتها الشباب والمراهقون وحتى الكبار في السن. وعلاوة على ذلك إن الألعاب الإلكترونية لها دوراً في توفير التّسلية وملء أوقات الفراغ، حيث ترتكز على تفاعل اللاعبين معها حيثُ تتدرّج مستوياتها من السهل إلى الأصعب فكلما تقدمت في مرحلة اللعب ازدادت صعوبة المرحلة، ومن هنا يمكن القول بأنّها ألعاب تشاركية أيضاً إذ بإمكانك التنافس مع أشخاص في بلدان أخرى.وهنالك نوع آخر وهي ألعاب الذكاء التي هدفها قياس مدى ذكاء الطفل ومدى قدرته على استعمال ذاكرته.حري بنا التطرق تحديداً إلى نوع الألعاب “الإلكترونية الترفيهية” التي تقوم على التسلية مثل بلايستيشن وكندي كراش ولعبة الورق ( سوليتار) وغيرها من الألعاب الأخرى، هذه النوعية من الألعاب الإلكترونية أنتشرت في الآونة الأخيرة بين صفوف أطفالنا وشبابنا لما لا، فمن منكم لم يقوم بتحميل لعبة على هاتفه أو حاسوبه وقضى وقتاً في اللعب بها أثناء وقت فراغه أو حتى عند شعوره بالملل أثناء العمل؟ولا يفوتنا أن ننوه إلى الالعاب الإلكترونية التي شغلت الكثير، فأصبحنا ننتظر النسخ والإصدارات الجديدة منها، فالكل يبحث عن التسلية وملء وقت فراغه، فالألعاب الإلكترونية أوجدت الحل لذلك.كلنا نتذكر لعبة البوكيمون وما أحدثته من ضجة في صفوف أطفالنا وشّبابنا، إنها لعبة تقوم على كشف البوكيمونات المخبأة ومن ثم جمع الأموال على كل مرحلة تمر بها، هذه اللعبة الإلكترونية أودت بحياة بعض أبنائنا والشباب خاصة لشغفهم المفرط بها مما أدّى بهم إلى التهور ورمي أنفسهم في التهلكة في أماكن محظورة وخطرة بغية الفوز .ولعله من المفيد أن ننوه إلى مضار هذه النوعية من الألعاب التي بدأت تسيطر على شبابنا في الآونة الأخيرة قادتهم إلى تدمير حياتهم.ومن الأخطار الأخرى التي تصيب أبناءنا الصغار منهم والشباب هي العزلة والانطوائية وقضاء أغلب أوقاتهم في اللعب، فتراهم منغمسين في أجواء اللعب متجاهلين كل ما يدور حولهم غير واعين له، هذا النوع من اللعب يقود كذلك إلى مرحلة متطورة من الأخطار وهو الإدمان الإلكتروني الذي يجعل من الشخص غير قادر على ترك اللعبة أو الابتعاد عنها فتجد بيده طوال الوقت آلة التحكّم لا يفارقها أبداً، كما أن للألعاب الإلكترونية مساوئ أخرى فهي مضيعة للوقت وكثرتها تجعل منك إنساناً مهملاً لعلاقاتك الاجتماعية والأسرية منشغلاً عن دراستك وواجباتك وغيرها من أمور الحياة.ولو تمعّنا في واقعنا الذي نعيشه وما يحدث في بيوتنا للاحظنا بديهياً أن أبناءنا في علاقة وطيدة بالألعاب الإلكترونية منذ الصغر وذلك لسوء التصرف الناتج عنا، فالأم تمل مَن اهتمامها بأبنائها فتجد الحل السهل أن تضعه صحبة الهاتف المحمول مع لعبة ينشغل بها، هذا التصرف الخاطئ بتكراره يفسد نفسية الطفل ويخل بطبيعة علاقته مع العالم الواقعي المحيط به فيسبب له الانطوائية ويقوده للتوحد.وبطبيعة الحال وجب علينا أخذ الحذر خاصةً تجاه أطفالنا حتى لا نمحو طفولتهم مبكراً، علينا أن نعطيهم اهتمامنا ولا نمل منهم وحتى إن لعبوا بالألعاب الإلكترونية يجب مصاحبتهم وقت اللعب ومراقبتهم فهذا من شأنه توطيد العلاقات الأسرية بين الأفراد، كما ينبغي علينا تخصيص وقت للعب بهذه الألعاب حتى لا ننجرف وراء مساوئها.وخلاصة القول إذا وضعنا للألعاب الالكترونية حداً في حياتنا اليومية وتعاملنا معها تعاملاً صحيحا مكتفين بغرض التسلية فقط لكانت ألعابا مفيدة تكسر روتين الحياة لكن إذا انقدنا كلياً وراءها جرفتنا إلى سلبياتها والإدمان عليها.
[email protected]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى