مقالات

“إصلاح وتوجيه الذات” بقلم: د.ناصر الزعابي

هو ليس بعنوان نعني منه التدمير للإمكانيات ، وتعطيل الانطلاقة للنجاح، بل معناها العكسي هو البناء والتطوير والتشجيع  لها تحسبًا لأي آثار معطلة ومهّدمة لما للنفس من غفلة وكسل يحيط بها في غالب الوقت، بسبب تلقي الكثير من المُنهزمين للصدمات العكسية والغير متوقعة، وتردد السلبية الزائدة في كل مكان وأثر ذلك على كل المحاولة مما يجعل من الإمكانيات والقدرات والمهارات تتلاشى وتنهار وتهوي في بحرِ لُج لا يُرجى منه التعافي أبدًا، فهي النفس إن شغلتها بما يفيد استمرت بالعطاء و أنتجت وأبدعت وجوّدت، وإن شغلتها بما يهدم تعطلت وتأخرت عن الركب وبالتالي يجب أن نُدرك بأن كل التحديات لا يتنهي معها المشوار بالتعثر والتنازل والسماح للعوائق وكثرة الأحجار بأن تعطل المسار تجاه الهدف، ولذا فإن الذات تحتاج إلى توازن بين الجانبين أو القطبين السالب  و الموجب، فأحيانًا يطغى الجانب السلبي فيجب تحويله إلى جانب ذا مردود إيجابي ولو بعد حين، أو تحديد خطره والوقاية من نتائجه العكسية والغير متوقعة لرسم الخطوات المستقبلية بدون تردد وإنحراف لمعنى النجاح.

وأحيانًا يطغى الجانب الإيجابي وكذلك يجب استغلاله بفاعلية ووفق إمكانيات، لا أن تندفع بها ذاتيًا وبدون هُدىً وبدون خطط لمستوى قد يصعب التحكم في مخرجاته، فتكون نتائجه ومردوده خطرًا على الطموح ويظِل مساره للطريق إلى منعطف شديد وحاد، وبالتالي إذا ما كان يسبق أي إجراء تخطيط فسيهوي به المسار لواديٍ سحيق من الإحباط.

وعندما سأل الرجل صاحب الناقة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: “أعقلها وأتوكل، أم أتركها وأتوكل؟ فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم: ” اعقلها وتوكل”. أي أنه علينا الأخذ بكامل الأسباب بعد التوكل على الله تعالى، فلا يكفي التوكل دون أخذٍ بالأسباب، ولا يكفي الأخذ بالأسباب وترك التوكل على الله لذلك قال رسول الله في ما معناه” اربطها وتوكل ولا تتركها وتتوكل”.

ومن هنا وهناك مع كل مجريات الحياة نتعرض يوميًا لمواقف واقعية، وافتراضية قد تؤثر على خطط البناء للذات، الأهم أن يكون هناك برنامج مخطط ومبني عَلى قاعدة بيانات واضحة ومرسومة من الآمال والطموح والإمكانيات المادية والبشرية التي تؤهلك للوصول للهدف وتعزز الطموح، ونعقل الخطط ونتوكل فمن هذا العمل المخطط والمتقن يجب استغلال الرياح اذا هبت كما يقول الإمام الشافعي:

إِذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها
               فَعُقبى كُلُّ خافِقَةٍ سُكونُ

وإغلاق الأبواب عن الغبار أحيانًا أخرى لما له من تأثير في تشويش العطاء والإبداع والمثابرة والطموح لحياتنا.
ويقول تعالى: ( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) ومن هنا يتجلى لنا أن السير على طريق الوضوح يحتاج منا أن نكون على فِطنة وتبيان وانتباه لأي عثرات أو توقعات قد تحدث أثناء السير لتحقيق الأهداف، وفقنا الله وإياكم بأن نكون متفائلين لا متشائمين وهكذا دائمًا يجب أن يكون المرء كيّساً فطِناً ، لاستغلال تجارب الآخرين وتحليلها والإستفادة منها، ليعزز الثقة بنفسه وبإمكانياته ويصلح ما يتعرض له من تعرجات أثناء رحلة النجاح المأمولة وفق منهجية التخطيط الفّاعل المبني على دوافع الذات وتطلعاتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى