برعاية وحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء البحريني حفظه الله، بدأت أعمال المنتدى العشرين للأمن الإقليمي حوار المنامة 2024 الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وزارة الخارجية، وذلك بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة من كبار المسؤولين ومشاركة وفود رفيعة المستوى من وزراء ومسؤولين أمنيين وقادة عسكريين وأكاديميين والخبراء والمختصين من مختلف دول العالم.
وخلال الافتتاح، ألقى سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية، كلمة افتتاحية رحب فيها بصاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس الوزراء، والحضور الكرام، مشيرًا إلى أن انعقاد المنتدى يتزامن مع احتفال مملكة البحرين بالذكرى الخامسة والعشرين لتولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم في البلاد، حيث إن مملكة البحرين، تحت قيادة جلالة الملك المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة أيده الله عملت بلا كلل على مدى ربع قرن من الزمان، على المشاركة البناءة في جميع أنحاء منطقتنا وخارجها لتعزيز الأمن، ودعم الاستقرار، وتعميق الرخاء.
وقال إن رؤية جلالة الملك المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة أدت إلى إنشاء حوار المنامة قبل عقدين من الزمان، وانتقل هذا المنتدى من قوة إلى قوة، وكان صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس الوزراء، القوة الدافعة وراء أهميته المتزايدة في معالجة القضايا الاقليمية المعاصرة، وبدعم قوي من العمل المتميز الذي يقوم به المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وأضاف أن جوهر الجهود الدبلوماسية التي تبذلها مملكة البحرين يتمثل في الالتزام الراسخ بمبادئ الحوار والتعايش والاحترام المتبادل، ومد يد الصداقة والتعاون مع الأصدقاء والشركاء ذوي التفكير المماثل، ساعية إلى تحقيق نتائج مستدامة ومفيدة لجميع الأطراف بشأن القضايا التي تؤثر على الشرق الأوسط.
وأوضح أن هناك ثلاث قضايا ملحة بشكل خاص: أولها الحرب على غزة، حيث تدعو مملكة البحرين إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، وتسليم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار دون عوائق.
وثانيها هو الصراع في لبنان، حيث تحث المملكة جميع الأطراف على الالتزام بوقف إطلاق النار والامتثال لالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701 والقانون الدولي.
أما القضية الثالثة فهي الأزمة في سوريا، حيث تدعو المملكة، بصفتها رئيسًا لجامعة الدول العربية، إلى جميع المبادرات داخل الجامعة العربية الرامية إلى تحقيق حل سياسي يحافظ على سيادة البلاد وسلامة أراضيها، ويصون حقوق ومصالح شعبها، ويسهل على سوريا أن تلعب دوراً كاملاً وبنّاءً في المنطقة.
وقال وزير الخارجية إن اجتماعات حوار المنامة، والمشاركة المستمرة رفيعة المستوى التي تجذبها، تمثل ركيزة مهمة للنهج الدبلوماسي لمملكة البحرين، حيث تمكنا على مدى العقدين الماضيين، وبتيسير من الخبراء في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، من تطوير تفكير جديد بشأن القضايا والتحديات التي تواجه منطقتنا، وبناء الروابط الجديدة التي يمكن أن تكون مفيدة للتقدم الدائم.
وأضاف أن هذا النهج لدبلوماسية البحرين وسياستها الخارجية، تمثل في استضافة قمة جامعة الدول العربية في مايو من هذا العام، وهو حدث لم يكن مجرد تجمع للقادة ولكنه كان بمثابة شهادة على تصميمنا الجماعي على إحداث تأثير حقيقي وإيجابي على حياة شعوبنا.
وأكد أن مملكة البحرين عملت بجد لضمان ألا يسفر مؤتمر القمة عن كلمات فحسب، بل عن نتائج قابلة للتنفيذ، حيث حدد إعلان البحرين الصادر عن القادة العرب خمس مبادرات رئيسية اقترحتها المملكة واعتمدتها القمة، إلى جانب الخطوات اللازمة لضمان الرعاية الصحية والتعليم للمتضررين من النزاعات والصراعات، وتعميق التعاون العربي في مجال الابتكار والتكنولوجيا المالية، مشددًا على أن المبادرة الرئيسية هي الدعوة من أجل عقد مؤتمر دولي واسع النطاق لمعالجة وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل شامل على أساس حل الدولتين، باعتباره يوفر السبيل الأكثر وعدًا لإحلال السلام أخيرًا في المنطقة، واستعادة الأمل للملايين من المتضررين.
وأوضح وزير الخارجية أن الشراكات الثنائية ومتعددة الأطراف أيضًا تلعب دورًا حاسمًا في استراتيجية مملكة البحرين الدبلوماسية، نظرًا للأهمية الحاسمة للنظام الدولي القائم على القواعد من أجل الازدهار على المدى الطويل، حيث وقعت كل من مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2023 اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل (C-SIPA)، والتي تهدف إلى تعميق الأمن والازدهار في جميع أنحاء العالم على أساس الاحترام المتبادل الحقيقي بين المشاركين، مشيرًا إلى أن اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل مصممة ليس كترتيب ثنائي، بل كبداية لإطار متعدد الأطراف يهدف إلى الجمع بين البلدان ذات المصلحة المشتركة في تحقيق الاستقرار والازدهار.
وفي هذا السياق، أفاد وزير الخارجية بأنه سيتم توجيه دعوة رسمية إلى المملكة المتحدة من مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية لتصبح الطرف الثالث في اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل.
وأشار وزير الخارجية إلى خطاب صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، الذي أكد فيه أن التحديات العالمية لا تستمر فحسب، بل اشتدت أيضًا، بحيث نجد أنفسنا في وقت أكثر خطورة ولا يمكن التنبؤ به بسبب التحولات التكتونية الرئيسية في النظام الجيوسياسي العالمي.
وقال إنه من أجل التنقل في هذه المياه المضطربة، فيجب أن ندعم سلامة أنظمتنا وقيمنا الدولية، وأن نعتمد نهجا علميًا وعمليًا. ويجب أن يحافظ مثل هذا النهج بحسن نية على العمل المتعدد الأطراف في صميمه، وأن يشارك بفعالية مع الشركاء الذين يشاركوننا تطلعاتنا ومصالحنا، وذلك لإنهاء النزاعات، وتخفيف التوترات، وحل القضايا الإقليمية والدولية الرئيسية، مؤكدًا أن هذا هو نهج مملكة البحرين تجاه العلاقات الدولية والسياسة الخارجية.
كما ألقى الدكتور باستشيان جيجريتش المدير العام والرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كلمة أعرب فيها عن الشكر لجلالة الملك المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء، لأن رؤيتهما والتزامهما بتطوير سياسات سليمة تعزز السلام والأمن هي التي أعطت المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الفرصة للقيام بعمله هنا في المنامة.
وقال إن تأسيس منتدى حوار المنامة جاء بهدف خلق منصة للدبلوماسية الفعالة في التعامل مع التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، ومناقشة كيفية ارتباط الأمن في الشرق الأوسط بالمخاوف الأمنية في العالم الأوسع.
وأضاف أن حوار المنامة التابع للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية هو قمة الأمن الأولى في الشرق الأوسط ذات النطاق العالمي، ولقد تطور الحوار ليصبح منصة أساسية للتبادل المفتوح للأفكار والتفكير الاستراتيجي في القضايا الملحة التي تنشط المناقشات بين الحكومات.