بعد توجيه سيدي ولي العهد حفظه الله بتغيير مسمى وزارة النقل إلى مسماها الجديد وزارة النقل والخدمات اللوجستية، فإن الرسالة أصبحت واضحة كل الوضوح، ليس فقط إلى الداخل السعودي، بل أيضًا إلى كل العالم بمحيطنا الجغرافي وبامتداد القارات جميعها، والرسالة في ملخصها أن المملكة العربية السعودية أصبحت اليوم قلب العالم النابض، وحلقة الوصل بين كل دول العالم من حيث الجغرافيا، ومن حيث الخدمات والاقتصاد والتعاون بكل أوجهه وأشكاله، إضافة مصطلح الخدمات اللوجستية يعني أن هذه الوزارة التي تُعد من أقدم الوزارات السعودية، أصبحت ذات مخططات استراتيجية وأهداف تخطيطية تطّلعية خارج حدود المملكة، وخارج اطار خدماتها التقليدية برًا وبحرًا وجوًا.
ما ستشهده وزارة النقل والخدمات اللوجستية وفق قرار وتوجيه ولي العهد، سيشمل العديد من الجوانب، منها تحسين المرافئ والمرافق والمطارات والموانئ، بحيث تواكب التطورات الإقليمية والعالمية، وتطوير كافة أنواع الخدمات الأخرى من سلام وأمان وتخزين ونقل وتنقل البضائع والركاب، كذلك اعداد بنية تحتية مهيئة على أكثر الأنظمة والبرامج التكنولوجية المتطورة، وهذا كله سيصنع من خدمات وزارة النقل والخدمات اللوجستية رافدًا أساسيًا لكل أنواع الصناعة الإنسانية، سواءً الفكرية أو الإنتاجية أو الخدماتية، وسيجعل من مصنع عصير بسيط جدًا في دولة من دول أمريكا اللاتينية قادرة على نقل منتجاتها وعقد صفقاتها مع آسيا وأفريقيا وغرب أوروبا من خلال خدمات وزارة النقل والخدمات اللوجستية السعودية.
المخطط تم وضعه، وسنشهد عمليات التنفيذ تِباعًا في الفترات القريبة القادمة، هيكلية الوزارة وأهدافها، ونُظمها الداخلية، وأُطر عملها وبرامجها، وتنتقل الوزارة من الوزارة الخدماتية إلى الوازرة الإنتاجية التي ترفد الاقتصاد الوطني السعودي، وتشكل إضافة قوية على الناتج القومي السعودي، وهذا بطبيعة الحال يلزمه تجاوز ملف المنافسة مع عديد من الدول الأخرى في الإقليم أو العالم، التي سبقتنا بخطوات نحو هذه الغاية، ولكن لأن القرار والتوجيه يأتي من فارس الرؤية 2030، ومن صاحب النظرة الشمولية لسعودية المستقبل المتطورة الحديثة، فإن خطوات تجاوز المنافسة ستكون خطوات محسوبة ودقيقة وناجحة، لتصل بهيكلية عمل الوزارة إلى القمة على مستوى العالم كله.
لا شك أن هنالك الكثير من المهمات التي ننتظر تحقيقها، وهذا يأتي إلى مرحلة قادمة حتمًا، وهي مرحلة التخصص في علم النقل والتخصص في تطوير وتقديم وصناعة الخدمات اللوجستية، وبالتالي فإن السوق السعودي سيشهد طلبًا على هكذا نوعية من الخدمات، مما يجعلني أتوجه بدعوة خاصة إلى قطاع التعليم السعودي سواءً العام أو العالي، أن يبدأ بمواكبة هذه التطورات من خلال تطوير المناهج التعليمية، بحيث تصبح هنالك إضافة لعدد من المواد أو إضافة لمواضيع محددة داخل المواد الدراسية الموجودة فعليًا، ليتم تجهيز الطلبة السعوديين لما هو قادم في المستقبل القريب، تُعلمهم الإدارة والمحاسبة وفن التطوير وأهمية التنويع ومواكبة أحداث العصر وتطوراته، ترسيخ مفاهيم الخدمات اللوجستية لكي نحصل بعد عشر سنوات على الأكثر على جيل من الشباب السعودي الواعي والمُستوعب لكل ما يحدث من حوله من تطورات.
إن ما يقوم به سيدي ولي العهد الآن، يحتاج كما يؤكد هو دائمًا إلى جيل من الشباب السعودي المستعد والمتعلم والمتدرب والمهيأة تهيئة سليمة وقوية، لأن الأمر ليس في صناعة الغاية، بل في تحقيق مفهوم ديمومتها وتوسعها وتطورها أيضًا، وهذا كله لا بد وأن ينعكس على منبع المورد البشري الأساسي وهو الشباب السعودي، وبالتالي مواكبتهم وتعليمهم وتثقيفهم منذ نعومة أظافرهم ومنذ مراحلهم التدريسية الأولى، آن الأوان لتغير النمط التعليمي وتطويره وتحسين مُدخلاته ومُخرجاته.