Site icon صحيفة العربي الإلكترونية

“وتتساقط الأقنعة” بقلم: أميمة عبدالعزيز زاهد

هل تعددت الأقنعة! بات وباءً جماعيًا أصاب أغلب العلاقات الزوجية حتى أصبح كل طرف يعيش بشخصيتين إذا لم تكن ثلاثة فبمجرد أن تتعايش الأطراف تتهاوى الأقنعة المزيفة وتظهر الحقائق مهما كان درجة إتقانها وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما يشعر الرجل بالانجذاب نحو إنسانة ما فيعدد محاسنها ويكتب فيها الشعر والغزل ويتمنى إشارة منها فطلباتها أوامر، هي الوديعة في نظرة المرحة والجميلة والمتحدثة اللبقة الاجتماعية الرشيقة الناعمة الحالمة الرومانسية ولكن بعد الزواج يتحول المدح إلى ذم وتستيقظ الشخصية الأخرى من داخله وتصبح الرفيقة الجميلة أم الأولاد مجرد قطعة من أثاث المنزل  مملة مهملة وعابسة الوجه، كثيرة الطلبات، نكدية وثرثارة، كذلك الفتاة لو اختارت إنسان من بين العشرات الذين تقدموا لها فهي تطير به إلى عنان السماء فهو الرومانسي الكريم الفارس الذي كانت تحلم وهو الملتزم بمواعيده لا يقطع أمرًا إلا بعد أخذ رأيها ولا يجبرها على فعل ما لا تقتنع به فحنجرته لا تخرج إلا الدرر ولسانه لا يقطر إلا عسلاً وبعد الزواج تستيقظ الشخصية الأخرى من أعماقها ويصبح هذا الإنسان في نظرها جماد لا يمتلك من صفات الرجولة سوى الملامح فهو ديكتاتوري متسلط سليط اللسان بخيل مخادع شكاك.

وهكذا كل شريك يقتنص لشريكة أي هفوة وعلى أهبه الاستعداد أن يستغني عن الآخر بمنتهى السهولة، ونعود لأحد الأسباب العصرية في تدهور العلاقة بين الزوجين، وهو الابتعاد عن تحمل المسؤولية فكل طرف يُلقي أعباء مسؤوليات الحياة على الآخر ولم تعد هناك مشاركة حقيقية أو تنازلات أو تضحيات فالزوج لا يشعر بأي اهتمام فزوجته تتجاهل وتغفل دورها الجوهري فمن تقوم بأعمال المنزل ومن تهتم بالمطبخ وتنظف وترتب الملابس ومن تربي الأطفال سوى الخادمة أو المربية، وكثيرًا ما يخون الزوجة ذكائها وهي تحاول أن تحتفظ بالرجل الذي أحبته حينما تلف أصابعها حول عنقه وتجاهد حتى تعد أنفاسه، ولكنها من وجهه نظرها معذورة فمن أين تشعر بأهمية دور رفيق دربها والسائق هو من يشتري لها لوازم البيت ومن يقوم بإيصالها هي وأولادها وهو من يأخذها إلى الطبيب أو السوق أو حتى العطلة، كأن الزواج اقتصر على شركة وفق أنظمة محددة لا دخل للمشاعر أو الأحاسيس في بنائها وقيادتها حتى تصل إلى بر الأمان، وهكذا  تسير بهما الحياة ببرود وببطء لكنه الهدوء الذي يسبق الكارثة وليس العاصفة وتمضي الأيام لتترك وراءها المزيد والمزيد من الجفاء والجفاف فيعيش كل طرف في واديٍ مختلف عن الآخر ويصبحان غربيان تحت سقف واحد  بعيدان عن الاهتمامات الموحدة والمشاعر الوجدانية المشتركة فتموت الألفة وتنتحر المودة وتُغتال العشرة بسبب التباعد الروحي والنفسي والعاطفي وتنطلق التعاسة بلا حدود وبلا قيود.
 
همس الأزاهير…

الزواج  رباط مقدس ولأهميته فإن الله سبحانه لم يصف عقدًا من العقود بما وصف به عقد الزواج فقد وصفه بأنه الميثاق الغليظ،  فالزواج معاهدة بين طرفين على تكوين أسرة مبنية على مبدأ الاحترام والمحبة والعطاء والتضحية والإخلاص وفي هذه العلاقة ثوابت يتفق عليها الجميع وجوانب أخرى قد تختلف حسب البيئة الاجتماعية، فوجود إثنين معًا في رحلة طويلة تحتاج إلى مُقّومات لنجاح العلاقة وأن يعرف كلاً منهما ما له من حقوق وما عليه من واجبات.

Exit mobile version