Site icon صحيفة العربي الإلكترونية

“متى نقلـق؟”بقلم: د. يونس بن إبراهيم البلوشي استشاري طب أطفال وأمراض الجهاز التنفسي وطب النوم للأطفال

تعتبر الحمى مؤشراً حيوياً طبيعياً يدل على مقاومة الجسم للإلتهابات وأنواع العدوى المختلفة ، لذلك يمر الطفل في طفولته بالحمى لأسباب كثيرة إتفقت الدراسات والأبحاث على أن معظمها يتعلق بالأمراض الفيروسية ، إلا أننا لا ننسى بأن للحمى أسباباً عديدة كالجفاف والإلتهابات البكتيرية والفطرية وغيرها.
هنا يتساءل البعض عن كيفية التعامل مع الحمى عند الأطفال ، ومتى نعتبرها خطيرة أو إن صح القول دافعاً لزيارة الطبيب .
في البداية لا بد أن نأخذ بعين الإعتبار الأمور التالية :

أولاً : القياس الصحيح لدرجة الحرارة ، وترجمة ذلك ، حيث تختلف القراءات حسب طريقة القياس وعمر الطفل .
فعلى سبيل المثال: تُعرف الحمى عند الأطفال حديثي الولادة حتى عمر الثلاثة أشهر بإرتفاع في درجة الحرارة إلى درجة 38 درجة مئوية فأكثر عند قياس درجة حرارة المستقيم ، وتعتبر هذه الطريقة الأمثل والأكثر دقة لهذه الفئة العمرية.

ثانياً: مراعاة عمر الطفل :
يعتبر الإرتفاع في درجة حرارة الجسم عند الأطفال دون الثلاثة أشهر وخاصة من لم يكملوا أربعة أسابيع منذ ولادتهم سبباً كافياً لزيارة الطبيب ، حتى بغياب العلامات والمؤشرات الأخرى ، وبعض النظر عن أسباب الحمى في هذه الفئة العمرية .

ثالثاً: معرفة الأعراض المصاحبة للحمى :
وقد يؤدي معرفة هذه الأعراض إلى معرفة السبب الرئيسي للحمى ، أو مانسميه في الطب بالتشخيص ، فالطفل الذي يعاني من سيلان في الأنف ، مع سعال خفيف أو صداع في بعض الأحيان وآلام في الجسم تكون الحمى عنده نتيجة للزكام أو الإصابة بالأنفلونزا وغيرها من فيروسات الجهاز التنفسي .
ويعتبر الإلمام بالأعراض المصاحبة للحمى من أهم الركائز في التشخيص والعلاج ، ومن أهم الطرق لمعرفة درجة خطورة الحمى ، والحاجة لزيارة الطبيب .
فلو جمعنا كل ماذكرناه سابقاً في بورقة واحدة لتمكّنا من رسم خطة العلاج وآلية التعامل الصحيحة مع الحمى عند أطفالنا .
فالطفل حديث الولادة إذا إرتفعت درجة حرارة المستقيم عنده إلى مافوق 38 درجة مئوية ، لابد من أخذه للطبيب ، حتى وإن لم تظهر عليه علامات ومؤشرات أخرى للمرض ، ويعزى ذلك إلى عدم إكتمال النضج الوظيفي لبعض الوظائف في جسمه ، وإلى تأخير ردة الفعل الطبيعية ، بالإضافة إلى سرعة التأثر بالمرض بالمقارنة بمن هم أكبر سناً وأكثر نضجاً.
نأتي بعد ذلك للأطفال الأكبر سنا، والذين تعتمد آلية التعامل مع الحمى فيهم على التالي :

أولاً: المؤشرات المطمئنة :
-معرفة السبب كالزكام و الإلتهابات البسيطة .
-إستجابة حرارة الجسم للتدابير المنزلية البسيطة و الأدوية البسيطة .
-تمتع الطفل بنشاط طبيعي عند نزول درجة الحرارة .
-عدم تأثر التغذية بشكل كبير .
-عدم تغير السلوك والتفاعل مع المحيط .
فوجود هذه المؤشرات تبعث الإطمئنان للوالدين ، تاركة مساحة لعلاج الحمى في البيت، ما من شأنه مساعدة الطفل للتغلب على المرض.

ثانياً : المؤشرات الغير طبيعية ( المقلقة):
-إستمرار الحمى وعدم إستجابتها للأدوية.
-تأثر نشاط الطفل بشكل كبير ، ووجود الخمول الواضح حتى بعد نزول درجة الحرارة .
-الإضطراب كالبكاء المستمر والتهيج المبالغ فيه في نشاط الطفل .
-تغيير في لون الجلد كالشحوب أو ظهور بقع أو طفح جلدي .
-صداع مستمر ، وحساسية للضوء وخمول مستمر ،ماقد يدل على الإصابة بإلتهاب السحايا .
-الخلل بأي من وظائف الأعضاء ، كالتنفس بشكل سريع أو غير طبيعي ، وتغيير في لون الشفاه إلى اللون الداكن أو الأزرق، أو وجود علامات للجفاف ، وغيرها .
فوجود أي من العلامات السابقة سبب كافٍ للإسراع في زيارة الطبيب.
في الختام ننّوه إلى أهمية مراقبة الأطفال عند إصابتهم بالحمى ، والأخذ بالإعتبار عمر الطفل ، وطبيعة الحمى ، والأعراض المصاحبة لهذه الحمى ، حفظ الله أطفالنا من كل مكروه.

@DRYOUNISBALUSHI

Exit mobile version