مسقط – العربي
الجلطات الدموية (الخثارية) الوريدية هي حدوث جلطة (تخثر) في الدم في الأوردة مسببة انسداد في انسياب الدم داخلها وتحدث الأعراض المرضية حسب مكان حدوث الخثرة الدموية. قد يصاب الشخص بالجلطات الدموية الوريدية في صورتين منها الجلطات الدموية الوريدية العميقة والانصمام الرئوي.
وتواجه النساء الحوامل مخاطر أعلى عند الإصابة بالتجلطات الدموية مقارنة بالنساء غير الحوامل. وتعتبر مشكلة تجلط الدم عند الحامل من المشاكل الصحية والاضطرابات الشائعة خلال فترة الحمل وتنتج عن تشكل جلطة دموية في أي من الأوعية الدموية خلال فترة الحمل.
وحول أهمية هذا الموضوع أوضحت الدكتورة جميلة بنت تيسير العبرية مديرة دائرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة بأن الجلطات الوريدية العميقة عبارة عن جلطة (خثرة) دموية تتكون داخل أحد الأوردة العميقة بالجسم وتسبب انسداد في انسياب الدم في الوريد، وغالبًا ما تكون في إحدى الساقين أو كلاهما مسببة انتفاخا واحمرارا وألما في الساق.
وأضافت: بأن الانصمام الرئوي يحدث عندما تتحرك هذه الجلطات الدموية لتحدث انسداد في أحد الأوعية الدموية المركزية في الرئتين بشكل مفاجئ ومن أعراضه ألم في الصدر وصعوبة في التنفس وسعال مصحوب بدم وتعد هذه الحالة المرضية سببًا للوفاة إذا لم يتم تشخيصها ومعالجتها بصورة عاجلة. و يمكن أن يحدث الانصمام الرئوي من دون أي دليل لوجود التخثر الوريدي العميق.
وأكدت العبرية في حديثها بأن الجلطات الدموية الوريدية يمكن أن تحدث لأي شخص ولكن النساء الحوامل معرضات لخطر الإصابة بالجلطات الدموية من أربعة إلى خمسة أضعاف مقارنة بالنساء غير الحوامل.
وقالت: إن التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الحمل وبطء انسياب الدم من أوردة الساقين للقلب بسبب ضغط الجنين على الأوردة الدموية في منطقة الحوض وقلة الحركة وعدم ممارسة النشاط البدني أثناء الحمل وحدوث النزيف أثناء الولادة كل هذه العوامل قد تؤدي لزيادة تخثر الدم.
واستعرضت العبرية عدة عوامل تزيد من خطورة إصابة النساء بالجلطات الوريدية أثناء الحمل وبعد الولادة تشمل: حدوث إصابة سابقة بالجلطة الوريدية أو وجود تاريخ مرضي لإصابة إحدى الأقارب من الدرجة الأولى بالجلطة الوريدية، وجود العامل الوراثي لمرض فرط التخثر وهو اضطراب في عملية تخثر الدم الذي يؤدي إلى زيادة حدوث التجلط داخل الأوعية الدموية ، العمر فوق ٣٥ سنة ، التدخين ، تكرار الولادات (عدد الولادات 3 أو أكثر) ، السمنة (مؤشر كتلة الجسم أكثر من 30 كغم/ م٢) والإصابة بالأمراض المزمنة التي تزيد من تخثر الدم مثل أمراض القلب والأنيميا المنجلية والسرطانات وغيرها.
كما أن قلة الحركة بسبب الشلل أو الكسور، تسمم الحمل وارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل و الحمل بتوأم أو أكثر، إجراء العمليات الجراحة أثناء الحمل أو خلال فترة النفاس مثل عملية الولادة القيصرية أو أي عملية جراحية أخرى، زيادة فترة المخاض لأكثر من 24 ساعة ،حدوث نزيف شديد (أكثر من لتر دم ) بعد الولادة، الإصابة بالالتهابات البكتيرية أو الفيروسية الحادة مثل كوفيد-19، الإصابة بالجفاف نتيجة للقيء الشديد المصاحب من العوامل أيضا في حدوث الجلطات الدموية.
ولمنع حدوث هذه الجلطات الدموية الوريدية أثناء الحمل وبعد الولادة لدى النساء المعرضات لخطر الإصابة تنصح الدكتورة جميلة بأخذ أحد الأدوية المسيلة للدم والتي تمنع وتقي من حدوث الجلطات مثل إبر “الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي”.
وقالت الدكتورة جميلة: بناء على توصيات اللجنة الوطنية لبحث ودراسة وفيات الأمهات للحد من وفيات الأمهات بسبب الانصمام الرئوي الخثاري قامت وزارة الصحية ممثلة في دائرة صحة المرأة والطفل بإدراج خدمة التقصي عن عوامل الخطورة للإصابة بالجلطات الوريدية ضمن الخدمات التي تقدم لرعاية المرأة الحامل، على أن يتم تنفيذ ذلك على مراحل لأجل متابعة تطبيق الخدمة وجودتها ودراسة الصعوبات والتحديات التي قد تظهر أثناء التطبيق مثل تقبل النساء لأخذ هذه الإبر بشكل منتظم واحتساب الكميات من حقن الهيبارين التي يجب توفيرها لتغطية جميع المؤسسات الصحية. لذا تم اختيار المؤسسات الصحية في ولاية واحدة من كل محافظة من محافظات السلطنة للبدء في تقديم خدمة التقصي عن عوامل الخطورة لحدوث الجلطات الوريدية كمرحلة أولى ومن ثم سوف تتوسع الخدمة لتشمل جميع المؤسسات الصحية التي تقدم خدمة رعاية المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة بالسلطنة.
وقالت العبرية : يتم تقديم خدمة التقصي عن عوامل الخطورة لحدوث الجلطات الوريدية حسب دليل العمل الإرشادي للنساء الحوامل عند بداية الحمل في المراكز الصحية عن طريق الممرضة أو الطبيبة المدربة ، وبعد التقييم و تحديد درجة الخطورة لحدوث الجلطات الوريدية يتم تحويل الحوامل اللاتي لديهن درجة خطورة عالية أو متوسطة للمجمع الصحي لمقابلة اختصاصية النساء والولادة والتي بدورها تقوم بتقييم الحالة ثم وصف الدواء الواقي من حدوث الجلطة الدموية (إبر الهيبارين) بجرعات محددة ولفترة زمنية معينة. يُعاد التقييم مرة أخرى بعد الولادة ويتم وصف الهيبارين للمجموعتين عالية ومتوسطة الخطورة لفترة زمنية محددة بعد الولادة تتراوح مدتها من 10 أيام إلى 6 أسابيع أو أكثر حسب الحالة الصحية.
من أهم النصائح الوقائية التي تطرقت إليها الدكتورة جميلة بنت تيسير العبرية مديرة دائرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة لتجنب الإصابة بالجلطات الدموية أثناء الحمل وبعده: ضرورة الحركة باستمرار وممارسة الرياضة المناسبة ، عدم الجلوس لفترات طويلة ، والحركة في أسرع وقت بعد العملية الجراحية ، في حالة السفر بالسيارة لمسافات طويلة يجب التوقف كل ساعة أو
نحو ذلك للتجول لفترة ثم مواصلة الرحلة ، وأيضا في حالة السفر على متن الطائرة يجب الوقوف أو المشي من حين إلى آخر أو ممارسة التمارين الرياضية للمنطقة السفلية من الساقين مثل تحريك الساقين والقدمين والأصابع القدمين، والتحكم في الوزن و تمثل السِمنة أحد عوامل الخطورة المرتبطة بمرض التخثّر الوريدي العميق بالإضافة إلى تناول الأدوية الوقائية المانعة لحدوث الجلطات للنساء في الفئة عالية أو متوسطة الخطورة.
تؤكد الدكتورة جميلة بنت تيسير العبرية مديرة دائرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة “إن حياة أمهاتنا و أخواتنا وبناتنا غالية لذا من الواجب علينا جميعاً رعايتهن وتقديم الدعم الكامل لهن خلال فترة الحمل والولادة والنفاس”.
الجدير بالذكر قامت وزارة الصحة ممثلة في دائرة صحة المرأة والطفل وبالتعاون مع استشاريات أمراض النساء والولادة من المستشفيات الثالثية والثانوية ومع المعنيين من المديرية العامة للتموين الطبي والصيدلة بإصدار دليل عمل إرشادي حول ” التقصي عن عوامل الخطورة لحدوث الجلطات الدموية الوريدية لدى النساء أثناء الحمل وبعد الولادة ” وكذلك تم إصدار مطوية توعوية موجهة للنساء باللغتين العربية والإنجليزية حول الجلطات الوريدية أثناء الحمل و بعد الولادة وكيفية الوقاية منها.
وقد نفذت دائرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة حلقة عمل في شهر مارس 2022م تم خلال الحلقة تدريب عدد من الطبيبات والممرضات والصيادلة حول التقصي عن عوامل الخطورة لحدوث الجلطات الدموية الوريدية للنساء أثناء الحمل وبعد الولادة .كما تم خلال الحلقة التدريب على تقديم المشورة للنساء اللاتي لديهن عوامل خطورة تستدعي استخدام إبر الهيبارين للوقاية من حدوث الجلطة الوريدية. وتم أيضاً تدريب الصيادلة على متابعة الاستخدام الأمثل لإبر الهيبارين لتقليل الهدر ورصد المضاعفات الجانبية التي قد تحدث وتقديم المشورة.