يحيي اللبنانيون، اليوم الأحد، الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت الذي تسبّب في مقتل أكثر من 220 شخصاً، على وقع مخاوف من اندلاع حرب بين حزب الله وإسرائيل. ويتوقع إحياء الحدث بمسيرات لأهالي الضحايا ومتضامنين معهم بعد ظهر الأحد، للمطالبة بالعدالة والمحاسبة، وفق وكالة «فرانس برس».
ومنذ اليوم الأول، عزت السلطات اللبنانية انفجار 4 أغسطس 2020 إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق بها لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة، ولم يحركوا ساكناً.
ومذّاك، لا يزال التحقيق في الأسباب معطّلاً وسط تعقيدات سياسية وقضائية. واعتبرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جنين هينيس-بلاسخارت، في بيان السبت، أن «الغياب التام للمحاسبة عن كارثة من صنع الإنسان كهذا الانفجار يعد أمرا مذهلا». ورأت أنه «المتوقع من السلطات المعنية أن تعمل بلا كلل لإزالة جميع العوائق أمام التحقيق – سواء كانت هيكلية أو سياسية – ولكن ما يحدث هو العكس تماماً».
تهم الإهمال والتقصير بعد انفجار مرفأ بيروت
وإثر الانفجار، عيّنت السلطات القاضي فادي صوان محققاً عدلياً، لكن سرعان ما تمت تنحيته في فبراير 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها، حسان دياب، وثلاثة وزراء سابقين بتهمة «الإهمال والتقصير، والتسبّب في وفاة وجرح مئات الأشخاص».
واصطدم خلفه القاضي طارق بيطار بالعراقيل نفسها مع إعلان عزمه استجواب دياب، تزامناً مع إطلاقه مسار الادعاء على عدد من الوزراء السابقين، بينهم نواب، ومسؤولين أمنيين وعسكريين.
وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن النواب المذكورين، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذناً لاستجواب قادة أمنيين، ورفضت قوى الأمن كذلك تنفيذ مذكرات توقيف أصدرها. وغرق التحقيق بعدها في متاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية، بعدما حاصرت بيطار عشرات الدعاوى لكف يده، تقدم بغالبيتها مسؤولون مُدّعى عليهم.
وخلال أكثر من ثلاث سنوات، تمكّن بيطار من العمل رسمياً لقرابة ستة أشهر فقط، تعرّض خلالها لضغوط أنذرت بأزمة غير مسبوقة في الجسم القضائي، خصوصاً بعدما أحبط مدعي عام التمييز السابق غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع العام الماضي.
وقد استأنف بيطار تحقيقاته في 23 يناير 2023 بعد 13 شهراً من تعليقها، وقرّر الادّعاء على ثمانية أشخاص جدد، بينهم عويدات، وحدّد مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم. لكن عويدات تصدى له بالادعاء عليه بـ«التمرد على القضاء واغتصاب السلطة»، وأصدر منع سفر في حقه، وأطلق جميع الموقوفين. إزاء ذلك، تراجع بيطار عن المضي بقراراته.
ويعتزم بيطار استئناف «إجراءاته بدءا من الأسبوع المقبل»، وفق مصدر قضائي. وقال المصدر إن المحقق العدلي «سيحدد مواعيد دورية لاستجواب جميع المدعى عليهم الذين لم يمثلوا أمامه بعد، وفي حال امتنعوا سيصدر مذكرات غيابية بتوقيفهم». وشدد المصدر على أن البيطار ينوي «إنهاء التحقيق، وإصدار قراره الاتهامي في هذه القضية قبل نهاية العام الحالي».