قيادة المركبة (السيارة) عادة من العادات اليومية لأغلب أصحاب المركبات هذه الأيام، حيث لا يخلو يوم من الأيام إلا بقيادة المركبة لأكثر من رحلة لأنها وسيلة من وسائل المواصلات التي تسهل علينا التنقل إلى أعمالنا ومدارسنا وجميع وجهاتنا المختلفة.
ومن نعم الله أن من الله علينا بهذه الوسائل الحديثة والمتطورة من سيارات وغيرها بدلا من الوسائل القديمة مثل الإبل والخيل والبغال والحمير التي عانى منها أجدادنا الأولين، وقد وفرت لنا هذه الوسائل الحديثة كثيرا من الجهد والوقت وجلبت لنا أفضل وسائل الراحة في رحلات التنقل اليومية فأصبحت الحاجة ملحة للعناية بشؤون الطريق واحترام الأنظمة والقوانين والسائقين والمارين على الطريق.
ونبدأ موضوعنا بآداب القيادة على الطريق والتي نركز فيها على الأبرز والأهم:
أولاً: إجادة القيادة: من الضروري على كل قائد مركبة أن يكون ملما بالقيادة وتعاليمها وقوانينها واحترامها والالتزام بها مع حصوله على رخصة القيادة الرسمية من الجهة المختصة قبل السير بالمركبة بين أرواح البشر.
ثانيًا: الحفاظ على أرواح الجميع: يأتي ذلك باستشعار قائد المركبة بعظمة أرواح البشر المشاركة في الطريق وذلك بتوخي الحذر والتركيز والانتباه لأخطاء الغير ومراقبة المارة على الطرق وخاصة الأطفال والالتزام بالسرعات المحددة وإشارات المرور والتقاطعات المباشرة والوقوف الصحيح على الطريق كما قال صلى الله عليه وآلة وسلم ” كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ، دمُهُ ، ومالُهُ ، وعِرضُهُ ” (الراوي أبو هريرة – صحيح مسلم).
ثالثًا: البعد عن كل ما يشغل قائد المركبة: وهي من أهم عوامل التركيز في القيادة حيث لابد من عدم استخدام كل ما يشتت هذا التركيز من هاتف محمول أو صوت الموسيقى المرتفع أو المزاح مع الركاب أو التحدث مع مركبات أخرى أو الانشغال بالأطفال أثناء القيادة ولعل ما يؤلمنا جميعا هي كثرة حوادث المركبات لهذا السبب في الفترة الأخيرة.
رابعًا: عدم القيادة عند الشعور بالنعاس والتعب: المكابرة والإصرار على قيادة المركبة عند الشعور بالنعاس والتعب هي من مسببات الحوادث المرورية وقد تؤدي إلى وفاة قائد المركبة ومن معه وغيره من الأبرياء في مركبات أخرى لا سمح الله، لذلك لابد من التوقف وأخذ قسطا من الراحة والاستشعار بأرواح البشر في هذه الحالة الضرورية.
خامسًا: الوقوف المناسب للمركبة: الوقوف في المناطق المخصصة هو الأمان بعد الله بالنسبة لقائدي المركبات وأرواحهم ومن معهم (وهو الأهم)، وفيها تلافي التصادم المفاجئ بإذن الله واحترام الطريق والبعد عن المخالفات والغرامات وسحب المركبات.
سادسًا: عدم رمي المخلفات من المركبة: للأسف هي ظاهرة انتشرت في الفترة الأخيرة وخاصة أعقاب السجائر وبقايا الأطعمة ومعلبات المشروبات وقد تتسبب في تشويش الرؤيا وتكون مفاجئة لقائدي المركبات الأخرى وتؤدي لحوادث لا تحمد عقباها بسبب الإهمال في تجميع المخلفات ووضعها في أماكنها الصحيحة، رغم أن ديننا الإسلامي يحث على النظافة واحترام الطريق.
سابعًا: البعد عن ترويع المسلمين: يأتي ذلك بعدم زيادة السرعة المحددة أو الإزعاج بالمنبه والإضاءة أو الوقوف المباغت أو الحذف على المسارات الأخرى فجأة دون إشارات لقول الرسول صلى الله عليه وآلة وسلم ” لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروِّعَ مسلمًا ” (المحدث الألباني – صحيح أبي داود).
ثامنًا: التماس العذر للآخرين: نحن البشر جميعنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون، فإن أخطأ قائد مركبة، لابد أن يعتذر لغيره وإن أخطأ الغير وأعتذر فمن واجبنا كمسلمين تقدير اعتذاره والتماس العذر له، ونحمد الله في حالة عدم تطور الموقف لحادث أليم مع العلم أن أغلب الحوادث المرورية هي نتيجة أخطاء بشرية.
ونظرًا لأن الحوادث تقع بأخطاء غير مقصودة أو إرادة من قائدي المركبات رغم تساهل البعض في الالتزام وعدم احترام الأنظمة إلا أنها قضاء وقدر من الله، ونحتاج إلى بعض النصائح التي يجب الالتزام بها من قائدي المركبات للوصول إلى أكبر قدر من السلامة الممكنة للجميع وهي كالآتي:
1- التوكل على الله دائما وخاصة عند القيادة: يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ” منْ قَالَ -يعنِي إِذَا خَرَج مِنْ بيْتِهِ-: بِسْم اللَّهِ توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلا حوْلَ وَلا قُوةَ إلاَّ بِاللَّهِ، يقالُ لهُ هُديتَ وَكُفِيت ووُقِيتَ، وتنحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ ” (رواه أبو داود والترمذي والنسائي).
2- الإتيان بدعاء الركوب والسفر عند السفر: وفي هذه الأدعية استعانة بالله ودعاء بالعصمة من المكارة، ودعاء الركوب هو “سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ” أما دعاء السفر فهو أن يكَبّرَ ثَلاَثاً، ثُمّ يقَولَ: ” سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنّا إِلَىَ رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ. اللّهُمّ إِنّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرّ وَالتّقْوَىَ، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَىَ، اللّهُمّ هَوّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنّا بُعْدَهُ، اللّهُمّ أَنْتَ الصّاحِبُ فِي السّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ “.
3- التأكد من حصول القائد على قسط كاف من الراحة والنوم: لأنها ضرورة لضمان التركيز والقيادة السليمة والمحافظة على الأرواح واحترام الطريق وعدم مضايقة الآخرين والوصول للهدف المقصود بسلامة وأمان بإذن الله.
4- وضع حزام الآمان أثناء القيادة: وهو ضمان بعد الله لتفادي أي تصادم لحوادث مفاجئة وحفاظا للأرواح البشرية حتى لو كانت مسافة القيادة قريبة لأنه يحمي قائد المركبة بإذن الله من الاصطدام بالزجاج أو قذفه لخارج المركبة.
5- احترام الأنظمة والقوانين المرورية: يتم ذلك بالالتزام بالسرعات المحددة وإشارات المرور وحقوق الغير والمارة في الطريق والوقوف في الأماكن المخصصة والتركيز في القيادة وعدم الانشغال بأمور أخرى والتأكد من سلامة المركبة وصلاحيتها للاستخدام.
6- الهدوء في القيادة وعدم الغضب: وهما مطلوبان خاصة عند أخطاء الغير والتجاوز وعدم التمادي في الاحتكاك وتفاقم الشجار الذي قد يؤدي إلى أضرار كبيرة لا تحمد عقباها.
7- تقدير المسافة بين المركبة والمركبات الأخرى: ترك مسافة كافية بين المركبات تخفف بإذن الله من نسبة الحوادث عند الوقوف المفاجئ وهي من أسباب حوادث الاصطدام في الفترة الأخيرة لتقليص المسافة الضرورية وعدم الالتزام بها.
وأختم بعبارة جميلة دائمًا أتخيلها وهي “ما أجمل أن يقود السائقين مركباتهم في هدوء وإلتزام ونظام ” بحيث لا يجدون من يضايقهم من المتهورين أو المتجاهلين لأنظمة السير والقوانين المرورية، وأن يكون شعارهم دائما وأبدًا ” القيادة فن وذوق وأخلاق ” خصوصًا في أوقات الذروة المرورية والازدحام التي أصبحت في تزايد بسبب ازدياد أعداد السكان وتزايد المركبات، ونذكر بأن حياة كل إنسان هي أمانة غالية على الجميع ويجب أن لا تنتهي بحوادث مؤلمة ناتجة عن سوء القيادة والاستهتار بالأنظمة والقوانين، أو تسبب له إعاقة مقعدة تشل من حركته ونشاطه وقد تؤدي إلى حالات نفسية معقدة قد لا ينجو منها البعض.