القضاء هو العمود الفقري لنهصة الأمم وحماية منجزاتها وبه تحفظ الدولة هيبتها وتردع الظالم عن ظلمه وترد به الحقوق للمظلومين وهو سيف لا يمل عن الفصل بالحق واليراع الذي لا يمل من النطق بالصدق.
ولعل من المبادئ الراسخة في هذا الجانب مبدأ العدالة الناجزة، وهذه العدالة لن تتأتى إلا إذا أصاب الحكم كبد الحقيقة في وقت يسير وبأقل جهد، والمتتبع للوضع في المحاكم يجد ان هناك من الأمور التي تعيق تحقيق العدالة الناجزة، وفي هذا المقال أود أن اطرح بعض المقترحات لعلها ان تسهم في تيسير تحقيق العدالة الناجزة، وهي:
1- المحقق القضائي، وهو وفق ابسط تعريف له شخص يعمل في نظام العدالة الجنائية ملقى على عاتقه جمع الأدلة والمعلومات المتعلقة بقضية جنائية محددة. وتحليلها وتحديد الشهود والمشتبه بهم وجمع المعلومات اللازمة لإثبات أو نفي الاتهامات الموجهة للمتهم.
واقترح أن لا يقتصر عمل المحقق القضائي على الجرائم الجنائية بل نرى ان يتم التوسع في الاستعانة المحقق القضائي في الدعاوي الغير جنائية، خاصة إذا ما علمنا ان هناك كثير من الدعاوي تحتاج إلى جمع أدلة وتحليلها تحليلا دقيقا ومعرفة صحتها من عدمه ومدى ملامستها للجانب الواقعي للدعوى.
ونجد ان كثير من الخصوم ربما يعوزهم الدليل أو ربما قد يكون الدليل في يد غيرهم وهذا يتطلب تحرك من الجهات الحكومية لاحراز الدليل وفحصه وتحليله.
كما أن بعض الخصوم قد يطلبون من المحكمة ان تخاطب جهة ما للحصول على دليل معين بخصوص دعوى معينه ونجد ان بعض الجهات ربما تتأخر في الرد أو لا ترد اصلا وهنا قد يحجز القاضي الدعوى للحكم وتضيع حقوق بعض الخصوم نتيجة لذلك، كما أن بعض الخصوم قد يقدمون أدلة وهي غير صحيحة اطلاقا وذلك بتقديمهم لصور من مستندات معينة وفي الحقيقة فإن هذه المستندات ليست صحيحة وقد يستغلون غياب الخصم فيقدمونها للمحكمة والتي لن تجد من يطعن في صحتها فتأخذ بها المحكمة كدليل في الدعوى، ولذا ولاعتبارات أخرى فإن وجود المحقق القضائي مهم جدا لكشف حقيقة الأدلة المقدمة وللبحث عن أدلة يطلبها الخصوم من جهات معينة وفحصها وتقديم تقرير متكامل عنها لعدالة المحكمة.
2- تشعب القضايا: قد يحصل نزاع بين أشخاص معينين، وهذا النزاع قد تحكمه مواد مختلفه وقوانين مختلفه، ولذا فنجد العمل قد جري على أن تحال لكل دائرة ما يتعلق بها من هذا النزاع، وبالتالي نزاع واحد قد يتشعب بين دعوى مدنيه وأخرى تجاريه وثالثه عماليه ورابعة أمام الدائرة الثلاثية، ولقد وضع المشرع في قانون الإجراءات الجزائية حلا للدعوي المدنية الناشئة عن جريمة جزائية فقرر ان يقوم القاضي الجزائي بنظرها وفقا لقواعد معينة ولقد أملت هذا النص اعتبارات عديدة على المشرع لعل اهمها عدم تناقض أحكام القضاء وتخفيف الدعاوي عن المحاكم.
ولذا اقترح ان يتم دمج الدعاوي في حالة تشعبها على أن يتم نظرها أمام الدائرة الثلاثية وبذلك ستقل القضايا وسيصدر فيها حكم واحد يمنع تناقض الأحكام وتلاعب الخصم بخصمه وانهاكه برفع دعاوي متعددة وحضور جلسات متفرقة عن دعاوي نشئت بسبب واحد.
3- رسوم قيد الدعاوي: ينظر المشرع لتلك الرسوم نظرة تنظيمية لا تتعلق بتحقيق العدالة، ولذا فيجب ان لا تقف تلك الرسوم عائق أمام الخصم من أن يطالب بحقه، وفي الواقع العملي هناك من لم يستطع ان يدفع عن نفسه حتى الخطأ الواقع من المحكمة، ونوضحه في حالة صدور الحكم الإبتدائي وعند رغبة المحكوم عليه في تقديم الاستئناف يطلب منه مبلغا من المال لقيد الاستئناف وبسبب عدم ملاءته لم يتمكن من دفعها حتى يفوت موعد الإستئناف وبالتالي سيكون الحكم الإبتدائي واجب النفاذ، وهنا نود ان يتم النص على أن يعطي الشخص خاصة في الإستئناف فرصة لدفع المبلغ وأن لا يفوت عليه حقه في الإستئناف بسبب عسر مادي أصابه.
4- كذلك فإن المساعدة القضائية لا تستفيد منها المؤسسات والشركات وخاصة الصغيرة والمتعثرة، ولعل من الأهمية بمكان مراعاة المؤسسات والشركات الصغيرة والمتعثرة وتقديم يد العون لتلك المؤسسات والشركات حتى تتمكن من الحصول على حقوقها حالها كحال الأفراد فالمشرع راعى ان بعض الأفراد ليست لديهم المقدرة على دفع مبالغ للمطالبة بحقوقهم، ولعل بعض الشركات قد تحمل مبالغ بسبب عدم تمكنها من الدفاع عن حقوقها ولذا فإن تقرير المساعدة القضائية يجب أن يشمل المعسرين جميعا.ان ما تم ذكره لا ينقص من مكانة القضاء وعلو قدره وليست هي نواقص ننسبها إليه بقدر ما هي مقترحات من شخص بسيط يقدمها لتطوير منظومة العدالة الشامخة والتي تطاول عنان السماء.