متابعة وتقييم: أحمد حلبي
تضم المكتبات العربية والسعودية العديد من الكتب والمراجع التي تتناول اهتمام المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وقاصديها من معتمرين وحُجاج، وفي كتاب (المراسيم والأوامر الملكية في رعاية مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في العهد السعودي)، الصادر عن كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة في جامعة أم القرى، يوقفنا الباحث الأستاذ الدكتور إبراهيم بن عطية الله السلمي أمام دراسة تتناول الأعمال والخدمات التي قامت بها حكومة المملكة العربية السعودية في مجال عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديها من معتمرين وحجاج خلال الفترة من 1343 – 1436 هــ.
والكتاب الذي جاء في نحو مئتي صفحة من الحجم المتوسط، يتحدث في مقدمته المشرف على كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة الدكتور عبدالله بن حسين الشريف، قائلاً: “إن الكتاب رصد المراسيم والأوامر الملكية التي أصدرها ملوك المملكة العربية السعودية بين سنتي (1343 ــ 1436 هــ)، وعرض نصوصها، وتصنيفها بحسب محاورها، وتحليل مضمونها”.
فيما أوضح الباحث الأستاذ الدكتور إبراهيم بن عطية الله السلمي، في مقدمته أنه «من القراءة نبع لدي فكرة رصد الأوامر والمراسيم الملكية لرعاية مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في العهد السعودي، والتي شملت جميع مناحي الحياة على صورة أوامر ومراسيم منتخبة، تكون قطافًا تمثل مجالات تلك الأوامر والمراسيم الملكية كافة التي في الحقيقة تحتاج إلى مجلدات وموسوعات لحصرها ودراستها».
وقُسِم الكتاب إلى عدة مباحث، ففي المبحث الأول تطرق الباحث لنشأة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومصنع كسوة الكعبة المشرفة، وتوسعة المسجد الحرام، والإستفادة من المساحات المتاحة بالمسجد الحرام.
في حين تناولت في المبحث الثاني موسم الحج، حفر الآبار الإرتوازية في عرفات ومنى، وتنظيم نقل الحجاج وتمكينهم من أداء فريضة الحج، ونظام المطوفين العام، وصرف تعويضات للحجاج.
وخُصِص المبحث الثالث للحديث عن تأليف هيئة الأمر بالمعروف بمكة المكرمة، وتعيين سمو الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أميرًا لمكة المكرمة، وتعيين الأمير فواز بن عبدالعزيز آل سعود وكيلاً لإمارة مكة المكرمة.
وتناول المبحث الرابع رعاية حجاج بيت الله الحرام الأمنية، حظر النشاطات والتشكيلات السياسية في مكة، مرسوم تعيين حسن وفقي بك مديرًا للأمن العام في عموم مدن الحجاز.
وفي المبحث الخامس تحدث الباحث عن الموافقة على مبرة مصطفى بك عزالدين المئري، وتعيينات صحية، وإنشاء عدد من المستشفيات وجلب اختصاصيين في علم الجراثيم، وتوسعة مدينة الملك عبدالله الطبية.
في حين تطرق في المبحث السادس عن إنشاء دار العجزة، إلغاء رسم الكوشان، تبرع الملك سعود ـ رحمه الله ـ لمنكوبي حريق مكة المكرمة.
وفي المبحث السابع تناول إنشاء كلية الشريعة واللغة العربية، وإعفاء طلبة العلم المجاورين من رسوم الإقامة، وأمر ملكي بتسديد ديون مدرسة النجاح الليلية وتخصيص مبلغ شهري، والموافقة على نظام الدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة، وتأسيس شركة وادي مكة.
أما المبحث الثامن فتطرق فيه لامتياز إنشاء خط حديدي بين مكة المكرمة وجدة، وإنجاز مشاريع عاجلة لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وامتياز إضاءة مكة المكرمة بالكهرباء، والأوامر الملكية بتوفير المياه لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتأمين الاتصال التلفوني اللاسلكي فيما بين الرياض ـ مكة ـ جدة ـ الطائف، وإنشاء طريق أسفلتي من شرق المملكة العربية السعودية إلى غربها، وتكوين هيئة تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.
وتوصل الباحث في خاتمة بحثه إلى عدة نتائج منها، أن الأوامر والمراسيم الملكية في العهد السعودي حافظت على كل التنظيمات ذات الجدوى والنفع لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والقاطنين بها، وأن رعاية الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ تجلت في صورة لا تدع مجالاً للشك في بادرة لم تكن دارجة في ذلك الوقت، إضافة إلى عدد من النتائج الأخرى.