بتوجيهات أميرية سامية تواصل دولة الكويت نهجها الطموح في تعزيز دور الاستثمار الأجنبي وتحويله إلى قوة دافعة رئيسية للنمو الاقتصادي، عبر سلسلة إجراءات تصب في تحسين البيئة الاستثمارية وزيادة جاذبية الاقتصاد الكويتي.
وتبذل الكويت في هذا الإطار جهوداً متسارعة لتعزيز الشراكات الاقتصادية الدولية وترسيخ الانفتاح على استقطاب كبريات الشركات العالمية وتسويق الفرص الاستثمارية الواعدة على المستوى الدولي، ضمن خططها الرامية إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة ومتوازنة.
وحظي ملف الانفتاح الاقتصادي بمختلف أبعاده بأولوية قصوى على جدول أعمال لقاءات ممثل سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، على هامش أعمال اجتماعات الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في مدينة نيويورك نهاية شهر سبتمبر الماضي.
وحينها نقل ممثل سمو الأمير سمو ولي العهد خلال لقاءاته في نيويورك مع ممثلي شركات عالمية كبرى الرغبة الأميرية السامية في تعزيز وجود الشركات العالمية بدولة الكويت ونقل خبراتها.
كما شهدت سلسلة اللقاءات التي عقدها سمو ولي العهد في نيويورك مناقشة عدة مواضيع اقتصادية واستثمارية وتبادل الرأي حول آخر التطورات العالمية، وسبل تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين.
بموازاة ذلك تسارعت في الأسابيع القليلة الماضية الخطوات الرامية إلى تفعيل الاتفاقيات السبع التي جرى توقيعها بين حكومتي دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية على هامش زيارة سمو أمير البلاد إلى الصين في سبتمبر العام 2023 -حين كان سموه ولياً للعهد- من أجل توسيع آفاق الشراكة الاقتصادية بين البلدين وتعزيز جاذبية الاستثمار في الكويت.
واستقبلت الكويت زيارات عدة لوفود صينية شهدت لقاءات مع وزراء ومسؤولين كويتيين، لبحث تعزيز التعاون بين البلدين وسُبل تفعيل الاتفاقيات التي تشمل مذكرة تفاهم في شأن التعاون في مجال المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية.
وعبّر الجانب الصيني عن الثقة في مستقبل التعاون مع الكويت وجدية المحادثات المثمرة التي تخللت زيارة وفد حكومي رفيع المستوى من شركة «CCC» الصينية إلى الكويت.
ويتابع مجلس الوزراء الكويتي مع الوزراء المعنيين تطورات المشاورات التي تجري بشأن تفعيل الاتفاقيات السبع مع الجانب الصيني، علاوة على خطط تحسين المناخ الاستثماري في إطار دعم تحول البلاد إلى موطن للاستثمارات ذات القيمة المضافة والمحفزة للابتكار.
وكلف المجلس عدداً من الجهات استكمال الدراسات الرامية لإشراك القطاع الخاص في بعض المشاريع التنموية وتحديد آلية طرحها وتسويقها محلياً ودولياً بينها مشروعا تطوير المخطط الهيكلي لخليج الصليبيخات وتطوير الواجهة البحرية بالجهراء «الكورنيش».
وأكدت وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار ووزيرة النفط بالوكالة نورة الفصام في أعقاب مباحثاتها مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي فرانشيسكو بارودي مؤخراً، أولوية المحافظة على الاستقرار المالي في البلاد من خلال تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع الإيرادات غير النفطية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع العمالة الوطنية.
وطرحت الكويت خلال شهر أغسطس الماضي قواعد جديدة غايتها تعزيز مناخ الاستثمار للمستثمرين الأجانب في الكويت عبر قرار أصدرته هيئة تشجيع الاستثمار المباشر أجاز للكيانات الاستثمارية التي لا يقل عن تاريخ بدء تشغيلها الفعلي سنة التقدم إلى الهيئة بطلب منح مزايا وإعفاءات وفقا لعدد من الضوابط.
وحدد القرار الأحكام والضوابط الخاصة للمستثمر والكيانات الاستثمارية التي تتقدم بطلب الحصول على المزايا والإعفاءات وفق أحكام القانون بشكل متزامن مع طلب الترخيص الاستثماري أو لاحق على الترخيص الاستثماري والتي لديها عقود جارية أو مشروعات تقدمت بعطاءاتها من قبل تقديم الطلب سواء كانت مع القطاع الحكومي أو القطاع الخاص.
وانضمت شركة «جوزيف غالاغر» البريطانية في شهر سبتمبر الماضي إلى قائمة الشركات الأجنبية الهتمة بالاستثمار في السوق الكويتي عبر تأسيس كيان يحمل رخصة شركة الشخص الواحد في الكويت تحت مسمى «شركة جوزيف غالاغر لإدارة المشاريع».
كما افتتحت شركة «غوغل كلاود» مكاتب جديدة لها في الكويت في شهر يوليو الماضي لتعزيز التحول الرقمي في البلاد وإثراء المردود الاقتصادي للدولة.
وترصد الجهات المعنية في الدولة متغيرات الاقتصاد المحلي واتجاهات الاقتصاد العالمي والإقليمي لا سيما ما يتعلق بمنظومة الاستثمار المباشر علاوة على توظيف مختلف الأدوات المتاحة لتطوير الأداء وتوفير الدراسات والبيانات التي تسهم في تشجيع الاستثمار.
وتعمل الكويت على تكثيف التعاون الإقليمي الخليجي من أجل تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية إضافة إلى توسيع علاقاتها مع الدول الصديقة بتوقيع مذكرات التفاهم في مجال تشجيع الاستثمار المباشر.
وتشهد البلاد جهوداً متضافرة لتحسين البيئة الاستثمارية وتعزيز التنافسية وتحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية الكبرى وسط ما تتمتع به الدولة من مزايا اقتصادية وجغرافية تمكنها من تحقيق تقدم نوعي في هذا المجال.
وتتصدر برامج خطة التنمية 2024-2025 إنشاء منطقة اقتصادية دولية خاصة تتمتع بقوانين وأنظمة جاذبة للاستثمار مع هيكل مؤسسي مستقل يضمن استقطاب الاستثمارات العالمية ذات القيمة المضافة العالية وبما يشجع الابتكار مع ضمان الشفافية في إدارة الموارد المالية.
وتحقيقا للمستهدفات التنموية تتسارع الخطى في المرحلة الراهنة إلى تطوير المناطق الاقتصادية الكويتية من خلال استقطاب الاستثمارات النوعية التي تساهم في تعميق هياكل القاعدة الإنتاجية عبر فتح الأبواب أمام مجتمع الأعمال الإقليمي والدولي الباحث عن بناء شراكات طويلة الأمد.
وقد صدر في الكويت خلال أغسطس الماضي مرسوم بالموافقة على مذكرة تفاهم مع حكومة سلطنة عمان في مجال الاستثمار المباشر بهدف إنشاء إطار للتعاون بين الطرفين وتسهيل تبادل المعرفة التقنية والخبرات بين البلدين.
وتقضي المذكرة بالتعاون بين الطرفين في استكشاف وتحديد وتبادل فرص الاستثمار المباشر المحتملة في كلا البلدين والعمل على تحديد الحوافز لدعم المزيد من الاستثمارات في القطاعات الاستثمارية.
كما تم إقرار مرسوم بالموافقة على مذكرة تفاهم مع حكومة جمهورية كوريا لتقوية روابط التعاون الاقتصادي وتعزيز الاستثمارات المتبادلة بحيث يقوم الطرفان بالتعاون في المجالات الاقتصادية وتنظيم الزيارات المتبادلة بهدف تشجيع تنمية الاستثمار.
وقد أنشأت الكويت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر بموجب القانون رقم 116 لسنة 2013 في شأن تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت باعتبارها هيئة عامة متخصصة تتمتع بالاستقلالين المالي والإداري.
وتعنى الهيئة بالتنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال التجارية في الكويت من خلال النافذة الموحدة وتشجيع مزيد من المشاركة في الفرص الاستثمارية ذات القيمة المضافة وإنشاء مناطق اقتصادية.
وبلغة الأرقام ارتفع حجم الاستثمارات المباشرة تراكميا منذ مطلع يناير 2015 حتى نهاية مارس 2024 لنحو 1.7 مليار دينار كويتي بينها 206.9 مليون دينار كويتي استثمارات مباشرة واردة خلال السنة المالية 2023-2024.
وقالت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في بيان أصدرته يوم الاثنين الماضي إن هذه الاستثمارات جاءت من قبل 95 كيانا استثماريا تنتمي إلى 34 دولة مختلفة.
وتتصدر القارة الأوروبية الاستثمارات المباشرة في الكويت بنسبة 59.98 بالمئة ثم قارة آسيا بنسبة 28.50 بالمئة ثم قارة أمريكا الشمالية بـ9.52 بالمئة وقارة أفريقيا بـ1.90 بالمئة.