يعتبر تشخيص المرض أول خطوة من خطوات العلاج، ويعتمد الأطباء في عمليات التشخيص على وسائل عدة تختلف باختلاف المرض وطبيعته.
ومن الوسائل التي تخطر على بال المرء ما إن تحدث عن تشخيص الأمراض الفحوصات المخبرية والتصوير الإشعاعي، فنسمع كثيراً عن فحوصات الدم المختلفة وفحوصات تجري على سوائل الجسم، بالإضافة إلى فحوصات كالأشعة السينية والمقطعية والرنين المغناطيسي وغيرها.
كما توجد فحوصات خاصة تجري في مختبرات خاصة وتحت ظروف وإجراءات معينة؛ من أجل تشخيص الأمراض وعلاجها.
سوف نلقي الضوء في هذا المقال على وسيلة أخرى تستخدم لتشخيص معظم أو بالأحرى كل الأمراض، كما قد تكون في كثير من الأحيان الوسيلة الوحيدة لذلك، وما نقصده هنا هو تاريخ المرض أو تاريخ الأعراض وما يسمى طبيا بالتاريخ الطبي.
ولن نكون مبالغين إن قلنا أن تشخيص الكثير من الأمراض يعتمد ما نسبته ٨٠٪ على التاريخ الطبي وحده ، ولنوضح ذلك أكثر نسرد لكم هذا المثال :
حينما يتجه المريض المصاب بمرض الربو إلى طبيبه؛ راجياً تشخيص مرضه، وبالتالي علاجه وتخفيف أعراضه وشكواه ، فقد يكون أثناء معاينة الطبيب له خاليا من الأعراض ومن أي علاماتٍ للمرض ، فحتى يتمكن الطبيب من الوصول إلى تشخيص المرض ، فإنه يعتمد إعتماداً شبه تام على ما يصفه المريض من وصف مفصل للأعراض التي كان يشعر بها من حيث طبيعتها وشدتها وطريقه حدوثها ،والأعراض المصاحبة لها وطريقه زوالها ،ويضيف إلى ذلك تاريخ المرض في العائلة.
فباختصار مرض الربو عبارة عن إلتهاب في الشعب الهوائية يؤدي إلى ظهور أعراض السعال الجاف المصحوب بضيق في التنفس أو صفير على شكل نوبات، تحدث هذه النوبات نتيجة تعرض المريض للمحفزات المعروفة للمرض كالعدوى الفيروسية ، والتعرض للجو البارد أو الغبار أو البخور أو الروائح القوية ، أو أثناء الإجهاد الجسدي.
لذلك يعتبر وجود هذه الأعراض بهذه الصورة مع غياب أعراض الأمراض الأخرى وسيلة هامة جداً لتشخيص مرض الربو دون إجراء أي فحص، وهذا مثال على أهمية التاريخ الطبي في التشخيص، وفي معظم الأحيان لايحتاج مريض الربو إجراء أي فحص مخبري أو إشعاعي لتشخيصه بالمرض.
وهنا وجب التنبيه على ألا يتم الخلط بين إمكانية الوصول إلى التشخيص من دون إجراء أية فحوصات، وبين أهمية بعض الفحوصات لتأكيد الإصابة بالمرض وتحديد حدته، أو لقياس كفاءة الرئتين، وهذا لا يتعارض مع ماذكرناه بأن التشخيص يعتمد بالدرجة الأولى على التاريخ الطبي، وذلك من خلال تطابق أعراض المريض مع المرض.
إن ماذكرناه هنا عن هذا المرض (الربو) ماهو إلا مثالٌ من أمثلةٍ كثيرة يعتبر التاريخ الطبي فيها أهم من الكثير من التقنيات الحديثة والمتطورة في الكشف عن الأمراض؛ لذلك لابد أن يحرص المريض دائماً على نقل الصورة الصحيحة والدقيقة عن مرضه وشكواه لطبيبه دون تقصيرٍ أو مبالغة في سبيل الحصول على التشخيص السليم وبالتالي العلاج الصحيح ، وألا يكون ممن يبالغون في وصف أعراض المرض؛ رغبة منه في إجراء فحوصاتٍ أكثر ما من شأنه تأخير التشخيص ، أو تعرضه للآثار الجانبية لبعض الفحوصات.
وينطبق ذلك على تبني الدقة في وصف استجابة المريض للعلاج والأدوية من عدمها؛ حتى يتمكن الطبيب من رسم الخطة العلاجية الأساسية والبديلة بناء على تجاوب المريض.
حفظكم الله ورزقكم تمام الصحة والعافية.
@DRYOUNISBALUSHI