Site icon صحيفة العربي الإلكترونية

” الاحسان إلى الجار ” بقلم: خالد عمر حشوان

الجار في الإسلام هو كل من جاورك سواء كان مسلما أو غير مسلم حيث يظن البعض أن الجار هو جار السكن فقط لأنها من أعظم صور الجوار ولكن الحقيقة هي وجود صور أخرى للجوار مثل جار العمل وجار الدراسة وجار السفر وجار المستشفى وجميع صور الجوار الممكنة في التجاور والقرب منا.
وسوف نوضح في هذا المقال بعض النقاط المهمة في موضوع الإحسان إلى الجار وأنواع الجيران وفضلهم وأهميتهم للإنسان في الحياة :-

حد الجار والجوار :- حد الجار عند الشافعية والحنابلة في السكن هو أربعون دارا من كل جانب وبعضهم ضيق في حد الجوار للجار الملاصق فقط من جميع الجهات أو المقابل له وبينهما شارع فاصل.

أنواع الجيران :- للجيران أربعة أنواع نلخصها في الآتي :-
أولا: الجار ذي القربى :- وهو الجار الذي يكون له صلة قرابة بجاره كسكن الأخوة أو أبناء العم أو الخال أو الأقارب في مبنى واحد أو مباني مجاورة فيصبح له حق الجوار وحق القرابة فتجتمع أواصر المحبة مع ألفة القرابة في الجوار.

ثانيا: الجار الجنب :- وهو الجار المسلم دون قرابة تذكر، وفي هذه العلاقة يبرز دور الإسلام في التأليف بين الجيران وانتشار المحبة وسمو أخلاق المسلمين مع مراعاة حق الجيرة بينهما.

ثالثا: الجار غير المسلم :- وهو الجار برغم اختلاف ديانته حيث يبرز دور الجار المسلم في الإحسان إلى جاره غير المسلم ودعوته إلى الله عن طريق أداء حقوق الجار من واقع التعامل والسلوك الحسن كما كان يفعل المصطفى عليه الصلاة والسلام مع جيرانه من اليهود والمشركين بزيارتهم وإجابة دعوتهم وحسن عشرتهم والإهداء إليهم وخصهم بالخير.

رابعا: الصاحب بالجنب :- وهو الرفيق المجاور في السفر ويكون منزله منزلك وطعامه طعامك ومسيره مسيرك ويده في يدك، بل قال بعض المفسرون أنها امرأة الرجل (أي زوجته) التي تكون معه إلى جنبه طيلة حياته هذا والله أعلى وأعلم.

فضل الإحسان للجار وتعظيم حقه :- للجار حقوق كثيرة فرضها الإسلام ومن أهمها :
1- كف الأذى عنه وعدم الإساءة له بالقول أو الفعل :- كف الأذى عن الجار والإحسان له خلق نبيل يحث القلوب على الخير والمعاملة الحسنة وتقدير الجيران لبعضهم البعض مما يؤدي للمحبة والألفة والتكاتف والتواصل بينهم.
2- حب الله ورسوله بسبب الإحسان للجار :- يتضح لنا ذلك في حديث رسولنا صلى الله عليه وآلة وسلم عندما قال ” فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ يُحِبَّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، فَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ ، وَاصْدُقُوا إِذَا حُدِّثْتُمْ ، وَأَحْسِنُوا جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكُمْ ” (المعجم الأوسط للطبراني – صحيح الجامع).
3- صيانة عرضه والحفاظ على شرفه :- ومنها حفظ حقوقه في غيابه وستر عورته وصيانة عرضه وغض البصر عن محارمه والحفاظ على أسراره وقد كان العرب في الجاهلية يتفاخرون في أشعارهم بصيانتهم لأعراض جيرانهم.
4- الوقوف معه في أفراحه وأتراحه :- من حسن الجوار أن يقف الجار مع جاره في جميع الأوقات السعيدة والحزينة ماليا ومعنويا ونفسيا حتى ييسر الله له أموره، كما يمكن أيضا بالموعظة الحسنة والنصيحة عند الحاجة دون التدخل في الحياة الخاصة ومضايقته بما لا يسره.
5- رد السلام وإجابة الدعوة :- رغم أنها حق عام للمسلمين جميعا إلا أنها تتأكد في حق الجار لما لها من آثار عميقة في زيادة المحبة والألفة والتقارب والتواصل بين الجيران.
6- تفقد الجار وقضاء حوائجه :- تفقد الجار والسؤال عن أحواله ومعرفة احتياجاته والإهداء له من الصفات النبيلة في التعامل مع الجار لما لها من تأثير بالغ في إحساس الجار بأن له جيران يهتمون به ويراعون مشاعره ويقفون معه عند الحاجة.

أهمية الجار في الإسلام :- تكمن أهمية الجار في الإسلام في عدم قدرة الانسان العيش بدون جيران، فمشاركتهم الحياة والتفاعل معهم تشعر الانسان بالسعادة والألفة والمحبة والعيش في راحة واطمئنان يسوده الجو العائلي الذي يساهم في التعاون والمساعدة فيما بينهما وعدم الشعور بالوحدة والإحساس بالفخر بوجود جار مخلص يهتم به ويسأل عنه ويتودد له ويطمئن له عند ترك أهله قريبا منه.

ومن القصص التي قرأتها وأعجبتني عن حفظ الجوار قصة محمد بن الجهم الذي عرض داره للبيع بخمسين ألف درهم (وكان جارا لسعيد بن العاص) فلما حضر المشتري قال له بن الجهم: فبكم تشتري جوار سعيد بن العاص؟ فقال المشتري: وهل يباع الجوار؟ قال بن الجهم: وكيف لا يباع ولا يفرد يثمن، وهو جوار من إذا سألته أعطاك، وإن سكت عنه ابتدأك (أي بادرك بالسؤال) وإن أسأت إليه أحسن إليك؟ فبلغ ذلك سعيد بن العاص فوجه بمائة ألف درهم وقال له: أمسك دارك عليك فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ” (الراوي عبد الله بن عمر – صحيح البخاري).

ونختم بأن الجار هو أقرب الأشخاص ألينا وفي بعض الأحيان يكون أقرب إلينا من أهلنا، والجوار يكون في جميع الحالات والأوقات لإثراء الحياة الاجتماعية والجيرة الطيبة هذا بالإضافة إلى ضرورة اختيار الجار قبل الدار لحساسية قربه منا ومدى التعامل معه ، والانسان بطبعه كائن اجتماعي لديه رغبة في تكوين علاقات اجتماعية ولا يحب العزلة والوحدة لذلك لابد من مراعاة حقوق الجار والمحافظة على شعوره وكف الأذى عنه والتودد له واعتباره من الأهل والأهم من ذلك هو توعية الأبناء بحقوق الجار وتنشئتهم على حب الجار ومعرفة وحفظ حقوقه كاملة كما حثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف حتى نورث صفة حسن الجوار في الأجيال القادمة.

Exit mobile version