قال مستشار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بدران جيا كورد، إن “الانتهاكات الممنهجة” التي طالت المكون الدرزي في الجنوب السوري، وما سبقها من انتهاكات مشابهة في الساحل، تؤكد بوضوح الرفض العميق للتعددية الثقافية والدينية من قِبل وزارة الدفاع الانتقالية والمؤسسات التابعة لها، وهو ما يؤدي إلى تقويض أسس العيش المشترك ضمن جغرافيا وطنية واحدة.
وأضاف كورد في تدوينة على حسابه بمنصة “إكس”، أن “استمرار هذه الممارسات يدفع بسوريا نحو مزيد من التشظي والتفتت على المستويين السياسي والاجتماعي، ويضع جميع المكونات السورية أمام تحدٍّ خطير وممنهج، سواء كان ذلك بشكل جماعي أو فردي”.
واعتبر كورد أن “قضية المكون الدرزي هي قضية وطنية سورية بامتياز، ولا تنفصل عن قضايا باقي المكونات، فكل منها يُشكل جزءاً لا يتجزأ من الجسد السوري الواحد”.
وأكد تضامن الإدارة مع أبناء هذا المكون في معاناتهم، داعياً إلى الحفاظ على هويتهم العريقة وحقوقهم الأصيلة.
وشدد على أن “الحكومة الانتقالية مطالبة بمراجعة شاملة وعاجلة لنهجها في التعامل مع الداخل السوري، والبدء بحوار وطني جاد ومسؤول مع مختلف المكونات، مع احترام خصوصية كل مكون وهويته الثقافية والدينية”.
وأشار إلى أن “أولوية المرحلة يجب أن تكون للحوار والانفتاح الداخلي، لا الخارجي”، مضيفاً أن “أي سلطة لا يمكن أن تكتسب شرعيتها دون توافق وطني واعتراف متبادل بين السوريين”.
وأردف كورد أن “فرض السيادة عبر أدوات القمع والترهيب أسلوب فاشل، أثبت التاريخ سقوط كل الأنظمة التي سلكته”، لافتاً إلى أن “هذا النهج لا يهدد التماسك الوطني فقط، بل يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية ويحول البلاد إلى ساحة صراع إقليمي ودولي في ظل غياب القرار السوري المستقل”.
وأكد مستشار الإدارة الذاتية أن “المسؤولية الوطنية تقع على عاتق كل مكونات المجتمع السوري”، داعياً إلى “توحيد الجهود والعمل على بلورة مشروع وطني ديمقراطي تعددي بعيداً عن الفئوية والإقصاء”.
كما دعا السلطات الانتقالية في دمشق إلى الانخراط الجدي في الحوار الوطني، وتقديم تنازلات فعلية عبر نقل بعض الصلاحيات إلى السلطات المحلية، بما يعزز الثقة ويكرّس مفهوم الشراكة.
وأشار إلى أن “هذه السلطات تتحمل كامل المسؤولية عن الخطاب الطائفي التحريضي المنتشر عبر منابرها الإعلامية أو الخطاب الشعبوي في الشارع ومواقع التواصل، والذي لا يؤدي إلا إلى التجييش والصدام المجتمعي”.
وطالب القيادي الكوردي البارز القوى الإقليمية والدولية بأن “تلعب دوراً مسؤولاً في دعم حلول وطنية شاملة تُعبّر عن تطلعات السوريين، لا مصالحهم الخاصة”.
وشدد في الختام على ضرورة “فتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم التي وقعت في السويداء، وتسليم ملف التحقيق في جرائم الساحل السوري إلى لجان دولية محايدة، كخطوة أولى نحو مصالحة وطنية شاملة قائمة على العدالة والمشاركة السياسية في المرحلة الانتقالية، تمهيداً لبناء مؤسسات وطنية وصياغة دستور جديد يُعبّر عن إرادة جميع السوريين”.