تتفاوض «طيران الإمارات» مع شركة «سبيس إكس»، التابعة للملياردير إيلون ماسك، لتحديث خدمات الإنترنت لديها، إذ تتطلع أكبر شركة طيران دولية لتعزيز خدمات الإنترنت اللاسلكية على متن طائراتها.
وتدرس طيران الإمارات صفقة لتزويد طائراتها عريضة البدن بخدمات إنترنت «ستارلينك» التابعة لـ«سبيس إكس».
أفادت «بلومبرغ» بأن «سبيس إكس» أجرت محادثات مع «طيران الإمارات» التي تمتلك أكبر أسطول في العالم لرحلات المسافات الطويلة من طائرات «بوينغ» و«إيرباص»، كما قدم أعضاء من فريق ماسك عروض «ستارلينك» لشركات أخرى من بينها «فلاي دبي» و«طيران الخليج»، وهم الآن في محادثات متقدمة مع «السعودية»، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
ولا تزال المفاوضات جارية وقد تنتهج الشركات استراتيجيات مختلفة بحسب الأشخاص المطلعين على الأمر.
وقالت «طيران الإمارات» إنها ملتزمة بتقديم أفضل خدمة على متن الرحلات، فيما أكدت «فلاي دبي»: «نقيّم حالياً خيارات مختلفة للاتصال لتلبية خطط نمونا»، بحسب بلومبرغ.
على مدى السنوات الثلاث الماضية أخذ إيلون ماسك يشق طريقه بثبات إلى السوق المزدهرة لخدمة الـ«واي فاي» على متن الرحلات الجوية، إذ وقعت خدمة «ستارلينك» التابعة له عقوداً مع شركات مرموقة من «إير فرانس» و«يونايتد إيرلاينز».
وقالت «ألاسكا إير غروب» إنها ستبدأ تركيب «ستارلينك» اعتباراً من العام المقبل، كما توصلت «فيرجن أتلانتيك» في مطلع يوليو الماضي إلى اتفاق لاستخدام شبكة الأقمار الاصطناعية المملوكة لشركة «سبيس إكس».
ووفقاً لأشخاص مطلعين على الموضوع قد لا تكون «بريتيش إيرويز» بعيدة عن اللحاق بالركب، في صفقة ستمكن ماسك من ضم شركة طيران رائدة أخرى على خط الأطلسي المربح.
سوق الشرق الأوسط
لكن عيون ماسك تتطلع إلى جائزة أكبر وهي الشرق الأوسط، موطن بعض أكثر شركات الطيران تأثيراً في الابتكار وتشكيل الاتجاهات في القطاع، ومركز ربط عالمي لرحلات المسافات الطويلة.
يمثل الفوز بأعمال مع شركات طيران الشرق الأوسط، لا سيما تلك المعروفة بكونها علامات فاخرة مثل «طيران الإمارات»، لحظة مفصلية في المنافسة العالمية لـ«ستارلينك» ضد المشغلين التقليديين مثل «إيكوستار» و«فياسات» و«إس إي إس».
هؤلاء المنافسون غير مستعدين للتنازل عن حصتهم في السوق دون قتال. فهم يعيدون صياغة خططهم ويخوضون موجة من إبرام الصفقات، فيما تتسارع المعركة على شريحة تنمو بسرعة من سوق اتصالات الأقمار الاصطناعية البالغة قيمتها 100 مليار دولار.
«سبيس إكس» منافس قوي
انتزعت «سبيس إكس» لنفسها موطئ قدم في سوق الطيران العالمية عبر تقديم أسرع سرعات اتصال بالإنترنت على مستوى الصناعة باستخدام نحو 8 آلاف قمر اصطناعي.
تقدم الشركة تقنية «ستارلينك» بنموذج اشتراك تدفع فيه الشركات مقابل تركيب المعدات، إضافة إلى سعر شهري لكل مقعد مقابل الاتصال.
فعلى سبيل المثال تبلغ كلفة تركيب «ستارلينك» على طائرة «بوينغ 737» نحو 300 ألف دولار، بينما تتكلف طائرة «787 دريملاينر» (787 Dreamliner) الأكبر سعراً قدره 500 دولار للطائرة الواحدة، وفق وثيقة اطلعت عليها «بلومبرغ»، ربما تختلف الأسعار الشهرية على أساس كل مقعد تبعاً لعوامل كثيرة، منها مدة العقد الذي تكون شركة الطيران مستعدة لتوقيعه، لكن في بعض الحالات جرى الاتفاق على بيع الخدمة من «ستارلينك» بحوالي 120 دولاراً شهرياً لكل مقعد، مع 120 دولاراً إضافية لتلفزيون البث المباشر، بحسب أحد هؤلاء الأشخاص.
لطالما كان الوصول إلى الإنترنت على متن الطائرات عرضاً غريباً بقدر ما كان غير موثوق وباهظ التكلفة، سواء لشركات الطيران عند التركيب أو للركاب عند الاستخدام. تتحرك شركات كثيرة الآن نحو توفير بدائل سريعة وموثوقة، إذ إن تمكين العملاء من مشاهدة البث والعمل والتواصل في الرحلات الطويلة يمكن أن يكون مغيراً لقواعد اللعبة في تجربة المقصورة.
تقليد نهج «سبيس إكس»
ترسل شبكة «ستارلينك» الإشارات إلى الطائرة تماماً كما تفعل مع مستخدميها النشطين الآخرين البالغين 6 ملايين من القطاع السكني أو الوحدات المتنقلة أو الأعمال البحرية إذ يجري تثبيت محطة بحجم علبة بيتزا على الطائرة وتتصل بسلسلة من الأقمار الاصطناعية التي تعبر مسارها على ارتفاع يقارب 350 ميلاً (نحو 560 كيلومتراً) فوق سطح الأرض، فيما يُعرف بالمدار الأرضي المنخفض (LEO).
على النقيض حققت شركات التشغيل التقليدية مثل «فياسات» و«إس إي إس» تغطية عالمية باستخدام عدد صغير من الأقمار الاصطناعية الأكبر حجماً والأقوى بكثير على ارتفاع أعلى بنحو 65 مرة، في المدار الثابت بالنسبة إلى الأرض.
وبما أن هذه الأقمار أبعد عن الأرض فإن البيانات تقطع مسافة أطول بكثير، ما يؤدي أحياناً إلى اتصال بطيء بالإنترنت على متن الرحلات.
لكن مع متطلبات العصر لسرعات النطاق العريض من أي مكان، بدأ مشغلو الأقمار التقليديون بتبني نهج «سبيس إكس».
فقد بدأت شركات «إيكو ستار» و«فياسات» و«إس إي إس» في تقديم الحلول متعددة المدارات مباشرة لشركات الطيران، من خلال دمج السعات المتاحة من مجموعات أقمار اصطناعية متنوعة تعمل في المدارات الثابتة جغرافياً، وتلك الأقرب إلى الأرض.
خلال الأشهر القليلة الماضية أعلنت «فياسات» عن إبرام صفقات لدعم خدمات الاتصال على متن الرحلات الجوية مع «أمريكان إيرلاينز» و«طيران الرياض»، كما أعلنت «إنتلسات»، التي استحوذت عليها «إس إي إس» في يوليو، عن عقد شراكات مع «تاي إيروايز إنترناشونال» وصانعة الطائرات «إمبراير».