باتت بعض منظوماتنا الرياضية بشكل عام تعمل على ردود الأفعال وليس على الأفعال ذاتها فقد تابعنا في مناسبات عديدة سابقة آلية عمل بعض الاتحادات الرياضية فبعد أن يعلو صوت الجماهير في أمر ما بعد أن تلجأ إلى المتنفس والمنبر الوحيد لها وهو وسائل التواصل الاجتماعي أو إحدى وسائل الإعلام المسموعة ونادراً ما تلجأ إلى وسائل الإعلام المرئية الرسمية إذ أن هذه الوسائل قليلا ما نجد فيها المساحة الحرة لمناقشة الملف والجانب الرياضي جماهيرياً وهنا لا نعني ما يطرح في البرامج التخصصية المعتادة، إذ يعرف الجميع أن لكل وسيلة إعلام لها سياساتها في الطرح، وإذا ما كانت هناك برامج مخصصة لذلك نجدها تتناول تلك الملفات باتزان وتحفظ، في الجانب الآخر نتابع الكثير من الإعلاميين يجدون حريتهم وراحتهم في طرح الكثير من القضايا والملفات الرياضية الساخنة من خلال منصات التواصل الاجتماعي وهذا حق مشروع لهم ولغيرهم ولا جدال في ذلك بل أمر متاح للجميع بما في ذلك للجماهير من لا يملكون وسيلة للتعبير عن آرائهم سوى تلك الوسيلة من هنا مدخلنا إلى عنوان المقال منهجية ردود الأفعال.
الكثير منا وأعني الجماهير الرياضية تابع خلال الأيام القليلة الماضية الضغط الكبير والحراك الرياضي الذي أوجدته الجماهير الرياضية العمانية العاشقة لمنتخب بلادها وبعض الإعلاميين والصحفيين الرياضيين بعد الهزيمة الكبيرة التي مُني بها المنتخب الوطني أمام المنتخب الكوري الجنوبي وقبلها الهزيمة أمام المنتخب العراقي الشقيق والمطالبة الجماهيرية أولاً أن يقدم الاتحاد العماني لكرة القدم الاستقالة الجماعية وثانياً إقالة مدرب المنتخب التشيكي ياروسلاف شيلافي وقد لاقى ذلك تفعالا كبيرا وصلت ذروة تلك المطالبات إلى حدها وكما يقال وصل الأمر إلى ذروة سنام الجمل أي أعلى نقطة على ظهر الجمل أي بلغت تلك المطالبات إلى الترند بمعنى لا حديث غير استقالة الاتحاد ورحيل مدرب المنتخب ياروسلاف شيلافي.
وبالفعل قد يفسر البعض رضوخ الاتحاد للترند الثاني سمه كما شئت إقالة أو تراضي أو فسخ عقد كل الطرق تؤدي إلى التجاوب السريع لمطالب الجماهير الرياضية مع العلم أن المدرب شيلافي لم يكمل من العمل مع المنتخب سوى سبعة أشهر فقط، هنا يتساءل الجميع كيف تم هذا التعاقد مع مدرب بهكذا اسم وما هي ظروف ذلك التعاقد الذي كالعادة كان ردة فعل للخروج المبكر من بطولة كأس آسيا ٢٠٢٣م بالدوحة ولو أننا نعلم دائماً بأن المدرب هو كبش فداء وها هو المشهد يتكرر مرة أخرى ومن جديد بنفس السيناريو ونفس الكاتب والمخرج اختلف الممثلون فقط، هذه المرة مع شيلافي وقبلها مع برانكو، وقد يفسر البعض أن هذه القرارت تسمى فعل وردة فعل قد تغلب عليها العاطفة ودائماً تكون ارتجالية معتمدة على فعل وردة فعل لامتصاص غضب الجماهير و استجابة سريعة لتهدئة الرأي العام وقد يذهب البعض إلى أن تلك القرارت قد تكون غير مدروسة وأتت في وقت زمني قصير نتج عن اتخاذ هذا القرار، إذ كلنا يعلم أن ليس للجمعية العمومية أي دور في هذا الجانب لكي تبدي برأيها وهذا ليس من اختصاصاتها بل الأمر يعود برمته لمجلس الإدارة الذي قد يقول البعض أنه ربما يبني قراراته من خلال ردود الأفعال إذ اتخذ ردة فعل سريعة أخرى بعد مطالبة الجماهير وبعض الإعلاميين من خلال تعيين المدرب الوطني رشيد جابر الذي نكن له كل الاحترام ونتمنى له التوفيق وذلك في تكملة مشوار ما تبقى من مباريات تصفيات كأس العالم ٢٠٢٦م بأمريكا وكندا والمكسيك التي كانت بدايتها متعثرة لمنتخبنا الوطني الذي يتذيل ترتيب المجموعة الثانية وبدون نقاط بجانب منتخبات كوريا الجنوبية والأردن والعراق والكويت وفلسطين ووسط تنافس كبير من قبل جميع المنتخبات الآسيوية التي تتصارع عليها في المقدمة ٦ منتخبات قوية ومرشحة لخطف بطاقات التأهل مباشرة في أقل تقدير وعلى الورق هي منتخبات إيران وأوزباكستان وكوريا الجنوبية و الأردن واليابان وأستراليا، فيما تتنافس بقية المنتخبات (الإمارات وقطر) أو(السعودية والبحرين) أو(العراق وسلطنة عمان أو فلسطين) لخطف بطاقتين مباشرة لتلحق بالمنتخبات المتأهلة مباشرة فيما تبقى آمال باقي المنتخبات معلقة في الحصول على نصف بطاقة من خلالها تذهب للملحق القاري الذي سوف يتحدد لاحقاً.
إذاً يدرك الجميع بما فيهم الاتحاد والمدرب أن بلوغ نهائيات كأس العالم ٢٠٢٦م ليس بالأمر السهل أو الهين ولا تشفع له دعوات الوالدين فقط، بل هو عمل ممنهج وخطط مدروسة واستراتيجية مرسومة لفترات طويلة وليست وليدة ردات الأفعال التي ولربما ينتهجها الاتحاد لمجرد إرضاء الجماهير التي لا يرضيها شيء ولا يستطيع الاتحاد أن يقف عند كل ما تطالب به، فإذا أردنا تحقيق رؤية معينة أو بلوغ هدف ما علينا أن نكون واضحين في ما نقوم به من عمل وأن نعلن عن هذا الهدف والمشروع الذي نريد الوصول إليه بوقت كاف قبل تنفيذه وأن نسعى بكل ما أوتينا من وسيلة في تحقيق رؤية حكومتنا الرشيدة واستراتيجية وزارة الثقافة والرياضة والشباب لرؤية عمان ٢٠٤٠ من خلال دعم الهيئات والمؤسسات الرياضية للارتقاء بمستوى المنتخبات الوطنية لرفع علم السلطنة في المحافل الرياضية الدولية والعمل لتحقيق تلك الطوحات التي تسعى الوزارة لترسيخها من خلال الدعم الكبير الذي توليه للمنتخب الوطني في حملة كلنا معك.
بدون أدنى شك نقدر ونثمن الجهود التي تقوم بها وزارة الثقافة والرياضة والشباب لخدمة المنظومة الرياضية للارتقاء بالرياضة والرياضيين والمتمثل في جوهر اهتماماتها بالشباب العماني ودعمه على المستوى الداخلي لخلق بيئة رياضية تنافسية صحية ومشاركاته الخارجية لأجل رفع علم سلطنة عُمان في المحافل الرياضية الدولية إذ علينا أن ندرك أن جميع تلك الجهود تحتاج إلى تظافر وتعاون وتكاتف من الجميع وكما يقال اليد الواحدة لا تصفق إذ تلك الجهود تحتاج إلى تعزيز وتحتاج لمن ينفذها ومن يترجمها على أرض الواقع مع الشركاء الحقيقيين في التنمية الرياضية وهم المجتمع والمدرسة والأندية والجمعيات العمومية والاتحادات الرياضية كلاً وفق اختصاصاته وصلاحياته بشرط أن لا يشوب ذلك العمل أي أمور أخرى قد تعطل تلك المسيرة الرياضية التي رسمتها الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب وأن يترجم ذلك حرفياً وليس كما هو الحاصل الآن في العمل الذي تقدمه بعض الأندية وما يدور في كواليس الجمعيات العمومية وصولاً إلى الاتحادات الرياضية التي اعطيت كل الصلاحيات في ممارسة أدوارها الإدارية والفنية وتبني قراراتها وفق ما تراه مناسباً دون تدخل الوزارة في أدنى قرار .