ديننا الإسلامي الحنيف أرسى أسس التفكير ورسخ مهارته في عقول أبنائه, فلقد دعانا إلى التفكير والتأمل والتدبر وحثنا عليه وهناك الكثير من الآيات القرآنية الدالة على ذلك قال تعالى:} قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ {(الانعام,50), كما دعا القرآن الكريم الناس دعوة صريحة إلى التفكير والنظر في الكون والتأمل في الظواهر الكونية المختلفة، قال تعالى:{ قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ }(العنكبوت, 20)
ونتيجة لما يشهده العصر الحالي من التطورات والتحديات في جميع جوانب ومجالات الحياة العلمية والتكنولوجية والتربوية فميدان التربية والتعليم عليه مسايرة متطلبات العصر وتحدياته حتى لا يكون بمعزل عن هذه التغيرات الحاصلة والتعامل مع الكم الهائل من المعارف التي تعددت مصادرها. وقد أصدرت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية ( دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير) والذي “يسعى إلى تحسين الطريقة التي يفكر بها الطلاب والطالبات وتطوير قدراتهم العقلية العليا, لذلك جاءت برامج التفكير أحد أولويات التطوير في الانظمة التعليمية نظرا لقدرتها على تهيئة الطلاب والطالبات للتعامل مع تحديات الحياة بكفاءة عالية تمكنهم من حل المشكلات واتخاذ القرارات وصناعة الابداع مستلهمين في ذلك قيم الدين الاسلامي التي تدعو للتفكير والتأمل والتفكر”.
تحرص المؤسسات التعليمية على إحداث تغييرات في سلوك الطالبات، وتنمية مهاراتهنَّ وطرق تفكيرهن، وصولاً إلى بناء شخصياتهنَّ بناءً سويًّا ومتوازنًا، فالتفكير الإبداعي قابل للتعلُّم، فهو سلسلة من الخطوات، يقوم بها الشخص المبدع، وتُحدِث بمجملها تغييرًا إدراكيًا سريعًا.
فقد اهتمت معلمات التربية الإسلامية بالإبداع؛ لأنه أهم الأهداف التربوية التي تسعى المجتمعات المتقدمة إلى تحقيقها, فالهدف الأعلى من التربية في القرن الحادي والعشرين هو تنمية التفكير بجميع أشكاله لدى كلِّ طالبة، فدور المؤسسات التربوية هو التحوُّل إلى التعليم الإبداعي الذي يركِّز على تعلُّم التفكير المستند إلى المعرفة.
تباينت آراء الباحثين والكُتَّاب حول مفهوم الإبداع؛ فمنهم مَن يقصد بالإبداع القدرة على خلق شيء جديد، وإخراجه إلى حيِّز الوجود، بينما يقصد به البعض الآخر السيكولوجية منها، والتي يتم بها ابتكار شيء جديد ذي قيمة في العمليات خصوصًا, في حين ينظر فريق آخر إلى الإبداع بأنه العملية الإبداعية التي تؤدِّي في نهاية الأمر إلى إنجاز العمل الإبداعي وتحقيقه. بمعنى أنَّ العمل الإبداعي ينجم عن قدرات وعمليات تؤدي إلى إنجازه.
− تعريف نايفة قطامي: الإبداع ” هو نشاط ذهني أو عملية تقود إنتاجًا يتَّصف بالجدَّة والأصالة, والقيمة في المجتمع, ويتضمَّن إيجاد حلول جديدة للأفكار والمشكلات والمناهج”.
− تعريف فتحي جروان: ” وهو مزيج من القدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا ما وجدت بيئة مناسبة، يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية؛ لتؤدِّي إلى نتاجات أصيلة ومفيدة؛ سواء بالنسبة لخبرات الفرد السابقة أو خبرات المؤسسة أو المجتمع أو العالم، إذا كانت النتاجات من مستوى الاختراعات الإبداعية في أحد ميادين الحياة الإنسانية”.
خصائص التفكير الإبداعي:
● أنه عملية عقلية، تهدف إلى تحقيق صالح الفرد أو صالح المجتمع.
● أنه عملية تقود إلى إنتاج أشياء جديدة مختلفة ومتمايزة، تكون فريدة بالنسبة للشخص المبدع؛ سواء أكانت لفظية أم عينية.
● يتوقَّف اكتساب القدرة على التفكير الإبداعي على قدرة الفرد على اكتساب المعلومات المقبولة بالنسبة له.
● تعدُّ القدرة الإبداعية إحدى صور التخيُّل المضبوط في أحد المجالات الفنية, أو الأدبية, أو الموسيقية, وهذا التخيُّل يؤدِّي إلى نوع من الإنجاز في المجالات المختلفة.
أهم السمات التي تساعد معلمة التربية الإسلامية لتحقيق أهدافها السامية في تطوير القدرات الإبداعية للطالبات، وهي:
1- تقديم عدد كبير من الأنشطة المتنوِّعة التي تشجِّع على التفكير الإبداعي.
2- تتيح الفرصة المناسبة التي تمكِّن الطالبات من استثمار المعرفة بصورة مبدعة, وتساعدها على اكتشاف المعرفة من مصادرها المتاحة.
3- تشجِّع المعلمة على التعبير التلقائي في أجواء يسودها الاحترام والقبول.
4- تطرح المعلمة أسئلة مثيرة للجدل، تعمل على استثارة الفكر، وتحفز العقل للبحث والاكتشاف.
5- تفتح المجال لإثارة الأفكار الجديدة، فلا تلجأ إلى إهمال أيِّ فكرة مهما كانت عفوية وبسيطة.
6- تعلِّم الطالبات مهارات التفكير الإبداعي؛ مثل الأصالة والمرونة والطلاقة وتحفزهنَّ على التساؤل الذي يدفعهنَّ إلى إيجاد حلول ذاتية مبتكرة.
7- تعزِّز في الطالبات إمكانياتهن الذاتية, وتحفزهن على إطلاقها وتجريبها فاتحة المجال للصواب والخطأ، مركِّزة على الجانب التجريبي الذي يفسحه ميدان الممارسة للموهبة والطاقة في أجواء تتمتَّع بالحرية والمرونة, وحتى يكون ذلك لا بدَّ من وجود المعلمة المبدعة؛ لأتها أكثر قدرة على تعليم الإبداع ورسم خطواته على أرض الواقع من المعلمة الغير المبدعة.
إنَّ الأسلوب الذي تتعامل به المعلمة مع طالباتها داخل الصف الدراسي والطريقة التي تعالج بها قضاياهن وسلوكياتهن، لها أثر كبير في إثارة التفكير والإبداع حيث إنَّ كلَّ ما تقوله المعلمة وتفعله يؤثِّر في تعليم الطالبات.
إشراف البروف : صفيه بخيت