قالت ثلاثة مصادر إيرانية: إن الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي، حذر الأمين العام ل«حزب الله» حسن نصر الله، من أن إسرائيل تسعى لاغتياله، وطلب منه الخروج من لبنان، وذلك قبل أيام من مقتله في غارة إسرائيلية.
وأضافت المصادر، أن خامنئي عبر حينها عن قلقه البالغ من اختراق إسرائيلي لأعلى المناصب الحكومية في طهران.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول إيراني كبير، ل«رويترز»: إنه في أعقاب واقعة تفجير أجهزة اتصال لحزب الله في 17 سبتمبر/ أيلول مباشرة، أرسل خامنئي رسالة عبر مبعوث يطلب فيها من الأمين العام لحزب الله المجيء إلى إيران، وأشار فيها إلى تقارير استخباراتية تفيد بأن إسرائيل لديها عملاء داخل الجماعة اللبنانية وتخطط لقتله.
وأضاف المسؤول، أن المبعوث كان القائد الكبير في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفروشان الذي كان مع نصر الله في مخبأه عندما استهدفته قنابل إسرائيلية وقُتل معه.
ضربات دقيقة
جاء اغتيال نصر الله بعد أسبوعين شهدا ضربات إسرائيلية دقيقة دمرت مواقع أسلحة وقضت على نحو نصف قيادات «حزب الله» وكوادره العسكرية العليا.
وقالت أربعة مصادر لبنانية: إن الحرب تجعل من الصعب على «حزب الله» اختيار زعيم جديد، وذلك خوفاً من أن يتسبب الاختراق الموجود في تعريض خلفه للخطر.
وقال ماجنوس رانستورب الخبير في شؤون «حزب الله» لدى جامعة الدفاع السويدية: إن الجماعة تعرضت لأضرار كبيرة.
اختراقات
وقال مسؤول إيراني كبير: إن مقتل نصر الله دفع السلطات الإيرانية إلى التحقيق بشكل شامل في اختراقات محتملة داخل إيران.
وتعود المخاوف الإيرانية بشأن اختراق إسرائيل لصفوفها العليا إلى سنوات مضت. ففي عام 2021، قال الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد: إن رئيس وحدة الاستخبارات الإيرانية التي كانت من المفترض أن تستهدف عملاء «الموساد»، كان هو نفسه عميلاً لجهاز المخابرات الإسرائيلي، وقال لشبكة «سي.إن.إن ترك»: إن إسرائيل حصلت على وثائق حساسة عن البرنامج النووي الإيراني، في إشارة إلى عملية نفذتها إسرائيل في إيران عام 2018 وحصلت خلالها على مجموعة ضخمة من الوثائق السرية للغاية بشأن البرنامج.
وفي عام 2021 أيضاً، قدم رئيس المخابرات الإسرائيلي المنتهية ولايته يوسي كوهين تفاصيل حول العملية، قائلاً ل«بي.بي.سي»: إن 20 عميلاً غير إسرائيلي للموساد شاركوا في سرقة الأرشيف من أحد المخازن.
تحذير من أجهزة البيجر
وقال مسؤول إيراني: إن دعوة خامنئي لنصر الله للانتقال إلى إيران جاءت بعد انفجار آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكية «البيجر» وأجهزة «الووكي توكي» التي يستخدمها «حزب الله» في هجمات أدت لمقتل العشرات يومي 17 و18 سبتمبر/ أيلول. ونسبت الهجمات على نطاق واسع إلى إسرائيل، رغم أنها لم تعلن مسؤوليتها رسمياً.
وأضاف المسؤول أن نصر الله كان واثقاً من إجراءات تأمينه ويثق في دائرته الداخلية تماماً، رغم المخاوف القوية التي أبدتها طهران بشأن احتمال وجود عملاء داخل صفوف «حزب الله».
وحاول خامنئي مرة ثانية، ونقل رسالة أخرى من خلال عباس نيلفروشان إلى نصر الله الأسبوع الماضي، وحثه على مغادرة لبنان والانتقال إلى إيران كونها مكاناً أكثر أماناً. لكن نصر الله أصر على البقاء في لبنان، كما قال المسؤول.
وذكر المسؤول، أن عدة اجتماعات رفيعة المستوى عقدت في طهران في أعقاب انفجارات أجهزة «البيجر» لمناقشة سلامة «حزب الله» ونصر الله، لكنه رفض الكشف عن هوية من حضر تلك الاجتماعات.
وفي الوقت نفسه، بدأ «حزب الله» في لبنان إجراء تحقيق كبير لتطهير صفوفه من الجواسيس وجرى استجواب مئات الأعضاء بعد تفجيرات أجهزة «البيجر»، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر في لبنان ل«رويترز».
وقال مصدر في «حزب الله»: إن نبيل قاووق، وهو مسؤول كبير في «حزب الله»، كان يقود التحقيق. وأضاف المصدر، أن التحقيق كان يتقدم بسرعة، قبل أن يلقى قاووق حتفه في غارة إسرائيلية بعد يوم من اغتيال نصر الله. وكانت غارة أخرى في وقت سابق من الأسبوع الماضي استهدفت قادة كباراً آخرين في «حزب الله»، بعضهم شارك في التحقيق.
وأوضح المصدر، أن قاووق استدعى مسؤولين في «حزب الله» شاركوا في عمليات لوجستية وآخرين «شاركوا وتوسطوا وتلقوا عروضاً على أجهزة البيجر والووكي تووكي».