تستعد مجموعة «إم تي في» التلفزيونية الموسيقية التي أطلقت في مطلع الثمانينات عصراً جديداً في الثقافة الشعبية، إلى إغلاق أكثرية قنواتها الدولية، لتدفع بذلك ثمن المنافسة الشديدة مع خدمات البث التدفقي والمنصات الإلكترونية.
في عام 1981، دشنت قناة «إم تي في» الموسيقية حقبة جديدة في مجال موسيقى البوب بإطلاقها البث مع الفيديو الموسيقي لأغنية تحمل عنواناً لا يخلو من الدلالات «فيديو قتل نجم الراديو».
وبعد أكثر من أربعة عقود، تستعد المجموعة التي باتت مملوكة لشبكة «باراماونت سكاي دانس» العملاقة، والتي تواجه منافسة شرسة من منصات إلكترونية، لطي صفحة البث التلفزيوني على نطاق واسع.
وأفادت مصادر في «باراماونت» أن قناتي «إم تي في ميوزيك» و«إم تي في هيتس» مع برامجهما الموسيقية من الثمانينات والتسعينات، ستتوقفان عن البث في المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى خلال الأشهر المقبلة، كما ستتوقف هذه القنوات عن البث بنهاية العام في فرنسا وألمانيا وبولندا وأستراليا والبرازيل، وفق وسائل إعلام عدة.
وستظل بعض قنوات «إم تي في» الموسيقية متاحة في الولايات المتحدة، كما ستبقى قناة MTV HD الرئيسية متاحة في المملكة المتحدة، لكن مع التركيز على الترفيه بدلاً من الموسيقى.
بالنسبة إلى العديد من المتابعين ومقدمي البرامج السابقين الذين كانوا يستقطبون عشرات ملايين المشاهدين في ذروة «إم تي في»، ما يحدث يشكل نهاية حقبة.
تقول الأستاذة في جامعة مانشستر متروبوليتان كيرستي فيركلوف، المتخصصة في دراسة الثقافة الشعبية، لوكالة فرانس برس: إن كل ما جعل MTV قناة (ثورية) على المستوى الثقافي بات من الماضي.
وأكدت أن صعود منصات البث التدفقي وتيك توك ويوتيوب «غيّر تماماً طريقة تفاعلنا مع الموسيقى والصور»، فالجمهور بات يبحث عن «الفورية» و«التفاعلية»، وهو ما لا توفره المقاطع التي تُعرض على شاشة التلفزيون.
وفقاً لهيئة «بارب» البريطانية لقياس نسب المتابعة، لم تستقطب «إم تي في ميوزيك» سوى 1.3 مليون أسرة بريطانية في يوليو/تموز 2025، مقارنةً بأكثر من 10 ملايين أسرة كانت تشاهد قنوات «إم تي في» في المملكة المتحدة وإيرلندا عام 2001.
في اختصار تسمية MTV، «يرمز حرف +M+ إلى الموسيقى، لكن هذا العنصر اختفى»، وفق هايمان الذي يحتفظ بعناية بأشرطة فيديو (VHS) للبرامج التي أنتجها لبرنامج (بارتي زون).
في منزله بلندن، تُعرض الأشرطة على جهاز للفيديو مع مقاطع مصورة من التسعينات تمزج بين المقابلات مع فناني ذلك العقد وفيديوهات موسيقية جريئة وتجريبية وتسريحات شعر غريبة تشبه ما كان سائداً حينها.
تقول كيرستي فيركلوف: إن إغلاق القنوات في العديد من البلدان «يمثّل بالتأكيد نهاية حقبة في كيفية تجربتنا للموسيقى، بصرياً وثقافياً، لأن MTV غيّرت موسيقى البوب جذرياً».
يشير جيمس هايمان أيضاً إلى أن «إم تي في» كانت قوية لدرجة أنها حددت معالم ثقافة الشباب، مستعيداً تأثيرها على الموضة والسينما والموسيقى في بريطانيا وأوروبا.
ستبقى بعض اللحظات محفورة في الذاكرة، مثل العرض الأول لفيديو أغنية «ثريلر» لمايكل جاكسون، أو أداء مادونا لأغنية «لايك إيه فيرجن» في حفل توزيع جوائز «إم تي في للأغاني المصورة» عام 1984.
مجموعة «إم تي في» التلفزيونية الموسيقية تستعد لإغلاق بعض قنواتها

