إذا عصفت بك الهموم
وأحاطت بك الخطوب
فلمن تلجأ؟!
وبمن تستغيث؟!
هل ستظل حبيس التفكير؟
تدور حول نفسك؟
تسأل البشر من حولك؟
علهم ينقذونك!
علهم ينفعونك!
لا شك أن من الناس من جبلت نفوسهم على حب الخير وفعله
لكن قبل ذلك لا بد أن تناجي من بيده تسخير الناس لك
لا بد من خضوعك لربك وخالقك ورازقك
جرب أن تسأله حاجتك
جرب أن تبث إليه همومك وأحزانك
جرب أن ترفع أكف الضراعة إليه
جرب أن تسجد بين يديه وتذرف دموع الخوف والرجاء..
فمن يجيب المضطر إلا الله؟ (أَمَّن يُجيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكشِفُ السّوءَ وَيَجعَلُكُم خُلَفاءَ الأَرضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ) [النمل: ٦٢]
ومن يرزقك إلا الله؟ ﴿قُل مَن يَرزُقُكُم مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ أَمَّن يَملِكُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَمَن يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمرَ فَسَيَقولونَ اللَّهُ فَقُل أَفَلا تَتَّقونَ﴾ [يونس: ٣١]
ومن يشفيك إلا الله؟ ﴿وَإِذا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفينِ﴾ [الشعراء: ٨٠]
ومن الذي يجيب سؤالك إلا الله؟ ﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فَإِنّي قَريبٌ أُجيبُ دَعوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَليَستَجيبوا لي وَليُؤمِنوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدونَ﴾ [البقرة: ١٨٦]
إن اللجوء إلى الحق سبحانه وتعالى من شأنه أن يُورث في القلب الحاجة والافتقار إليه عز وجل، فإذا عاش الإنسان مفتقرًا إلى ربه، حصل له اليقين، وإذا حصل له اليقين، عاش حياة الرضا والسكينة والطمأنينة والسعادة ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ أَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَميدُ﴾ [فاطر: ١٥]
وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم حياة ملأها حسن الظن بالله عز وجل، فقد كان دائم الافتقار إلى ربه ومولاه، يلجأ إليه ويستعين به في كل أمر من أموره، كبر ذلك الأمر أم صغر، قل أم كثر، فكان من دعائه عليه الصلاة والسلام : ” يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ “. رواه الترمذي
ولم يكتف عليه الصلاة والسلام بذلك بل إنه علّم أصحابه وأمته والبشرية كلها معاني اللجوء والاستعانة بالله عز وجل، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَكِبَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” يَا غُلَامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ “. رواه أحمد.
هكذا إذن يكون اللجوء والطلب لمن بيده مفاتيح الرزق وأسبابه، لكن مع هذا اليقين لا بد من اتباع السنن الإلهية، ومن تلك السنن الأخذ بالأسباب المفضية إلى حل المشكلة، فإن الأخذ بها هو من تمام التوكل على الله عز وجل ﴿ إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلَّهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَعَلَيهِ فَليَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلونَ﴾ [يوسف: ٦٧]
محضة – سلطنة عمان