لكل بلد في العالم واجهة سياحية أو منطقة أو مدينة مميزة تكون مرتبطة باسم تلك البلد، ما إن يُذكر اسم تلك البلد إلا ويرتبط مع ذكر اسمها ويُشار إلى خارطتها السياحية بالبَنان وتكون ضمن أولويات وخُطط السائح ومَقصده الأول في زيارة تلك البلد.
ولدينا في سلطنة عُمان العديد من تلك المناطق والأماكن والوِجهات التي تقع ضمن خارطة السياحة منها على سبيل المثال وليس الحصر نيابة الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية بولاية نزوى التي لا تبعد عن مطار مسقط الدولي أكثر من ١٧٠ كيلو متر تقريبًا.
الجبل الأخضر هذا المُنتِج الفريد من نوعه في المنطقة والذي يُعد جزء من سلسلة جبال الحجر بسلطنة عُمان ويرتفع عن سطح البحر بـ ٣٠٠٠ متر أي ما يعادل ١٠٠٠٠ قدم والمميز بطقس ومناخ فريد من نوعه على مدار العام من خلال اعتدال درجة الحرارة في فصل الصيف التي لا تزيد في هذا الفصل عن ٢٥ درجة مئوية وتبلغ أقصى درجات الحرارة انخفاضًا في فصل الشتاء لتصل إلى معدل تحت الصفر في منطقة قريبة جدًا من العاصمة مسقط ولعل هذه الميزة التي يزخر بها الجبل الأخضر أوجدت به تنوع ووفرة في إنتاج المحاصيل الزراعية النادرة في المنطقة لاسيما في مدرجاتها ومصطحاتها الزراعية الخضراء من خلال المحصول الوافر المتنوع على مدار العام أهمها ثمار أشجار رمان الجبل الأخضر الشهير ذات الجودة العالمية إضافة للورود الطبيعية المنعشة ومُشتقاتها وثمار الجوز واللوز والخوخ والمشمش والعنب والتين والتفاح والكمثرى والبوت وأصناف أخرى متنوعة وعديدة من الأشجار والنباتات الجبلية البرية التي يستخلص منها الأدوية الشعبية المحلية والزيوت المختلفة المتنوعة.
الجبل الأخضر هذا المُنتِج المُتفرد في السلطنة ومن خلال جميع ما يحمله وما يحتويه بين جباله وصخوره وأوديته ومنابعه المائية هي من الصفات والميزات التي حبا الله بها هذه الرُقعة من أرضه الواسعة وخّص بها هذا البلد الأمين على مدار العام وعلى طول السنين.
ألم يئن الأوان بعد في استغلال هذا الموقع وتصنيفه كمُنتِج عُماني عالمي نستطيع به أن نُزاحم باقي الدول التي يتهاتف ويتسابق إليها السواح، أما حان الوقت لكي يحضى هذا المكان المميز والفريد باهتمام من ذوي الاختصاص ومن يعنيه الأمر بالتعاون مع أبناء الجبل الأخضر وجعله كمَعلم عُماني عالمي سياحي شهير تكون قبلة لكل سائح ينوي زيارة السلطنة على مدار العام من خلال وضع خطة استراتيجية للارتقاء بالخدمات التي تتطلب إعادة صياغتها من جديد ويستحق أن يحظى بها السائح ابتداءً من وصوله لأرض السلطنة مرورًا بقضاء أوقات مميزة ومثيرة وممتعة في ربوع الجبل الأخضر، لماذا لا تكون هناك شراكة حقيقية للاستثمار السياحي في المنطقة يتشارك فيها المثلث المعني بالتطوير السياحي وهي وزارة التراث والسياحة والمستثمر أيًا كان والمواطن ابن المنطقة حتمًا سوف تلاقي قبولاً من أبناء الجبل الأخضر إذا ما كانت النقاط واضحة على الحروف.
لا نقلل من مستوى الخدمات والإمكانيات الحالية الموجودة على استحياء والتي وجدت منذ فترة طويلة ولا تُلبي مطلب الحصول على رخصة المُنتِج العالمي بل نسعى لترقية تلك الخدمات واستبدال البعض منها باحتياجات تتماشى مع متطلبات عالم السفر والسياحة.
نعم لدينا العديد من الفنادق والمنتجعات وأماكن الإقامة العالمية فالجهود التي بُذلت في هذا الجانب جهود مُضنية ومُقّدرة فهناك العديد من الفنادق والمنتجعات ذات الصيغة والصبغة العالمية التي تلامس نجوم سماء الجبل الأخضر بارتفاعه وبصلابته وشموخه وإطلالته.
هناك ما دون ذلك وما بينهما من تلك الموجودات ولكن يبقى هناك احتياج مُلِّح لباقي الخدمات والمرافق المُكملة والتي تصاحب هذه الحزمة بحيث تكون مساوية وموازية لخدمات السكن والإقامة والتي بمقدور السائح الإستفادة منها في قضاء يومه متنقلاً ما بين ربوع هذا الجبل وما بين الاستمتاع بمناظره الخلابة وسحر تكويناته الخَلقية فالجبل الأخضر لازال ينتظر من يكتشف مواقعه وأسراره التي ربما إن ظهرت للعيان فسوف تجعل منه موقعًا سياحيًا رائعًا إذا ما عرفنا كيفية استغلال هذا الموقع وتسويقه بعد إعادة هيكلته السياحية فاليوم نحن نحتاج لمكتب سياحي على مشارف مدخل الجبل يُعنَى بتوفير جميع المعلومات والخرائط وأماكن النُزل ومستوياتهن مشمولة بالأسعار وكذلك نحتاج لدليل بصري وتعريفي للأماكن السياحية الشهيرة التي قد تكون غائبة عن تفكير وذهن السائح كما نحتاج لقائمة طويلة عن أماكن الترفيه التي تساعد السائح للتخطيط لقضاء أوقاته مستفيدًا من تلك الخدمات والأماكن السياحية.
اليوم أصبحت الحاجة مُلِحّة لاِستحداث قطار داخلي يربط الجبل الأخضر بقُراه وجميع مواقعه السياحية الشهيرة، كما يحتاج لعربات التلفريك التي تعد من مقومات الجذب السياحي في كل بلد والتي تتيح لاكتشاف الجبل الأخضر من السماء ليس للسائح فقط بل للعين وناظرها ولعشاق وهواة التصوير والمحترفين، كما يحتاج السائح لأبسط خدمة وهي عربات جر الخيول التي تجوب بالسائح في أقل تقدير مابين قرى مركز المدينة وما جاورها من قرى وهذه الخدمة ليست بالأمر المستحيل.
الجبل الأخضر به ما يقارب ٢٠ قرية شهيرة تقريبًا يزيد أو يقل الرقم، لكل قرية خاصية وطبيعة معينة تشتهر بها، ماذا لو أُستغِلت كل قرية ورُسم لها مستقبل سياحي ملائم يتماشى مع طبيعتها وموقعها والتفكير في تمييزها ببصمة سياحية تخص تلك المنطقة يتم مشاركة الأهالي بهذا المشروع على سبيل المثال استغلال مواقع بعض القرى للرياضات الجبلية كالتسلق والطيران أو رياضات ألعاب القوى كالجري والمشي أو سباقات السيارات في الجبال والمنحدرات ذات الطبيعة الوعرة وذات الطرق الغير مُعبَّدة أو سباقات الدراجات النارية والدراجات الهوائية وخلافه، وإذا ما عرجنا لهواة التخييم تحت السماء ومابين الجبال لتأمل المجرة وما تحمله من نجوم وكواكب وكويكبات وأقمار ونيازك إلخ…
ماذا لو أولينا اهتمامًا بهذه الفئة من عشاق أسرار مافوق الغلاف الجوي، ماذا لو قمنا بتهيئة كل مستلزمات هواة التخييم ليس فقط لتلك الفئة وإنما لكافة الشرائح التي تبحث عن الهدوء والسكينة والطمأنينة النفسية من خلال هذه الأماكن التي تزخر بها عدة أماكن كثيرة في الجبل الأخضر ما علينا سوى استغلالها وتسخيرها من خلال توفير كافة المستلزمات التي ينشدها السائح الخارجي أو السائح الداخلي المقيم.
ماهو متوفر الآن لا يخدم مرتادي الجبل الأخضر بل علينا التفكير في إضافة الكثير من المتطلبات الخدمية والإنسانية إلى حد ما.
نقطة أخرى فيما يخص مصدر رزق المواطن والتي تسهم أيضًا في الجانب السياحي ومعمولٌ بها في أغلب الأماكن السياحية في دول العالم وهي توفير زيارات للأفواج السياحية مُنظمة ومُبرمجة ومُتاحة بالمجان تتولاها المكاتب السياحية أو الفنادق وذلك دعمًا للمزارع العُماني وللمُنتَج المحلي ولضمان عملية استدامة جهد وتعب المزارع في الجبل الأخضر ولضمان تسويق منتجاته بالشكل الآمن والصحيح والمفيد للمزارع وللمُتسوق، حيث يُحبذ أن يتم إنشاء شركة مساهمة أهلية بدعم حكومي لتسويق جميع المنتجات الزراعية بالجبل الأخضر وتخصيص سوق محلي كبير ومنظم دائم لتلك المنتجات في وسط المدينة ويتم من خلاله تزويد باقي الأسواق بالسلطنة وخارجها بتلك المنتجات وهذا يعد رافدًا اقتصاديًا يسهم في ضمان الإنتاج والحفاظ على الأمن الغذائي وفي إستفادة المزارع من خلال بيعه المباشر لهذه الشركة دون حاجة التكلف والمعاناة في عرض منتجاته بصفة مفردة وشخصية ربما تشهد إقبالاً في موسم ما أو تلاقي تراجعًا في موسم آخر.
بكل هذه المعطيات القابلة للمزيد من التوسع نستطيع أن ننتج مُنتِجًا سياحيًا عالميًا عُمانيًا فريدًا من نوعه في المنطقة والذي سوف يعمل الفارق الكبير من خلال العوائد المالية التي سوف تكون داعمة للإيرادات المحلية وستشكل دخلاً قويًا لانتعاش السياحة في سلطنتنا الحبيبة عُمان.