يوم عرفة من الأيام العظيمة في الإسلام وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة وأحد الأيام العشر الفضيلة ويعد أهم أركان الحج وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم نعمته على المسلمين التي هي من أكبر النعم على هذه الأمة المحمدية كما قال في كتابه الكريم ” ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ ” (المائدة-3) وهو اليوم الذي يقف فيه الحجاج في عرفة حتى غروب الشمس ويتحقق هذا الوقوف في أي جزء من أجزاء عرفة عدا وادي عرنة لأنه ليس من عرفة.
سبب تسمية يوم عرفة بهذا الاسم :-هناك عدة أقوال لتسمية يوم عرفة بذلك ومنها:
- قيل لأن سيدنا آدم عليه السلام عرف حواء فيها بعد خروجهما من الجنة وهي الرواية الأكثر تأكيدا.
- وقيل لأن جبريل عليه السلام عرف سيدنا إبراهيم عليه السلام على مناسك الحج فيها بقول ” أعرفت .. أعرفت؟.
- والقول الأخير أن السبب هو أن تتعارف الناس على بعضها فيها بمختلف جنسياتهم وألوانهم.
فضائل يوم عرفة :- لهذا اليوم فضائل كثيرة في الإسلام وأهمها هي: - أنه أفضل الأيام :- فقد قال عنه المصطفى عليه الصلاة والسلام “ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أراد هؤلاء؟”، وهنا الفرق بينه وبين ليلة القدر حيث أن الله يوم عرفة يدْنو دُنُوًّا يَليقُ بجَلالِهِ وعَظمَتِه أما ليلة القدر فالملائكة هي التي تنزل فيها وليس الخلاق العظيم.
- الوتر الذي أقسم به الله :- أن الله لا يقسم بشيء من مخلوقاته إلا لعظمته، فقال تعالى في القرآن الكريم ” والشفع والوتر ” وقال ابن عباس رضي الله عنهما مفسرا معناهما، الشفع: يوم الأضحى والوتر: يوم عرفة.
- يوم إكمال الدين وإتمام النعمة :- وكما ذكرنا سابقا في الآية (3) من سورة المائدة التي نزلت في عرفة بتأكيد إكمال الدين وذلك بإزالة النقص منه، أما إتمام النعمة وعدم استخدام كلمة (أكملت) معها لأن نقصان النعمة شيء وارد ولا بد منه ولا يمكن أن تكتمل، لأن الإكمال في اللغة أعظم من الإتمام.
- أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة :- أكد ذلك نبينا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في قوله ” خير الدعاء، دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ” (رواه الترمذي وحسنه الألباني)، لذلك مطلوب من المسلم وخاصة الحاج الإكثار من الدعاء في هذا اليوم المبارك.
- فضل صيام يوم عرفة :- قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ” صيام يوم عرفة، أحتَسِب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده ” (صحيح مسلم)، وهو ضمان لتكفير سنتين من حياة المسلم بصوم يوم واحد بإذن الله.
- أحد أيام العشر من ذي الحجة :- وهي العشر الأوائل من الشهر التي عظم الله فيها الأعمال الصالحة وأحبها إليه كالحج والصيام والصدقة والذكر والتهليل والتحميد والاستغفار ويشملها يوم عرفة المبارك.
- هو اليوم المشهود :- حيث زاده الله شرفا بالقسم في قوله ” وشاهد ومشهود ” وقال فيه النبي عليه الصلاة والسلام ” اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة” (رواه الترمذي وصححه الألباني).
- يوم العتق من النيران :- وفيه يعتق الله رقاب ما شاء من العباد من النيران كما بشرنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ” ما مِن يومٍ أكثر مِن أنْ يُعْتِقَ اللهُ فيه عبدًا مِن النارِ، مِن يومِ عرفة ” (رواه مسلم).
أفضل الأعمال المستحبة ليوم عرفة :- - صوم يوم عرفة :- وهو من أفضل الأعمال فيه لغير الحاج (كي لا يضعف الحاج عن أداء مناسك الحج) كما ذهب فقهاء المالكية والشافعية إلى كراهية صومه، وكما ذكرنا في ثوابه أنه يكفر سنتين من حياة المسلم.
- الإكثار من الدعاء والثناء فيه :- وقد يسمى الثناء دعاء، ودعاء يوم عرفة أفضل وخير الدعاء والإكثار منه مطلوب من المسلم سواء الحاج أو غير الحاج لجلب المنافع وحصول المقصود وهو الخير من الدعاء.
- الوقوف بعرفة :- وهو أهم أركان الحج بحيث يكون حضور الحاج لعرفة للوقوف بها ويبدأ ما بين زوال الشمس ليوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النحر (هذا عند أهل العلم) فقد وقف النبي عليه الصلاة والسلام نهارا بعدما صلى الظهر والعصر جمع تقديم بأذان وإقامتين فوقف على راحلته حتى غابت الشمس.
- حفظ الجوارح من المحرمات :- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ ” (متفق عليه)، وكما نعلم جميعا أن الحج عرفة.
- الإكثار من الأعمال الصالحة :- ومنها قيام الليل والاستغفار خاصة في وقت السحر والدعاء وقراءة القرآن والصدقة وبر الوالدين وصلة الرحم والتهليل والتحميد والتكبير والتسبيح وغيرها من الأعمال الصالحة.
- يوم عرفة يوم عيد :- حيث يستحب فيه الأكل والشرب لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام ” يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ “(رواه الترمذي وصححه الألباني).
وأختم بنصيحة لكل مسلم بأن يستغل هذا اليوم العظيم في تكثيف العبادة والإخلاص فيها لله عز وجل بالدعاء والتقرب إليه والمبادرة للأعمال الصالحة المستحبة فيه بكافة أنواعها من أجل الحصول على مغفرة الله والعتق من النيران وتكفير ذنوب سنتين من حياته والاستفادة مما جعله الله من فضائل لهذا اليوم المبارك وخص به أمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام عن سائر الأمم.