وكالات – العربي
بعد جدل واسع خلال الأيّام الماضية شهده المُجتمع التعليمي وشارك فيه سياسيون ومفكرون، كشفت مصادر صحافية أنّ وزارة الداخلية الفرنسية هي الجهة الأمنية التي تقف وراء طلب إحصاء أعداد الطلاب المُتغيبين عن الدراسة في أوّل أيام عيد الفطر المبارك، مُشيرةً إلى أنّه كان خطأ غير مقصود ولا يخدم تعزيز قيم الجمهورية، مع التأكيد على أنّه كان لأهداف توثيقية وبحثية بحتة حيث لم يتم طلب تزويد الوزارة نهائياً بأيّ أسماء.
وتحدثت معلومات في البداية عن أنّ المخابرات الفرنسية هي من طلبت تزويدها بأعداد الطلبة المسلمين الذين لم يحضروا لمدارسهم في أوّل أيام العيد الماضي، من دون طلب أيّ أسماء لعائلات المُتغيبين، لكن المؤسسات والأكاديميات التعليمية في مدينتي تولوز ومونبلييه رفضت إجراء أي إحصاءات في هذا الصدد، وخاطبت إدارات المدارس لتأكيد عدم وجوب الاستجابة بعد أن كان قد وصلها بريد إلكتروني من الداخلية بهذا الخصوص.
وانتقد الإجراء، العديد من القادة السياسيين، ووصفت وسائل إعلام فرنسية ما حدث بأنّه أمر مُثير للاستياء ويصعب تصديق حدوثه، مُذكّرةً بالتعميم الصادر في عام 2004 من قبل وزارة التربية الوطنية بمشروعية الغياب وأحقية الحصول عليه في أيام المناسبات الدينية، بل ووجوب عدم فرض أي اختبارات أو امتحانات للطلبة في هذه الأيام. ويُمكن للعائلات المسلمة طلب عدم حضور أبنائها في أيّ عطلة دينية بما في ذلك أعياد الفطر والأضحى ويوم المولد النبوي الشريف.
وأشادت يومية “ليبراسيون” بردّ فعل المؤسسات التعليمية بعدم أخذ طلبات الشرطة بعين الاعتبار، واعتبرت أنّ ما قامت به كان حكيماً، بينما أدانت بالمقابل طلب الاستخبارات باعتباره يُناقض مبدأ العلمانية في المؤسسات العامة، بل ويُغذّي فقط الشعور بالتمييز ويُثير التوترات ويُفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا.
وأحاط الغموض أولاً بإطار هذه المبادرة الصادمة التي تسببت على الفور في الجدل دون أن تتصدر عناوين الصحف، لكن وتحت ضغط الرأي العام، اعترفت وزارة الداخلية أخيراً بأنها مصدر هذا الطلب الغريب، ولكنّها شدّدت على أنّها لم تطلب أيّ أسماء.
ومن جهته دعا مسجد باريس الكبير في بيان له السلطات المسؤولة إلى توخّي الحذر الشديد فيما يتعلق بالعلمانية بكل أبعادها، مُديناً تقويض الحريات الدينية والسلوك المُتطرّف. وطالب بطمأنة العائلات المُسلمة حول الغرض الحقيقي من المعلومات التي طلبتها وزارة الداخلية، كما شدّد على أهمية اتخاذ العقوبات اللازمة بحق المسؤولين عن هذه الخطوة المُقلقة وغير المفهومة.
ويذكر أنّه، وحتى في الشركات الخاصة، فإنّ قانون العمل يضمن الحريات الدينية للموظفين، وبينما يُسمح لصاحب العمل فرض قيود معينة، إلا أنّه لا يُمكن له أن يضع قيوداً مطلقة وعامة ضدّ حرية الدين. ويؤكد القانون الفرنسي حظر “فرض قيود على حقوق الأشخاص والحريات الفردية والجماعية التي لا تُبررها طبيعة أو أهداف المهمة التي يتعين أداؤها” وهو ما يعني عدم تقييد الحرية الدينية.