وكالات – العربي
درس الباحثون طبيعة تراكمات من المادة المظلمة بتفاصيل غير مسبوقة وقاموا بتدقيق قائمة النماذج النظرية التي تشرحها.
قام علماء الفيزياء الفلكية اليابانيون لأول مرة بدراسة بنية وخصائص وتوزع تراكمات محدودة من المادة المظلمة يمكن مقارنتها بحجم قلب مجرة درب التبانة. وقالت الخدمة الصحفية في المعاهد الوطنية اليابانية للعلوم الطبيعية الخميس 7 سبتمبر إن نتائج الأرصاد قلصت عدد النظريات التي تصف طبيعة هذه المادة غير المرئية. ونشرت تفاصيل العمل يوم الخميس في مجلة The Astrophysical Journal.
وجاء في بيان نشرته الخدمة الصحفية للمعاهد اليابانية:” إن عدسة الجاذبية ولّدتها مجموعة من المجرات في كوكبة برج الثور أتاحت للعلماء لأول مرة فرصة لرصد التقلبات في توزع المادة المظلمة بدقة فائقة وذلك في مقاييس حوالي 30 ألف سنة ضوئية. وتتطابق نتائج هذه القياسات مع توقعات النظرية الكلاسيكية للمادة المظلمة الباردة، وتفرض قيودا جديدة على نظريات بديلة”.
وهذا الاستنتاج توصلت إليه مجموعة من علماء الفيزياء الفلكية اليابانيين بقيادة كايكي إينو، الأستاذ في جامعة “كينداي”، أثناء عمليات رصد إشعاع الكوازار MG J0414+0534، وهي مجرة قديمة مشرقة تبعد عن الأرض 11.2 مليار سنة ضوئية. ونراها في الحالة التي كانت عليها بعد 2.5 مليار سنة من الانفجار الكبير.
وقال العلماء إن إشعاع هذا الكوازار يمر في طريقه إلى الأرض عبر المحيط لأربع مجرات أو عناقيدها في وقت واحد تعمل جاذبيتها على ثني وتكثيف الضوء الصادر عن MG J0414+0534. واستفاد الباحثون من هذه الميزة، المعروفة باسم “عدسة الجاذبية” لدراسة كيفية تأثير كتل صغيرة نسبيا من المادة المظلمة على تدفق إشعاع المجرة.
وحصل العلماء على صور تفصيلية للكوازار MG J0414+0534 باستخدام تلسكوب ALMA وقاموا بمقارنة طيف انبعاث الكوازار في مناطق مختلفة من هذه الصور، الأمر الذي مكّن العلماء من رسم خريطة لتراكمات محدودة من المادة المظلمة التي واجهها الإشعاع الصادر عن MG J0414+0534 ، وهو في طريقه إلى الأرض.
إن أحجامها جلطات من الكتلة غير المرئية، وكذلك توزيعها وبعض الخصائص الأخرى، تطابقت عموما مع نتائج الحسابات المستندة إلى النظرية المتفق عليها عموما، والتي تفترض أن المادة المظلمة تتكون من جسيمات “WIMP ” الثقيلة جدا وضعيفة التفاعل أو جسيمات خفيفة جدا. وخلص علماء الفيزياء الفلكية إلى أن ذلك يحد كثيرا من قائمة النظريات البديلة التي تصف بشكل صحيح البيانات المتاحة حول توزع المادة المظلمة في جميع أنحاء الكون.
وكان علماء الفلك يفترضون خلال فترة طويلة أن الكون يتألف من مادة مرئية، تشكل أساس جميع النجوم والسدم والمجرات وتراكمات الغبار والكواكب. عندما قام العلماء لأول مرة بقياس سرعة دوران النجوم بدقة في المناطق المحيطية والوسطى للمجرات القريبة وجدوا أن النجوم الموجودة على أطراف المجرات كانت تسير أسرع بحوالي عشر أضعاف مما توقعته النظرية.
يعتقد علماء الفلك الآن أن السرعة العالية بشكل غير طبيعي لدوران النجوم حول مراكز المجرات لها علاقة بوجود المادة المظلمة، وهي مادة غامضة تمثل حوالي 75% من إجمالي كتلة المادة في الكون. وعلى مدى عقود قليلة ماضية، حاول علماء الفلك اكتشاف آثار وجودها وقياس خصائص جزيئاتها، وهو ما لم يكن ممكنا حتى الآن.