” الوطن فى مسيرته المباركة، يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة فهو بلا ريب، كالطائر الذى يعتمد على جناحيه فى التحليق إلى آفاق السماوات، فكيف تكون حاله إذا كان أحد هذين الجناحين مهيضاً منكسراً؟، هل يقوى على هذا التحليق”
قابوس بن سعيد “طيب الله ثراه”
المرأة العمانية هي عنوان للكفاح .. واكبت النهضة منذ بدايتها ، فهي المُعلمة تحت الشجرة والممرضة التي بدأت بأبسط الإمكانيات ، وقبل كل شيء هي الأم والمربية كان ومازال دورها كبيرا داخل الأسرة ، وهي المرأة الطموحة التي أكملت تعليمها خارج حدود الوطن وداخله حاملة شعلة العلم يدا بيد مع أخيها الرجل ، وجاء تخصيص السابع عشر من أكتوبر يوما للمرأة العمانية تكريما لجهودها المتواصلة واعترافا بدورها الذي يفوق اليوم المجالات المتعارف عليها لتتجاوز الأعمال اليومية وتصل بطموحها للقطاع العسكري بمختلف ميادينه ولحقول النفط والسلك الدبلوماسي وتَسلمها للحقائب الوزارية ودورها الهام في الحياة البرلمانية .
كما ولا ننسى أن المرأة العاملة اليوم تساهم بدفع عجلة البلاد الاقتصادية والمشهد الثقافي والإعلامي والصحي .
ومنذ بداية النهضة المباركة كانت اسهامات المرأة العمانية في المجال الصحي محل اشادة من الجميع ولم تكتفِ بأن تكون متلقِ للرعاية الصحية فقط، بل عزمت على أن تقدمها لمن يحتاجها، فقد زارت السهل والوادي والجبل لتقدم الخدمة غير آبه بالصعاب ومشقة الطريق.
وتمثل المرأة العمانية في وزارة الصحة وبحسب احصائيات (2019) 61% .
حيث تبلغ نسبة الطبيبات العمانيات من إجمالي الأطباء العمانيين 65%
ونسبة الممرضات والقابلات العمانيات 87%
و طبيبات الأسنان 73%
وتبلغ نسبة الصيدلانيات العمانيات 86%
وتبلغ نسبة العاملات الصحيات في الوظائف الأخرى للمهن الطبية المساعدة 64% وغيرها في المجالات المختلفة وهذه النسب المرتفعة إنما تدل على تمكين المجتمع للمرأة للخوض والعمل في كافة المجالات محرزة تفوقا ملموسا وأثرا كبيرا ، مُحافظة على هويتها وأصالتها وعاداتها ومورثها الثقافي الذي يميزها في مختلف المحافل ، و الاحتفاء بالمرأة في السابع عشر من اكتوبر من كل عام ما هو الا وقفة تأكيد على مكانتها والوقوف على أبرز احتياجاتها في مختلف الأمور، ودافعا لها أن تكون أكثر وعيا وانخراطا لكل ما يدور حولها باعتبارها شريكة أساسية في التنمية .
فقد قامت وزارة الصحة بتخصيص بعض البرامج الصحية التي تستهدف صحة المرأة ورعايتها منها على سبيل المثال لا الحصر برنامج رعاية المراة أثناء الحمل والولادة وما بعد الولادة ، برنامج التخطيط الأسري ، برنامج الرعاية السابقة للحمل وغيرها الكثيروحل المشكلات التي قد تقف عائقًا في طريق تقديم الرعاية الصحية لها، فقد عمت خدمات رعاية صحة الأمومة والطفولة منذ عام 1987م كافة محافظات السلطنة وتم تطبيقها بالصورة الملائمة، وقد حققت أهدافها المنشودة في تقليل عدد الوفيات بين الأمهات والأطفال ورفع مستوى الرعاية الصحية التي تقدم لهما.
لقد شهد القطاع الصحي في السلطنة تطوراً جذريا في مفهوم الخدمات الصحية وفي مجالات تطبيقها وكان هذا التطور متماشيا إلى حد بعيد مع خطوات التنمية والتطوير في جميع مجالات الحياة الأخرى.
وقد اتخذت وزارة الصحة أسلوب وضع خطط خمسية متعاقبة للتنمية الصحية ابتداء منذ عام 1976م
وبدأت المرحلة الثانية في الثمانينات حيث بدء الاتجاه نحو تطوير نوعية الخدمات الصحية لتصبح أكثر شمولية ، ومن أهم تلك البرامج التي أدخلت ، الفحص المبكر ما قبل الزواج ، برنامج المباعدة بين الولادات ، برنامج دعم خدمات رعاية الامومة .
وجاءت حقبة التسعينيات لتطوير البرامج المختلفة مواكبة للتطورات العالمية ووفقا للمناهج المتبعة من المنظمات الدولية فكانت المرأة العمانية عضوا في الكثير من المنظمات الاقليمية والدولية المهتمة بشؤون المرأة الصحية والاجتماعية.
ولم تكتف المرأة العمانية بتقديم الخدمة الصحية من خلال وزارة الصحة وبرامجها لكن كانت عضو فاعل في المؤسسات الصحية الأخرى مثل مستشفى جامعة السلطان قابوس ، مستشفى القوات المسلحة ، مستشفى الشرطة والخدمات الطبية بديوان البلاط السلطاني ولا ننسى وجودها بشكل فعال في القطاع الصحي الخاص.
وفي حالات الأزمات والطوارئ الصحية تجد المرأة العمانية تقف بعزيمة وتساند أخيها الرجل لتقديم كل ما يمكنها لمساعدة مجتمعها فهاهي جائحة كورونا جاءت لتظهر قدرة المرأة العمانية في مجابهة الصعاب وابراز دورها في هذا المجال فهي موجودة في مؤسسات الرعاية الصحية الأولية وفي المستشفيات وفي الميدان تجدها تارة في وحدة العناية المركزة تعالج هذا وتخفف الألم عن ذاك وتارة في المختبر تفحص العينات لتطمئن المنتظرين وتارة اخرى في الصيدلية تقدم الدواء وابتسامتها تسبق دواءها وأختها التي تعمل في وحدات الأشعة والعلاج الطبيعي تكون كلمتها الطيبة بلسما شافيا للمتألمين.
ومع جائحة كورونا وبدء العام الدراسي تتصدر ممرضة الصحة المدرسية المشهد ويعول عليها الكثير لتكون حائط السد الذي نتكئ عليه للاطمئنان على أن أبنائنا سيكونون في أيدي أمينة.
كانت وما تزال المرأة العمانية المتصدرة لقائمة تعزيز الصحة في المجتمع من خلال برامج التثقيف والتوعية والمبادرات التطوعية وأبرز مثال على ذلك مجموعات دعم المجتمع التطوعية التي واكبت تطور البرامج الصحية وعولت عليها الخدمات الصحية لايصال الرسالة الى جميع أفراد المجتمع.
عمان ولادة للكفاءات النسائية الصحية وستظل المرأة العمانية شمعة مضيئة تضئ دروب الآخرين نحو العطاء المتدفق.
يبقى أن نقول أن المرأة في عطائها هي الوطن ، وعندما تتيسر لها كل السبل في مجتمعها وتمتزج مع طموحها وتنفتح لها الآفاق بدون تفرقة بينها وبين الرجل ؛ فإنها بلا شك ستساهم بشكل أكبر في الإبداع ، فضلا عن مسؤولياتها الكبيرة وجهدها المهم في المنزل.