نشعر جميعا بالألم والحسرة عندما نسمع أو نقرأ عن حوادث مؤلمة وخسائر بشرية فادحة وكثيرة بسبب عدم وجود إنارة كافية في بعض الطرقات الطويلة بين المدن أو القرى أو بسبب الحيوانات السائبة -أعزكم الله- والتي تقع أغلبها في فترات ظُلمة الليل حيث يتفاجأ بها قائدي المركبات أمامهم ويحدث ما لا يُحْمَد عقباه من إصابات قد تؤدي لإعاقات أو وفيات بشرية أو خسائر مادية كبيرة بسبب هذه الحوادث بعد مشيئة الله، وفي هذا الزمان الذي تطورت فيه كافة السبل وعلاج المشكلات بأحدث التقنيات والابتكارات والحلول الأقل تكلفةً من السابق، أصبح لابد من التفكير في عِدِّة حلول تكون فعَّالة للقضاء على هذه المشكلة والحفاظ على سلامة المسافرين والأرواح البشرية والثروة الحيوانية ومنها على سبيل المثال لا الحصر:-
- “الحل الأول” وهو الأهم في رأيي الشخصي، إنارة الطرق الطويلة باستخدام الطاقة الشمسية والتي تكون سبباً أولياً بعد مشيئة الله في التخفيف من هذه الحوادث بحيث يمكن لقائدي المركبات رؤية هذه الحيوانات السائبة من مسافة بعيدة والاحتياط من تجاوزها الخاطئ على الطرقات، ونحن جميعاً نعلم أنه يمكن استخدام الطاقة الشمسية لدينا بدول الخليج في إنارة هذه الطرقات لأنه أعمدة الإنارة للطاقة الشمسية سهلة التركيب والنقل ويتم تخزين الطاقة الشمسية في بطاريات تجعلها جاهزة للاستخدام عند حلول الظلام، وهي وسيلة ملائمة وتتميز بتكاليف صيانة وتشغيل يومي أقل، مع عدم وجود كابلات بين الأعمدة وعدم انقطاع التيار الكهربائي كما يحدث للأعمدة الكهربائية التقليدية، ولها عمر افتراضي طويل لكل مكونات النظام، وتتميز بعدم وجود فواتير كهرباء شهرية وتُعتبر أيضاً مصدر أفضل للإضاءة (إل إي دي) العالي الكفاءة بالضوء الأبيض الهادئ الناصع والمُوفر للطاقة وهي أفضل من مصابيح الصوديوم ويزيد عمرها عن 50,000 ساعة تشغيل، كما أنها صديقة للبيئة لعدم استخدامها للوقود البترولي، وتعمل أوتوماتيكيا في التشغيل والغلق عن طريق الحساس الذاتي لضوء النهار دون أي تدخل بشري.
- “الحل الثاني” الذي يتم برصد مواقع الحوادث المُسَجَّلَة مسبقاً وأماكن الرعي للحيوانات على الطرقات وتركيب سياج أمني على جانبي كل طريق من الطرق التي تَمَّ تحديدها مسبقاً، مع تأمين كبارِ أو معابر للحيوانات بين هذه الطرقات للتنقل في المنطقة، ولو أنها طريقة مُكَلَّفَة نوعاً ما، لكنها بحول الله سوف تخفف من حوادث الحيوانات السائبة وتُنظِّم عملية تجاوز هذه الحيوانات على الطرقات ولا تُحِدُّ من حريتها في الرعي، وهي تستخدم في بعض المناطق بالسعودية.
- “الحل الثالث” هو تأمين أساور إلكترونية حساسة لكل حيوان من الحيوانات الموجودة في المراعي والتي تتركز على الطرقات حيث تعمل هذه الأساور بنظام تنبيه المُلَّاك لمواقع الحيوانات كي يتم مراقبتها بنظام تحديد مواقعها خاصة في فترات الليل أو تكون لها إضاءة عاكسة تقوم بتنبيه قائدي المركبات من مسافة بعيدة، أو بنظام التوجيه بالإشارة للحيوانات عند القرب من الطرقات الطويلة وتحويل مسارها للطريق الصواب، هذا بالإضافة إلى احتواء هذه الأساور على بيانات المالك وتفاصيله عند وقوع الحوادث لا قدر الله والمساءلة القانونية.
- “الحل الرابع” وهو إمكانية الاستفادة من “حداء الإبل” وهو أحد التعابير الشفهية أو الأصوات أو الترنيمات التي يقوم بها الرُّعَاة في الجزيرة العربية وخاصة رعاة الإبل للتواصل مع القطيع بإرسال رسالة شفهية محددة عن طريق أجهزة يتم توزيعها على القطيع ويتفاعل معها القطيع عاطفياً كرسائل النداء للتجمع في الصباح أو للشرب أو الاكل أو العودة للحظائر وغيرها، حيث يمكن تركيب هذه الأجهزة الصوتية على القطيع ويتحكم فيها الراعي صوتيا عن بعد عند فقد القطيع أو جزء منه وخاصة في فترات الليل والتي يمكن شحنها يوميا بالطاقة الشمسية لتكون أوفر في التكلفة.
وقد أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونيسكو” حداء الإبل في قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في الاجتماع السنوي للجنة الدولية الحكومية لصون التراث في ديسمبر الماضي 2022 بالمغرب. - “الحل الخامس” وهو الأخير في رأيي الشخصي أن تقوم الوزارة المعنية في كل دولة بإصدار قانون عقوبات صارم لمُلَّاك هذه الحيوانات ينص على عقوبات واضحة ومُفصَّلة في حال إهمال ملاك الحيوانات السائبة والتي تتسبب في الحوادث المرورية والإصابات والإعاقات والتعويض عند الوَفِيَّات لا قدَّر الله، من أجل اهتمام ومتابعة الماشية الخاصة بهم ومراقبة مسارها خاصة في فترات الليل المظلم واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة للسيطرة عليها تماما.
وأخيرا وليس آخرا تقع على عاتق مُلاَّك هذه الحيوانات مسؤولية كبيرة بضرورة الالتزام والتقيد بما تفرضه كل دولة من قوانين وإجراءات ومتطلبات وحظائر خاصة للحيوانات بعيدة عن الأماكن العامة والطرقات لترعى في الأماكن المخصصة لها والمحافظة على سلامة قائدي المركبات والمسافرين عبر الطرق الطويلة والحفاظ أيضا على المظهر العام للطرق والتخلص من هذه المشكلة السلبية لتحقيق التوازن البيئي وتنظيم تربية ورعي الحيوانات في المواقع المُحدَّدَة لها والحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها.