” إن المحاماة مهنة حرة تشارك في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون وذلك بكفالة حق الدفاع عن المتقاضين”
هذا ما جاءت به المادة الأولى من قانون المحاماة، وهذا هو المبدأ الأساسي الذي تنطلق منه مهنة المحاماة هي الدفاع عن المتقاضين وتحقيق العدالة، حيث يمارس المحامون مهنتهم مستقلين لا يخضعون إلا لضمائرهم وأحكام قانون المحاماة.
وعليه فقد منح هذا القانون جملة من الحقوق والواجبات التي يجب أن يتقيد بها المحامون لأهميتها، فهي رسالة للدفاع عن حقوق الوطن وحقوق الإنسان، فالمحامي شريك في تحقيق العدالة، يمارس دوره بكل شفافية واستقلالية، ويلتزم في تصرفه بالثقة والإحترام.
يرتكز مقالي بالتحديد عن حقوق المحامي تحت التمرين فهو
يمارس أعمال المحاماة من كتابة الصحائف والترافع والدفاع عن موكليه والقيام بالأعمال الإدارية سواء داخل المكتب أو داخل المحاكم ، الإدعاء العام والشرطة وغيرها، لذلك كفل القانون حقه دون تناسيه فمن أبرز حقوقه حق الحصول على تدريب و مكافأة شهرية نظير الأعمال التي يقوم بها وهذا ما وضحته
المادة (١٦) من قانون المحاماة والتي نصت:
(على كل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا أو محاكم الإستئناف وما يعادلها أن يلحق بمكتبه محامياً تحت التمرين على الأقل وأن يصرف له مكافأة شهرية تحدد حدها الأدنى لجنة قبول المحامين، وللجنة إعفاء المحامي من قبول أي محامٍ للتمرين بمكتبه إذا رأت من ظروفه ما يبرر ذلك).
وعليه و حسب النص في المادة السابقة نجد أن المحامي تحت التمرين قد ألزمه المشرع بالإلتحاق بمكاتب المحاماة للحصول على بطاقة المحاماة وأن يكون تحت إشراف من يمتلك الخبرة العملية لصقل موهبته وتمكينه من المهنة التي ستكون الركيزة الأساسية التي سيبدأ معها حياته المهنية المستقبلية.
ومن هنا قد يواجه خريجي القانون بعض الصعوبات في الحياة العملية وهي صعوبة إيجاد من يحتضنه ويمسك بيده ليبدأ مشواره المهني فقد يستغل بعض أصحاب مكاتب المحاماة هؤلاء الخريجين بحيث يشترطون لقبولهم في العمل لديهم بأن يكون جهده وعمله بدون راتب أو مكافأة فتكون يد المتدرب مغلولة وذلك لحاجته أولاً للتدريب وصقل موهبته ثانياً للحصول على بطاقة محاماة تحت التمرين ناهيك على أن مدة التدريب سنتين أو سنة إذا كان يملك شهادة ماجستير فهنا تكمن حاجته لتلك البطاقة ليستقل بعد مدة التمرين وينطلق بدون قيود، ولكن للأسف أصحاب مكاتب المحاماة تناسوا بذلك نص المادة(١٦) من قانون المحاماة سالفة الذكر.
وبالتحديد ما نصت عليه إلزاماً بصرف مكافأة شهرية تحددها كحد أدنى لجنة قبول المحامين وبذلك يتضح صراحة من نص المادة أنه لا يتم قبول أي محامي تحت التمرين بدون مكافأة لمجهوده لذا لا يحق لأي صاحب مكتب أن يرفض أي طلب تدريب من قبل خريجي القانون وبالأخص إذا لم يكن لديه محامي تحت التمرين في مكتبه ولا يمنعه من حقه الذي كفله له القانون في الحصول على مكافأة شهرية نظير الأعمال التي يقوم بها .
ويتضح أيضا من النص أن لجنة قبول المحامين هي المسؤولة عن الموافقة بالإستثناءات المقدمة من أصحاب المكاتب من عدم قبول محامي تحت التمرين بالتدريب لديهم وذلك لأسباب تقتنع بها اللجنة بالنفس وليس من حق أصحاب المكاتب رفض طلبات التدريب دون طلب من لجنة قبول المحامين بذلك والموافقة عليه.
حيث تتولى لجنة قبول المحامين النظر في طلبات القيد والفصل فيها كما تتولى إجراءات المساءلة وتوقيع الجزاءات.
ولكن الذي يحدث للأسف الشديد من قبل أصحاب المكاتب هو استغلال تلك الطاقات الشبابية لعلمهم بحاجتهم الماسة لمزاولة المهنة والحصول على الترخيص (بطاقة محاماة) فيضطر خريج القانون الرضوخ والقبول بالتدريب ليصل إلى ما يرمي له، ناهيك على ذلك أن من الاشتراطات التي قد تكون صادمة من قبل أصحاب المكاتب هي الموافقة على تدريبك بشرط أن لا تحصل على أي راتب أو مكافأة وإنما تحصل على نسبة معينة من القضايا التي تجلبها للمكتب فهنا يتجهة تركيز المتدرب إلى البحث والتسويق من أجل المكتب للحصول على موكلين، فبدل أن يكون جهده وتركيزه على ممارسة مهنة المحاماة تكون مهنته مسوق للمكتب، وبذلك خسر فرصة التدريب وصقل المهنة واتجهت لطريق آخر غير محسوب له منذ البداية.
الخلاصة: المحامي تحت التمرين يمارس مهنة المحاماة حاله كحال أي محامٍ آخر، لذلك وجب الأخذ بيده وعدم استغلال ضعفه بل يجب أن يتمتع بكافة الحقوق التي كفلها القانون له من حق تدريب وحق استلام مكافأة طوال فترة تدريبه.