عاش عشاق كرة القدم مساء الإثنين على مسرح دو شاتليه الشهير بالعاصمة الفرنسية حفل جائزة الكرة الذهبية إحدى أهم وأرقى جوائز كرة القدم الذي يقام سنويا منذ عام ١٩٥٦ من قبل مجلة فرانس فوتبول حيث كانت النسخة الأخيرة هي النسخة السابعة والستون ، وأقيمت بحضور أبرز نجوم كرة القدم والمدربين ورؤساء الأندية في العالم ، وتشمل الجائزة عدة فئات للرجال والنساء والشبان ، وسميت بعضها بأسماء أساطير كرة القدم كالحارس ياشين ولاعب الوسط البرازيلي سقراطيس ومولر ، والجميع تابع فوز الإرجنتيني ليونيل ميسي بالكرة الذهبية للمرة الثامنة في رقم إسطوري لم يتحقق سابقا ومن الصعب تحطيمه لعقود وربما لقرون قادمة.
والكل تابع الجوائز التي ذهبت إلى الحارس مارتنيز والهداف هالاند والنجم الشاب أو الواعد بلينجهام وأفضل لاعبة الإسبانية بونماتي، بينما ذهبت جائزة (سقراطيس) التي تمنح للمرة الثانية في تاريخ هذه للجائزة للبرازيلي الشاب جونيور فينيسوس وحصل مانشيستر سيتي على جائزة أفضل ناد بالعالم .
وفي هذا المقال لن أركز على الجوائز والفائزين بها لأن الغالبية شاهدوا الحفل مباشرة أو قرأوا ما نشرته الصحف والمواقع الرياضية، بل أركز على جائزة ( سقراطيس) للأعمال الخيرية ، هذه الجائزة تمكّن
من تحديد أفضل الأعمال التضامنية التي يقوم بها لاعبو ولاعبات كرة القدم الملتزمون بها والتي على ضوءها يتم مكافأة المبادرات لصالح التكامل الاجتماعي أو التنمية البيئية أو مساعدة السكان المعرّضين للخطر الشديد أو ضحايا الصراعات ومحاربة الفقر .
وتم اختيار إسم البرازيلي (سقراطيس) ، لاعب كرة القدم العبقري الذي توفي عام 2011، بسبب إنخراط لاعب الوسط الدولي البرازيلي في المسيرة الشهيرة “دمقرطة كورينثيانز”، حيث اتخذ فريق كورينثيانز الذي كان يدافع عن ألوانه الخيار الجريء لتقديم جميع قرارات النادي للتصويت.
وهذه الجائزة رغم أنها رياضية إلا أنها تخرج من رحم الإنسانية ، ليؤكد (الفيفا) بأن كرة القدم ليست مجرد رياضة أو لعبة .
الجائزة الأولى في عام ٢٠٢٢ ،منحت للسنغالي ساديو ماني، فمن هو وماذا قدم؟
ساديو ماني نجم فريق ليفربول وبايرن ميونخ وحاليا النصر السعودي ،منذ أن بدأ مسيرته في كرة القدم لم يكن مجرد محترف في المسابقات المحلية والأوروبية، بل لفت الأنظار بإنسانيته التي لا تتوقف وكرمه الكبير لمساعدة أهل بلدته في السنغال من خلال تحويل بلدته إلى مدينة بأعماله الخيرية حيث لا يتوقف ساديو ماني عن أعمال الخير تجاه بلدته السنغالية (بامبالي) التي ولد فيها وتعلم كرة القدم في شوارعها ،حيث أنفق ماني في الفترة الأخيرة أموالاً طائلة من حسابه الخاص من أجل تطوير بامبالي وتحويلها إلى مدينة متطورة فيها كل مقومات الحياة الأساسية.
فقد بنى ماني مستشفى خاصا في بامبالي بقيمة حوالي ٥٢٩ مليون يورو وذلك من أجل مساعدة السكان في الاستشفاء والتقديمات الطبية التي يحتاجها الإنسان، وسيوفر هذا المستشفى المساعدة لبلدة بامبالي و ٣٣ بلدة مجاورة أيضاً، وبنى مدرسة وصلت كلفة بنائها إلى حوالي ٢٩١ مليون يورو، ولا يقتصر دعم ماني على بناء مدرسة ومستشفى فقط، بل خصص المهاجم السنغالي مبلغ ٧٠ يورو شهرياً لكل عائلة من عائلات بلدته بامبالي وعدد سكانها ٢٠٠٠ شخص تقريباً، ما يعني أنه يصرف شهرياً حوالي ١٤٠ ألف يورو لمساعدة أهل بلدته وأوصل شبكة ٤ جي للإنترنت ومحطة وقود ، ما جعل الاتحاد الدولي يمنحه الجائزة كأول لاعب في العالم يحصل عليها.
بينما حصل عليها في هذا العام البرازيلي ج فينيسوس جونيور، عن الأعمال الخيرية والإنسانية التي تكفّل بها حيث قام بإنفاق مبلغ قدره ٣٣٥،٠٠٠يورو في عام ٢٠٢٢، وأكثر من ١ مليون يورو في عام ٢٠٢٣، ومبلغ ٢.٥ مليون يورو سيدفعهم في عام ٢٠٢٤، وذلك من أجل التطبيق التعليمي للفقراء في البرازيل إلى جانب رعايته لمراكز تعليم كرة القدم في بلاده، وتعدت الجائزة إلى أبعد من ذلك ،إذ منح فينيسوس رغم أن هناك لاعبين آخرين من أفريقيا وأمريكا الجنوبية وحتى أوربا الشرقية وآسيا ينفقون في الأعمال الخيرية، بسبب العنصرية التي تعرض لها في الدوري الإسباني في الموسمين الماضيين ، وهي تصرفات ممقوتة جملة وتفصيلا على مستوى الرياضة وحتى على المستوى الإنساني ، فالبشرية ترفض العنصرية والتمييز ،لذلك جاءت الجائزة رسالة لتعترض تلك التصرفات وتحدها وتبلّغ المدرجات والإعلام بأن صيحات وإيحاءات وشعارات العنصرية مرفوضة تماما.
ويواجه اللاعبون ذوي البشرة السمراء في الملاعب العالمية والأوربية تحديدا تصرفات عنصرية تجاهم ما يجعلهم يتأثرون ويتأذون منها ، لذلك فرضت عقوبات ضد الجماهير أو بعض جهات الإعلام التي تطلق ذلك.
هذه البادرة الرياضية وهي جائزة (سقراطيس) للأعمال الخيرية بادرة إنسانية تحسب للاتحاد الدولي لكرة القدم( فيفا).