مسقط – العربي
عقد مجلس أمناء المتحف الوطني، اليوم الأثنين، اجتماعه السابع، برئاسة معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة رئيس مجلس أمناء المتحف الوطني، وحضور سعادة الدكتور عبدالله بن خميس أمبوسعيدي، وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم، وسعادة السفير الشيخ حميد بن علي المعني، رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية، وسعادة جمال بن حسن الموسوي، أمين عام المتحف الوطني.
صاحب الاجتماع تدشين أصل مخطوطة “كتاب الفوائد في معرفة علم البحر والقواعد” للملاح العُماني شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي، والمعار من مكتبة الأسد الوطنية بالجمهورية العربية السورية، تحت رعاية معالي سالم بن محمد المحروقي، وزير التراث والسياحة، رئيس مجلس أمناء المتحف الوطني، وبمشاركة سعادة الدكتور بسام سيف الدين الخطيب، سفير الجمهورية العربية السورية المعتمد لدى السلطنة، وذلك بقاعة التاريخ البحري بالمتحف الوطني.
وصرح سعادة جمال بن حسن الموسوي، أمين عام المتحف الوطني حول هذه المخطوطة القيمة والنادرة قائلاً “إن عرض مخطوطة أحمد بن ماجد السعدي في علم البحار بالمتحف الوطني تأكيدًا على عُمانية هذه الشخصية العلمية والتاريخية الفريدة، والذي جاء في سياق التعاون القائم بين المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار والمتاحف بالجمهورية العربية السورية في إطار الدبلوماسية الثقافية التي ينتهجها المتحف الوطني، حيث تمت إعارة المخطوطة للمتحف لمدة عامين بغرض حفظها وصونها، وتم التنسيق مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من أجل إعادة هذه الوثيقة لحالتها الأصلية، من خلال تنفيذ برنامج متكامل للحفظ والصون والفهرسة والتنقيح، وتُعد هذه المخطوطة واحدة من بضع نسخ تم حفظها لمخطوطات أحمد بن ماجد السعدي على مستوى العالم، والتي تُعد أقدمها تلك المحفوظة في معهد المخطوطات الشرقية في سانت بطرسبورغ بروسيا الاتحادية”.
ومن جانبه صرح سعادة الدكتور بسام الخطيب، سفير الجمهورية العربية السورية المعتد لدى السلطنة: ” نحن هنا اليوم لنشهد حدثًا فريدًا يعكس عمق التلاقح الحضاري بين بلدين كانت لهما بصمة دائمة التأثير على مسيرة الحضارة الإنسانية وإن تدشين جاهزية مخطوطة أحمد بن ماجد السعدي بعنوان ” كتاب الفوائد في معرفة علم البحر والقواعد ” هو تعبير عن علاقة تقارب أصيل العمق وطويل الأمد بين السلطنة والجمهورية العربية السورية لأن المخطوط الأصل كان موجودًا بسلام في دمشق التي أرادته أن يزور أهله في مسقط، ولذلك فإن التعاون المهني ودبلوماسية الثقافة والأخوة التاريخية أدت إلى صدور مرسوم رئاسي سوري بإعارة المخطوط إلى الأهل في عُمان، حيث تمت صيانته وترميمه بالتعاون بين هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والمتحف الوطني، ليكون جاهزًا للعرض للجمهور كوثيقة تاريخية حول عراقة ثقافة البحر العُمانية، وقدرتها على خوض غمار البحار والمحيطات ناقلة الفكر والدين والتجارة والتواصل مع شعوب العالم وثقافاتها “.
ويشار إلى أن هذا المخطوط تم خطه في القرن الحادي عشر الهجري/القرن السادس عشر الميلادي، في فترة حكم أسرة النباهنة، ويبلغ عدد أوراقها (١٧٥) ورقة، وعدد صفحاتها (٣٥٠) صفحة، وعدد الأسطر في كل صفحة (٢٣) سطرًا، وجاءت ألوان المداد المستخدم في الأسود في كتابة النصوص، والأحمر في كتابة العناوين، ويحيط بالمتن إطاران باللون الأحمر، وفيما يتعلق بنوع الخط العربي المستخدم في كتابتها فهو خط النسخ.
وتضمن المخطوط أكثر من عنوان لمؤلفات شهاب الدين أحمد بن ماجد المشهورة، وهي: المجموع الأول الفوائد في علم البحر والقواعد، والذي تم الانتهاء من نسخها بتاريخ (١٧ رَبِيعٍ الثاني ٩٨٤ھ/١٣ يوليو ١٥٧٦م)، وحوت على (١٨) فائدة أهمها البحر وأسباب ركوبه والقياسات ومنازل القمر والإشارات والجزر والسواحل وموسم الاسفار وبحر القلزم وطريق الحجاج وبعض النوادر والحكم، ويقدر عمر هذا المجموع (٤٤٤) سنة تقريبًا.
كما تضمن المجموع الثاني حاوية الاختصار في أصول علم البحار، وهي عبارة عن أراجيز شعرية مكونة من (١١) فصلاً، أما المجموع الثالث فتضمن الأراجيز حيث احتوت على (١٤) أرجوزة، بالإضافة إلى (٨) فصول أخرى تتعلق بعلم الملاحة البحرية.
يُذكر أن شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي ( ٨٢٥-٩٠٦ھ /١٤٢١ -١٥٠٠م ) عالم الملاحة العربي العُماني، وُلد في جلفار، وتلقى تعليمه الأول على يد والده ماجد بن محمد السعدي، الذي كان ربانًا بحريًا مرموقًا، وعُرف أحمد بن ماجد بأنه من أشهر الملاحين في المحيط الهندي، ومن علماء فن الملاحة وتاريخه عند العرب، إذ اخترع الإبرة المغناطيسية (البوصلة) المستعملة في تحديد اتجاهات الرحلات البحرية، وترك آثارًا علمية عديدة في علوم البحار جاوزت (٤٠) كتابًا ومنظومة، أهمها: الأرجوزة التائية، والأرجوزة السفالية، والأرجوزة المعلقية، وأرجوزة تصنيف قبلة الإسلام في جميع الدنيا، وأرجوزة “حاوية الاختصار في أصول علم البحار”، والنونية الكبرى.
ومن أشهر مؤلفاته كذلك كتاب” الفوائد في أصول علم البحر والقواعد”، فقد صنفه سنة(٨٨٠- ٨٩٥ ھ/١٤٧٥- ١٤٩٠م) في أواخر عمره، ومن ألقابه شهاب الدين وأسد البحار، وكان محل اهتمام المستشرقين من أمثال المستشرق الفرنسي غبريال فران (١٩٢٥م) ،والمستشرق الإنجليزي جيرالد تبتس (١٩٧٠م)وغيرهم، لما له من معرفة كبيرة في كل ما يتعلق بصناعة السفن والبوصلة وصفات الربان ومعرفة البلدان وتاريخها ومواعيد السفر إليها، وغيرها.