يلاحظ أن كل كوارث العالم المعاصر محدودة بزمان ومكان إلا كارثة فيروس كورونا الصغير الحجم، الكبير الأثر، والشديد الضرر، فلم تنحصر في مكان ولا زمان معين، مما جعل الكثير من الدّول والهيئات التدريسية تتجه مؤخراً إلى التّعليم عن بعد كبديل عن التّعليم التّقليدي القديم.
فمنذ ظهور التعليم في الساحة العُمانية لم يحدث هذا الجدل الذي حدث في الآونة الأخيرة حول ما هو مصير التعليم في ظل جائحة كورونا؟ بدأت الأصوات بالتعالي منها من هم في مناهضة لاستمرارية التعليم وأخرى مُدافعة. وطال الأخذ والعطاء والتجاذبات إلى أن صدر البيان الوزاري الحاسم من اللجنة العليا بإنهاء العام الدراسي لجميع المراحل مع الأخذ بدرجات الفصل الأول كدرجات النجاح، وما كان لمؤسسات التعليم العالي إلا أن تحذو حذو العالم باتخاذ التعليم عن بعد وسيلة لاستكمال العام الدراسي دون أي عرقلة أو تأخير.
وبغض النظر عن كل ما يتم تداوله عن إجراءات إنهاء العام الدراسي المنصرم بإيجابياتها وسلبياتها إلا أنه واقع فرض على الجميع بدون استثناء في ظروف استثنائية. فيما أنه مازال الفيروس يكتسح العالم وينتشر بسرعة البرق في أرجاء المعمورة، مما أرعب الناس وأرهبهم ونشر الذعر بينهم.
حيث بقي الجميع في تخّبط فيما يتعلق بالدراسة في الفصل الثاني من هذا العام ٢٠٢١م والذي يتوقع البعض أنه سيكون تحت رحمة استمرار الوباء، وهنا بؤرة الخطورة، كلنا يعلم بأن التعامل المباشر مع الطالب أفضل بكثير في إيصال المعلومات ورصد التفاعل ودقة التحصيل والتقييم، وربما فرضت علينا الظروف الحالية التعليم عن بُعد.
ولاننسى دور الوزارة لإيجاد طرق ملائمة لإكمال عملية التعليم بشكل سلس ومُيسر في هذه الظروف الملتبسة، ومهما كانت الطرق والوسائل إلا أنها بالتأكيد لن ترضي الجميع. فلكل أسرة ظروفها المُغايرة، ومن لديه أكثر من ثلاثة أبناء وفي مراحل دراسية متباينة سيشعر بالضغط في توفير الأجهزة الملائمة لهم، بحيث يأخذ الطالب حقه في حضور الحصص إضافة إلى صعوبة تعامل الطلاب مع البرامج الخاصة بالتعليم عن بعد وحاجتهم إلى من يكون إلى جانبهم من أولياء الأمور أثناء الدراسة، وفي ذلك الوقت سيكون أولياء الأمور منتظمين في وظائفهم.
والسؤال الذي يُطرح الآن ما الذي يريده المجتمع من تعليم الأبناء؟ هل هو مجرد إيصال المعلومات ولو بشكل جامد؟ أم يريد التعليم بمفهومه الشامل الذي يتضمن التربية واكتساب القيم والخبرات والمهارات والمعلومات في بيئة صحية؟ لن يتحقق ذلك حتمًا من خلال التعليم عن بعد، إضافة لغياب البعد الإنساني الاجتماعي بعدم وجود التواصل الحي مع المدرسين والزملاء مما يسبب فجوة كبيرة بين الأفراد مستقبلاً.
لا ننسى آراء ومقترحات بعض التربويين حول مصير التعليم في ظل جائحة كورونا فيقول علي بن أحمد المشيخي (ولي أمر ورئيس مجلس آباء): إننا نتمنى كأولياء أمور توفير بدائل تعليمية للطلاب، خصوصًا في حالة حدوث أي طارئ أو أزمة، وأيضًا نتمنى ربط الطلاب وتدريبهم على تقنيات التعلّم ، لأن المرحلة اليوم تتطلب من الطالب، أن يكون متمكنًا من التقنية الحديثة، حتى تساعده على تطوير مهاراته، وتنمية قدراته، واختيار تخصصه، واستكمال مشواره التعليمي.
من جهة شيدت د. شريفة بنت عبدالله اليافعية (مديرة مساعدة بتعليمية ظفار): يعد التعليم عن بعد وسيلة مهمة لتوفير البيئة التعليمية للطالب في العالم الافتراضي، وظهر هذا النوع من التعليم؛ بهدف تقديم الاحتياجات التعليمية للطلبة، الذين لا يستطيعون الذهاب للمدارس و الجامعات بشكل يومي أو شبه يومي.
ويجب على جميع المؤسسات التعليمية في وزارة التربية والتعليم، والجامعات والمدارس تكثيف العمل على تطوير المناهج بحيث تكون متآلفة وموازية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات(ICT) والتعلم عن بُعد. فمع التطور الشخصي والفكري الذي بات يحدث بعد تفشي هذه الجائحة للكادر التعليمي والطلاب وأولياء الأمور أصبح من الضروري إعادة النظر في المناهج، ومدى ملائمتها للتطور الحاصل في المجال التعليمي والتربوي والعلمي والتطور الفكري للمعلمين و الطلاب وأولياء الأمور. كما يجب تتابع توفير التدريب والدعم لهذه الكوادر التعليمية لتمكينهم من مواجهة أي موقف في المستقبل وحثهم على الاستمرار في إستخدام التكنولوجيا والمنصات المختلفة في التدريس والتواصل مع طلبتهم الذين ينتمون إلى جيل التكنولوجيا.