كنت دائماً أحب الرحلات الطويلة خاصةً تلگ البرّية و كنت أحرص على ترتيب أدق التفاصيل استعداداً لها و أسعى فرِحةً لأكون أميرتها ، دون ملل ،، اتذكر تماماً كيف كان وجهي يتأجج بشاشة ، اتذكر بدقة ماذا كانت تقول لي أمي عند كل رحلة ، ” أسألوا أختكم هي المسؤولة دوماً …” ، كبُر إخوتي و كبُرت ، و تحولت تلگ البشاشة الوديعة إلى خوف و حذر و ترقُّب، ضاق نطاق الصبر و أصبحت أستعجل النهايات و اعتذر عن كل الرحلات الطويلة ، و خاصةً تلگ الرحلات التي لا تنتمي للطَوع أبداً ، التي تشِّف بدايتها عن نهايتها ، فرحلة التجاهل موجعة و رحلة الصمت مُملّة ، و رحلة المرض مُفجِعة و رحلة كورونا على الأرجح مُميته …..
و عن تلگ الأخيرة خُطفَ مِن مُحيطي من ظننت طول رحلتهم في هذه الحياة ، دون مقدمات دون إذن ، و دون رحلة عودة ،،
تجعلني دائماً أترَقّب ” من التالي ،،
بعد التحيّة ،، تطوِّق أغلب من تعانقهم و تحذفه في محطة الرحيل ،،
لا تشبع لا تهدأ لا تُردع ولا تمَل …
ليس لها هوية أو وجهه معينة ، تفاصيلها تختلف تماماً في كل مرّة ،،
تلتهم كل ما تمتلكه و تتسبب دائماً في خيبة الآمال
كورونا هي الرحلة الأسوأ على الإطلاق ، بل رُبما هي الشر الذي خلا تماماً من كل الخير ،.