أكدت جامعة الدول العربية، أن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المتواصل على أبناء الشعب الفلسطيني والتي ترقى إلى جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية، لا يمكن تمريرها دون مساءلة ومحاسبة، مشددة على ضرورة قيام آليات العدالة الدولية بدورها في ملاحقة الجناة ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب.
جاء ذلك في كلمة للسفير سعيد أبو علي الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة 111 لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، والتي عقدت اليوم بمقر الجامعة العربية بالقاهرة.
وقال أبو علي، إن العدوان الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية وقطاع غزة أسفر منذ مطلع السابع من أكتوبر 2023 عن تدمير ممنهج لكافة مقومات الحياة في قطاع غزة جراء حرب إبادة جماعية هي الأكثر همجية في سجلات التاريخ الحديث، أدت إلى أكثر من 130 ألفا بين شهيد وجريح ومفقود، واعتقال أكثر من 5 آلاف، ونزوح مليوني شخص داخليا، مع تدمير أكثر من 70 بالمئة من المباني السكنية و80 بالمئة من المرافق التجارية و155 منشأة صحية و3 كنائس و239 مسجدا بشكل كلي، حيث ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 3500 مجزرة مروعة واستخدم 77 ألف طن من المتفجرات ضد الشعب الفلسطيني.
وأضاف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أنه بحسب التقديرات الأولية فإن الخسائر الاقتصادية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية حتى الآن بلغت 33 مليار دولار، وأن الاقتصاد الفلسطيني يخسر يوميا 20 مليون دولار، بالإضافة إلى ما يتعرض له سكان قطاع غزة من تجويع قاتل بسياسة إسرائيلية ممنهجة لفرض التهجير القسري الذي يرفضه أبناء غزة رفضا مطلقا بكل قوة وعنفوان، مهما بلغ حجم التضحيات والمعاناة، كما يسطرون ملحمة الصمود والبقاء الفلسطينية.
واعتبر أبو علي أن الوضع في الضفة الغربية لا يقل خطورة عما يجري في قطاع غزة من حيث الاستهداف واستغلال سلطة الاحتلال الإسرائيلي انشغال العالم وتركيزه على مجريات العدوان الهمجي على القطاع؛ ليواصل التصعيد في تنفيذ سياساته العدوانية في الضفة الغربية، على القدس وكافة المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية؛ ما أسفر عن استشهاد حوالي خمسمئة فلسطيني واعتقال حوالي تسعة آلاف، مع تدمير ممنهج للبنية التحتية.
وأشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، إلى أن عصابات المستوطنين المسلحة تواصل في نفس الوقت وبدعم مباشر من جيش الاحتلال، ممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة في إطار سياسة الاحتلال الرسمية الممنهجة من حرق واقتلاع وتدمير للممتلكات وفرض العزل والإغلاقات إلى تنفيذ الإعدامات الميدانية والتوسع الاستيطاني والتهويد والتمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري، بالإضافة للحصار والاستهداف المتصاعد للسلطة الوطنية الفلسطينية ومحاولات تقويضها بشتى السبل السياسية والمالية والاقتصادية، بما يشمل سلب أموال المقاصة ومحاولات عزل البنوك الفلسطينية.
وطالب أبو علي، المجتمع الدولي بدوله الفاعلة ومنظماته وهيئاته بتحمل مسؤولياته، وتجاوز حالة عجزه المزمنة ومعاييره المزدوجة التي شجعت الاحتلال على التمادي في ارتكاب المجازر المروعة، وذلك باتخاذ موقف حاسم، وإجراءات عملية لإنهاء هذا العدوان والتحرك فورا لإطلاق عملية سياسية في إطار زمني محدد يفضي إلى معالجة جذور وأسباب حلقات الصراع المستمرة منذ أكثر من سبعة عقود، بتطبيق حل الدولتين وإقامة الدول الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية وما نصت عليه مبادرة السلام العربية، مشيرا إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره.
ووجه الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، التحية والتقدير للدول التي انتصرت للإنسانية وللعدالة الدولية، مشيرا في هذا الصدد إلى دور جنوب إفريقيا والدول التي انضمت لها في دعواها أمام محكمة العدل الدولية، كما أعرب عن الشكر والتقدير للدول التي أعلنت مؤخرا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، داعيا الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ هذه الخطوة المهمة لتعزيز فرص السلام.
وعبر أبو علي عن عميق التقدير لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة /أونروا/ ولمفوضها العام وكافة العاملين فيها، لجهودهم الكبيرة أثناء هذا العدوان الإسرائيلي المتواصل والذي استهدف منذ اللحظة الأولى بصورة متعمدة وكالة الأونروا ومنشآتها وموظفيها؛ ما أدى إلى استشهاد 191 من العاملين بالوكالة، وتوجيه الاتهامات دون دليل لحياديتها ونزاهتها بهدف إنهاء دورها ووجودها، منوها بأنه قد كانت آخر تلك المحاولات إقرار الكنيست الإسرائيلي قبل أيام بالقراءة التمهيدية مشروع قرار يهدف إلى قطع العلاقات مع الأونروا وتصنيفها زورا كمنظمة إرهابية، وهو أمر بالغ الخطورة يتطلب تكثيف الجهد المنسق للمواجهة بكل الإمكانات المتاحة.