عند تصفح قمر النايس ستات و العرب سات نلاحظ عدد كبير من القنوات العربية الغزيرة بانتاجها الاعلامي بكافة الصعد الترفيه و الوثائقيات و البرامج و الاخبار، عدد كبير من القنوات التلفزيونية تعرض محتواها الاعلامي بكل انواعه للجمهور، وتشترك كل القنوات العربية بخاصية واحدة وهي “المجانية”.
مجانية الاعلام في العالم العربي صفة جيدة و غير جيدة في وقت واحد !.
جيدة لصناعة جمهور داخلي يتعلق بالشاشات المحلية و يشاهد محتواها المحلي ويتاثر به و تؤثر هذه القنوات بالجمهور الداخلي خاصة بقضايا العادات والتقاليد الاجتماعية وبناء الافكار الخاصة بالدولة، كذلك هي مفيدة للتنمية والتثقيف و الترفيه و التعليم والكثير غير ذلك لرفع مستوى الجمهور الفكري و النفسي.
غير جيدة، لان كل ماذكر من محتوى اعلامي هو مكلف للمنتج “شركة او حكومة او افراد” و في كثير من الاحيان حجم الانتاج المالي لا يعوض مباشرة من الاعلانات او اي نوع من التمويل الا بعد مدة طويلة وقد لايكون التعويض مجدي “اي يصل الى نفس تكلفة الانتاج بعد مدة طويلة”، كما ان الاجور التشغيلية “اجور البث و تجديد التراخيص وفواتير الكهرباء و الماء و الايجار و صيانة المعدات والرواتب” تكلف ادارة القناة “شخص او شركة او حكومة” ارقام عالية وهي تستمر بالارتفاع بشكل دوري، بالتالي اكثر هذه القنوات تبدأ بالبحث عن ممول متمكن ماديا او قد تكون حكومية لتصلها حزمة مالية من ميزانية الدولة او بمساهمة مختلطة “بين الحكومة والافراد” هذه الحالات تؤثر على القنوات وتجعلها
غير مواكبة للتطور التقني “خاصة القنوات الحكومية او الخاصة ضعيفة التمويل” برامجها غير مؤثرة ولا تملك جمهور شديد المتابعة انتاج المحتوى الاعلامي غير مربح قنوات متذبذبة “ترتفع وتتجدد مع التمويل وتتوقف عن ذلك مع انقطاع التمويل”
بالمقابل “الاعلام مدفوع الثمن” والذي لايمكن مشاهدة محتواه الا بعد دفع اجور مالية يحقق هدفين مهمين
الاول: تاثير بالجمهور وخلق مشاهدين متمسكين بمحتوى القناة او الجهة المنتجة
الثاني: تحقق ارباح كبيرة من محتواها والذي يدعم القناة و موظفيها ماليا
على سبيل المثال قناة بي بي سي ميزانيتها اكثر من ٣ مليار جنيه استرليني بالاضافة الى الارباح الاخرى والتمويل الحكومي البالغ ٩٠ مليون جنيه استرليني “معظمه ياتي من رسوم الاشتراكات السنوية تقطع من المواطنين والبالغة ١٥٩ جنيه استرليني” وقد انفقت عام بين عامي ٢٠ -٢١ على انتاج الأخبار ٣١٠ مليون جنيه إسترليني، تليها الأفلام الوثائقية والدراما ٢٨٩ مليون جنيه إسترليني، اما الإذاعة البريطانية انفقت في الفنون والموسيقى ٣٠ مليون جنيه إسترليني.
بالنسبة للبرامج والترفيهية والوثائقيات والافلام والمسلسلات ناخذ “نيتفليكس” كمثال صافي ارباحه عام ٢٠٢١ “اي بعد دفع كل مستحقاته و اجوره وفواتيره” كان اكثر من ٥ مليار دولار، والكثير من الامثلة الاخرى على “نجاح الاعلام المدفوع” في صناعة ارباح كبيرة تاثير عالي في الجمهور حيث يتمسك بدفع اجور شهرية لمشاهدة المحتوى صناعة جمهور متابع بشدة استمرار التطور و المنافسة توسع وتطور كبير على كل الصعد في الاعلام المدفوع.
لماذا لا يكون اعلامنا مدفوع !
واحدة من الاسئلة الجوهرية لماذا لا يكون الاعلام في الدول العربية مدفوع “مثال الاردن تستقطع ماقيمته دينار و نصف ضريبة تلفزيون تذهب الى تطوير القرى و الارياف وهي خطوة جيدة جدا من خلال التلفزيون يتم تطوير القرى والارياف”، الدفع مقابل الاعلام ينتج جمهور متابع شديد التمسك بما ينتجه اعلامنا وسيكون الاعلام منافس بشدة لان تمويله مستمر وفي ارتفاع و انتاجه متطور و تقنياته مواكبة للحداثة نظرا لضغط الجمهور الذي يدفع اشتراكات لمشاهدة المحتوى والذي سيكون سباق ومنافس ومتجدد والاهم ان من يشعر انه لايحتاج لمتابعة الترفيه او السياسة او الاخبار لن يدفع للحصول على بث بل سيستقبل الاخبار من البرامج الاخبارية على الهاتف فقط و واقعيا هي تمثل حاجاته اي لا حاجه لهذا الفرد لمشاهدة التلفاز، وكذلك متابعو المسلسلات لن يتابعوا اي انتاج فني اذا لم يكن على قدر من الاهمية و الاستحقاق للمتابعة و ان هذا الانتاج يستحق الدفع للمشاهدة.
دور اتحاد الاذاعات و التلفزيونات العربي
تجدر الاشارة الى ان الدول “اوروبا والولايات المتحدة”تمنع خدمة الصحن الفضائي دون فرض اجور عالية جدا يذهب جزء منها الى القنوات ايضا، بالتالي يجب فرض رسوم على استقبال البث الخارجي او منعه بالمقابل وقبل اصدار هكذا قرار يجب ارتقاء القنوات الى مستوى التنافسية مع القنوات العربية، اذا بعد الارتقاء تتم العودة الى الاتحاد لوضع قوانين و تشريعات تمنع بث القنوات الاخرى الى داخل البلاد لكي لا تكون “بديلة للقنوات المحلية المدفوعة “بالتالي تفشل القنوات المحلية المدفوعة في منافسة الاعلام المجاني، ان هكذا اجراء وان كان يبدو “قاسي وغريب” لكنه منتشر في الدول المتقدمة لكي تدعم اعلامها الداخلي و تجعله منافس على المستوى الدولي.
الخلاصة تكون في ان الاعلام المجاني كان ولايزال محدود لانه ينتج وينشر دون مقابل معتمدا على دعم مالي ضعيف وجمهور غير متمسك به، او على ميزانية دولة، بالمقابل الاعلام المدفوع يتقدم و يتوسع و يكسب جمهور كبير شديد التمسك بمحتواه مستعد لدعمه باجور مالية لكي يستمر بالمشاهدة، هذا الفرق الجوهري يبقي اعلام الدول المتقدمة و كيف يتفوق على اعلامنا العربي و المحلي.